كتب غسان شمه:
بدأ العالم بإيقاف ساعاته الخاصة ليضبط الوقت والزمن على ايقاع «بيغ بن» البرازيلية التي ستطلق عند الساعة الحادية عشرة من مساء الخميس القادم
صفارة الجنون الكروي في بلاد السامبا.. البلاد التي رفعت الكأس الأغلى لخمس مرات منفردة برقم ربما يزداد هذا العام رغم العيون الكثيرة التي ترنو إلى خطفه من بلاد السحرة..!
في البرازيل يفتخرون بالسامبا وسحر الكرة وأقل من ذلك بكثير بالفقر الذي ألهم الكثير من لاعبي الكرة فنوناً ألهبت مشاعر عشاق الكرة في كل مكان وقد شهدت بطولات العالم السابقة أحداثاً كثيرة ومتنوعة كان أبرزها الحضور الدائم لسحرة السامبا وعدم خروج الماكينات الألمانية من الدور الأول خلال مشاركاتها، ويد مارادونا ، وعجائب بلاد البيتزا مع بيرزوت وقلق بلاد الطواحين الخائبة.. إلى ذلك الكثير من الحديث عن مآسي التحكيم وحظوظ اللاعبين وعيون المراقبين على المواهب الجديدة..!
لمن اللقب الجديد؟
ينتظر العالم كله أن تكسر إحدى الدول الأوروبية مألوف العادة الذي درجت عليه البطولات السابقة، فقد كان الكأس لأبناء القارة التي تنظم البطولة باستثناء عام 1958 حيث سرق الجوهرة بيليه مع رفاقه اللقب من بين براثن الدولة المنظمة السويد.. فهل يسرق الأوروبيون الأضواء من البرازيليين والأرجنتينيين و.. أم إن التاريخ سيفرض نفسه؟!
كثيرة هي الفرق التي تحلم بمداعبة الكأس الذهبية، فميسي ورفاقه من أكبر الطامحين إلى كأس ثالثة، والبرازيليون أصحاب الأرض والحظوظ الكبيرة يريدون السادسة، والطليان يحلمون بالخامسة ، فيما الماكينات- المرشح الدائم للذهاب بعيداً- ينظرون إلى الكأس الرابعة بعين تملؤها الثقة، وهنا يدخل الاسبان بفريقهم الذهبي على خط المنافسة والأحلام وفي سجلهم النسخ الثلاث الأخيرة من كأسي أوروبا والعالم.. لكن لا نستطيع أن نتجاهل الفريق الانكليزي، ولا الطموح الفرنسي بديوكه الكبار.. وسيدخل على الخط التاريخ ليذكرنا بالاورغواي فهل هي قادرة فعلاً على استعادة « نوادر» هذا التاريخ حين سرقت اللقب من البرازيل وبالفوز على السحرة عام 1950؟
إلى كل ما سبق هناك أبطال الكرة الشاملة الذين أبدعوا أكثر من مرة لكن اللقب عاندهم وخسروا النهائي ثلاث مرات بدءاً من عام 1974 بوجود الطائر كرويف، ثم عاد عام 1978 بطريقة عجيبة وآخرها النسخة السابقة أمام الاسبان واليوم يبدو فان غال ورجاله على أتم الاستعداد لمحاولة جديدة..!
ولن ننسى بالطبع المفاجآت التي قد تحدث في هذه المجموعة أو تلك لكن السؤال إلى أي مدى يمكن أن تصل ؟ وهل سنفاجأ بفريق يحطم كل المقاييس التاريخية والفنية ويفعل المستحيل؟
يبدو* لنا أنه من الصعب جداً أن يحدث ذلك فما زال التاريخ بسطوته حاضراً مدعوماً بكتائب من نجوم الكرة وكبار مواهبها وأصحاب ابداعاتها الفنية الصارخة في تلك الفرق التي أثبتت نفسها على اللائحة بجدارة وسيكون تخطي معظمها من قبل أحد الفرق القادمة «لصنع مفاجآت » ليس بالأمر السهل.. وفيما هناك فرق تكمن سعادتها في خوض المنافسات نفسها..!
الولادة الصعبة
لم يكن قرار إقامة أول بطولة لكأس العام منسوجاً على حرير الموافقة الأوروبية بل جوبه بالرفض بسبب الأوضاع الاقتصادية الأوروبية وصعوبة السفر إلى الأورغواي التي اختارها اتحاد الكرة الدولي مضيفاً لأول نسخة حيث وقع الاختيار عليها من قبل الفيفا في أيار 1928، ثم تم التصويت من قبل المشاركين في مؤتمر برشلونة «18 أيار 1929» لمنح الأورغواي شرف استضافة هذا الحدث الجديد بسبب حصولها على اللقب الأولمبي ولاحتفالاتها بالذكرى المئوية للاستقلال وتلك كانت الأسباب القوية التي تمسك بها الفيفا لإقامة البطولة في احدى دول أميركا اللاتينية لكن البطولة كادت تقام بلا مشاركة أوروبية لولا الجهود الكبيرة جداً من قبل جول ريمييه التي انتهت بموافقة أربع دول أوروبية على المشاركة .. والطريف أن المنتخب الروماني شارك بقرار من الملك الذي منح لاعبي الفريق اجازة مأجورة لثلاثة أشهر.. وبذلك وصل عدد الفرق إلى 13 من بينها سبعة من أميركا اللاتينية وفريقا الولايات المتحدة الأميركية والمكسيك رغم أن القرار بالمشاركة فتح أمام جميع الأعضاء المنتسبين إلى الفيفا.
كلمة أخيرة
مما يؤسف له سرقة فرح الكثيرين ممن لايستطيعون الاشتراك بما هو مفروض ، بعد أن كانت اللعبة الشعبية الأولى في العالم متعة الفقراء من عشاق الكرة.. لكن الجشع التجاري والذي سبق العولمة أو مهد لها كان أحد الأسباب في صناعة نجوم من« ألماس وذهب» ويريدون مايوازيهم لكي يستمروا في تبادل مصالحهم . وهذا للأسف ينطبق على بلاد لاتنتمي لأوروبا أو أميركا مايجعلنا نبدي دهشة ممزوجة بالمرارة من واقع الشركة التي تريد التهام كل شيء..!!