ليس أسوأ ولاأكثر تشويهاً للحقيقة من الحديث أو التطرق الى جانب بسيط من الصورة, ومن ثم الترويج على إن هذا الجانب الصغير هو الصورة الكاملة
وليس هناك مكونات لواقع غيره, فتحسم المواقف والحقائق على أساس ذلك الجانب في الوقت الذي تغيب عنه حقائق كثيرة تبقى مختبئة في الجوانب الغائبة أو المغيبة من الصورة, ولايمكن إظهار الحقيقة كاملة إلا بوضع تلك الصورة بالكامل على مرمى النظر لرؤيتها وتقويمها كما هي بمنتهى الموضوعية والانصاف, وحتى لايقال إننا نتحدث عن أوهام مفترضة أو عن عموميات لامعنى لها فإننا سوف نضطر الى الاسشارة لبعض ردات الفعل حول قرار تعديل نظام الاحتراف الذي اصدره اتحاد كرة السلة مؤخراً, الذي قضى بتحديد رواتب ومقدمات عقود اللاعبين, فمعظم لاعبينا أبدوا استياءهم حيال هذا القرار, بأن الاحتراف بمفهومه الحقيقي مازال بعيداً عن أجوائنا الرياضية, وإن المسؤولين على رياضتنا لم يدرسوا أو يقدموا شيئاً جديداً لهذا الاحتراف وإننا مازلنا نلعب بعقلية هواة, وثمة سؤال يتبادر الى الذهن, إذا افترضنا بأن المسؤولين عن نظام الاحتراف قد أخطاؤوا أو أهملوا نقاطاً اساسية لهذا النظام, ترى ماذا قدم لاعبونا للاحتراف ولأنديتهم, وهل ساعدوا في إنجاح الاحتراف أم كانوا سبباً في إفشاله الى حد التلاشي.
الانتماء
إذا كان من المجدي ان نستعيد اليوم بعضاً من الاحلام, فإنما ينبغي ان نعيد شريط الذكريات الجميلة الى الوراء من أجل التباكي على أيام تخلفنا الرياضي السلوي,أيام الهواية عندما كانوا يلهثون وراء كرة لاتملك من مقومات حضورها اكثر من الهواء الذي يحشو جوفها والحب الذي يكنه لها ابناؤها, وسقى الله أيام زمان لااحتراف ولامقدمات عقود,فعلى ما يبدو في أيام احترافنا هذه بأن كلمة الانتماء للنادي وللرياضة لم تعد موجودة في قواميس لاعبينا لأنهم فهموا الاحتراف على إنه فلوس فقط, وقد نسوا أو تناسوا بأن واجباتهم تجاه أنديتهم, كأنهم أصيبوا بفقدان ذاكرة جزئي فيتذكرون مايريدون ومايتوافق مع مصلحتهم ويهملون غير ذلك, لابل اصبح بعضهم مرضى الفكر التبريري والاعتراف بالذنب أمر لايناسبهم, وأضحوا يلهثون وراء قرش زيادة ولافرق حتى لو لعبوا مع أندية من الدرجة الثانية, فرفقاً بأنديتكم أيها اللاعبون, وعليكم أن تكونوا صادقين ومنصفين مع أنفسكم لتجيبوا على سؤال هام, هل كنتم حقاً على قدر العطاء.
رواتب وشهادات
لماذا التذمر والاستنكار أيها اللاعبون من هذا القرار الذي حدد رواتبكم بشكل يتناسب مع ما تقدمونه للرياضة صحيح إننا نضم أصواتنا الى أصوات من ينادي بتحسين الوضع الرياضي بكافة مفاصله, وصحيح أن واقعنا الرياضي اصبح بحاجة الى قفزة إصلاحية نوعية تجاري روح العصر الذي نحن فيه, إلا إنه من غير الصحيح أن لانقبل ونقدر حجم الصعوبات التي تواجهها أنديتنا لتأمين هكذا رواتب, فإذا افترضنا بأن جميع لاعبينا الوطنين يحملون شهادات جامعية وهذا افتراض,لأن الحقيقة تقول بأن معظم لاعبينا لايحملون سوى شهادات ثانوية أو إعدادية, وإذا ما دخلنا الى الحالة الاقتصادية للرواتب والأجور, فإن سقف راتب الشهادة الجامعية لدينا بعد مضي عشرين عاماً تصل الى (16) الف ليرة سورية,بالمقابل نرى بأن رواتب بعض لاعبينا تصل الى 50 ألف شهرياً وما دون, وهذه الأرقام تعد خيالية ضمن مجتمعنا, وقد يسأل البعض ما دخل الشهادة بالرياضة, صحيح إننا من خلال هذه المقارنة البسيطة أردنا ان نوصل فكرة للاعبينا يمكن نسوها, بأن أنديتنا على الرغم من ظروفها الصعبة تحاول جاهدة تقديم ما بوسعها تجاه لاعبيها , لكن من غير الممكن والمعقول أن يبقى التذمر والتمرد واللامبالاة عناوين وشعارات تجاه الأندية, فما فائدة المال في زمن تلاشى فيه الانتماء والمحبة والوفاء.
لابد
لانغالي كثيراً إذا قلنا بأن هذا القرار قد يحدث شرخاً كبيراً وبوناً شاسعاً بين اللاعب وناديه, إذا لم تكن هناك حلول سريعة وناجعة لايجاد السبل الكفيلة لرأب هذا الشرخ واعادة الثقة بين الطرفين, وهذا لايتم بالشعارات المستهلكة ولا بأحاديث الموبايلات بل يلزمه حلول وجلسات ود بين جميع الأطراف لجعل هذه القرارات مهضومة تتماشى مع مصالح الجميع بعيدة عن التشنج والانقباض, ليتحول هذا القرار من عبء ثقيل نزرح تحته الى محرك يطير بنا الى المستقبل, وأعتقد بأننا قادرون على ذلك بالرغم من وجود البائسين .