ما بين التهديد بخسارة مَن لا يدفع أو الانسحاب … فمن يدفع الثمن?

متى ستصل كرة القدم السورية إلى حالة من الثبات تساعدها على التفكير بتفاصيلها الفنية بدل الغرق بمتاهة التفسيرات والتأويلات والاجتهادات?

fiogf49gjkf0d


متى سيعرف كلّ مفصل من مفاصل هذه اللعبة أين يقف وعلى ماذا يستند وأين تبدأ حدوده وأين ومتى تنتهي هذه الحدود?‏



ومتى سنصل كمتابعين لهذه الكرة المجنونة إلى حالة القناعة التامة بما يحدث في أروقتها ودهاليزها?‏


عندما نلتقي كلّ سنة مع مؤتمر اللعبة ويأتي المشاركون بهذا المؤتمر من كلّ حدبٍ وصوب ليقلّبوا أوراق واقعنا الكروي ونرى الوجوه التي احتشدت لهذه الغاية نتفاءل كثيراً, فهذا أمضى (02) عاماً في الملاعب وذاك يدرّب منذ ربع قرن, وثالث احتضن الكرة منذ أن عانق الحياة..الخ‏


عندما نسمع ما تنضح به أفكارهم نقف على عتبة الأمل الأكبر, لكن ما أن نخرج من قاعة المؤتمر حتى ننسى كلّ ما دار فيه, ونعود على مستنقع تخلّفنا الكروي الذي يكاد يتسع ليشمل المساحة الأكبر من هذه الكرة..‏


في سنوات سابقة كان يأتينا الكلام من نادٍ معيّن: نحن مستعدون لدفع أي مبلغ شرط ألا ينقلوا لنا أي مباراة خارج أرضنا, وكنّا نأخذ بهذا الكلام لأنه الأنفع لكرتنا لكن ما إن أصبح هذا الأمر واقعاً وبدأ العمل به منذ مطلع هذا الموسم حتى أصبح مشكلة المشاكل بالنسبة لأنديتنا!‏


ما الذي تريده أنديتنا?‏


هذا السؤال بدأ يتحوّل إلى أحجية يصعب حلّها وقد شهد الأسبوع الماضي الكثير من الاحتجاجات على مطالبة اتحاد الكرة بضرورة دفع ما يترتب على هذه الأندية وكأن ممثلي هذه الأندية كانوا نائمين في مؤتمر اللعبة الذي أقرّ هذه المسألة!‏


كلّهم رفعوا أيديهم موافقين, وكلّهم سيرفعون أيديهم هذه السنة بالموافقة على إلغاء هذه العقوبات والعودة إلى قصة نقل المباريات أو اللعب من دون جمهور لتعود الأندية في السنة التي ستليها على المطالبة برفع عقوبة نقل المباريات وربما يعودون إلى العقوبات المالية وهكذا في مراهقة كروية قد لا نجدها إلا في ملاعبنا المحلية.‏


المشكلة هي نفسها التي نتحدث عنها منذ أن شرّف السيد (احتراف) إلى ملاعبنا لا لعيب فيه وإنما العيب في آلية استقبالنا له وبدل أن نخرج بمن يعرفون قيمة هذا الضيف احتضنه حرّاس الهواية أنفسهم فلله درّنا كيف نجمع النقيضين!‏


إشكالية مستمرة‏


سنبقى بعيدين تماماً عن معرفة ذاتنا في كرة القدم مادام من يقود اللعبة في الكثير من المواقع قد وعى اللعبة على شيء وهو الآن أمام شيء آخر, وسيكون من الصعب عليه بالتأكيد أن ينتقل بهذه السرعة من حالة الاجتهادات الشخصية والتي كانت تفرز في كلّ أسبوع حكماً مختلفاً على حالات متشابهة إلى حالة العمل الاحترافي والتي تقول بجانب منها: مقابل كلّ شتمٍ جماهيري في المباراة خمسون ألف ليرة على سبيل المثال, هذه المسألة كانت تُحلّ ب¯ (معية) الطيبين ويتمّ التطنيش عنها في أحيان كثيرة وتحضر فقط مع الفرق غير المدعومة, وكان يساعد على هذه المسألة عدم استفادة اتحاد الكرة من أي إجراء يتخذه, أما الآن فقد أصبحت الفائدة ملموسة والأرقام التي تأتي بالمفرّق من العقوبات ستتحول إلى رصيد جيّد يدعم صندوق اتحاد الكرة في النهاية ومن هنا سيكون هناك شيء من الحزم في هذا الموضوع, وستخفّ مسألة التمييز بين الفرق وكلّ فريق يرد اسمه في تقرير الحكم أو المراقب وإلى جانبه أي إشارة لمسببات العقوبة ستكون هذه العقوبة, وإذا ما أراد بعض المراقبين أو الحكام مجاملة بعض الفرق في هذه المسألة فإن المساحة التي سيتحركون بها ضيّقة جداً والإنذار الذي يُشهر على سبيل المثال سيراه الجميع ولن يكون بمقدور اتحاد الكرة تجاوزه.‏


مقدمات ونتائج‏


هذه المقدمات إلى أين قادتنا?‏


ما نراه اليوم هو أن اللاعبين والمدربين وحتى إدارات الأندية تشتت بين ضغط هذه العقوبات على تفكيرها وبين ما يجب عمله لفرقها الكروية لتتقدم خطوة على طريق ترقية أدائها الفني, وستبقى هذه الإشكالية قائمة حتى يصبح كلّ مَن يعمل في رياضتنا محترفاً بشكل كامل وبالمعنى الحقيقي للاحتراف.‏


مَن يقبض عليه أن يدفع, ومن يتسبب بعقوبة ما عليه أن يكون مستعداً لدفع عقوبة مماثلة عند الخطأ, والحكم الذي يعطي بطاقة غير صحيحة بشكل فاضح وبإجماع من المتابعين المختصّين في مجال التحكيم لماذا لا يشترك بدفع الثمن? والحكم الذي يتسبب بتغريم نادٍ معين لأنه ذكر في تقريره أنّ الجمهور شتمه ويتبيّن لاحقاً أنّ ما حدث لا يستحقّ العقوبة التي فُرضت على النادي هل يستطيع النادي تغريم الحكم واسترداد ما دفعه?‏


عندما نتبّنى أي إجراء كروي يفترض أن يحمل في طيّاته اتجاهي السير ذهاباً وإياباً وألا يكون فقط من الشعلان إلى جيوب اللاعبين والأندية بل يجب أن يكون بمقدور هذه الأندية أن تمدّ يدها إلى صندوق الاتحاد عندما تقتضي الحالة ذلك.‏


والثمن!‏


أخشى أن يبقى الجمهور المتابع هو الضحية الأبرز وهو الدافع الوحيد في هذه المعادلة, فعندما يتعرّض أي نادٍ لضائقة مالية يرفع سعر بطاقة الدخول للمباراة, وعندما يريد أن يتعاقد مع لاعب يفعل الشيء نفسه, وما لا نريده أن يدفع الجمهور ثمن البطاقات الصفراء أيضاً.‏

المزيد..