منتخباتنا فقدت هيبتها انتكاسات و خيبات و محسوبيات وغياب المحاسبة

الموقف الرياضي – انور الجرادات  :
أكدت السنوات السابقة والحالية تدهور مستوى كرتنا المحلية ودخولها منحدراً خطيراً حتى أصبحت أضعف المنتخبات العربية والآسيوية تتغلب علينا بعد أن كانت تحلم ولو بالتعادل مع نسور قاسيون .
خلال الفترة الماضية خرج منتخبنا الوطني من التصفيات المؤهلة الى مونديال قطر 2022 برغم أن القرعة وضعته في مجموعة شبه سهلة، أعقبه بعد ذلك المنتخب الأولمبي بخروج مخيب، ومن ثم إخفاق منتخب الناشئين، وأخيراً أكملها في بطولة العرب الأخيرة…
منتخباتنا للفئات العمرية كان لها حضورها الطيب على المستوى القاري ، لكن الحال اختلف تماماً فأصبحت مشاركة فرقنا الكروية تحصيل حاصل لإكمال عدد الفرق، ومنطقة عبور للمنتخبات المشاركة.


علاقات ومصالح
لاجدوى من اتحاد كروي تحكمه العلاقات والمصالح، بحيث أصبحت منتخباتنا الوطنية، ولاسيما فرق الفئات العمرية ملاذاً للعاطلين عن العمل، مع تقديرنا للأسماء كأشخاص ، لكن العبث بمنتخباتنا السنيّة بهذه الصورة وتسليمها الى مدربين كانوا لاعبين دوليين سيؤدي بكرتنا المحلية  الى مزيد من التأخر والتدني..


نعلم أن هناك خبرات تدريبية  على مستوى فني وأكاديمي عال أجبرتهم الظروف وأصحاب الشأن الكروي على الابتعاد فيما كان بالإمكان الاستفادة منهم في منتخبات الفرق السنيّة، ولابأس بزج مدربين شباب معهم، ولدينا أمثلة كثيرة  ممكن لهذه الخبرات أن تبني جيلاً واعداً لكرتنا المحلية…

مشاكل وعقد
إن مشكلة المنتخبات الوطنية بمختلف الفئات  كبيرة وحلولها تحتاج الى عمل مضنٍ ودؤوب، ولايمكن أن تحل بين ليلة وضحاها، تلك المشكلات والعقد في الاتحاد ليست وليدة اليوم، بل إنها برزت منذ أعوام ماضية  وأهمها عقدة ( المحسوبية والمنسوبية ) التي مازالت تشغل حيزاً كبيراً في جسد كرتنا المحلية  بكل مفاصلها، حتى وإن كانت ناراً تحت الرماد، ودليلنا الأمور التي تحدث الآن ويتحدث فيها الكثيرون من ممارسات وأخطاء تتكرر وهناك من يريد أن نعيد كرة القدم الى سابق عهدها.. هيهات أن تعود كرتنا اذا لم تحل تلك المشاكل والعقد…

عشوائية العمل
ومن غير المعقول ولا المقبول أن يجري تهميش دور مدربين كبار لهم تاريخهم وإنجازاتهم وحضورهم على الساحة الكروية ، هذه الجملة تلخص العشوائية والتخبط اللذين يسودان عمل اتحاد الكرة الذي وضع على رفوف النسيان والإهمال والتهميش رموزاً كروية مهمة لها تاريخها المشرف وتحمل فكراً من الممكن أن يخدم كرة القدم ويرسم لها طرق النجاح، لقد ضاعت كرتنا وسط التخبطات والتناحر والتخطيط غير الصحيح من قبل القائمين عليها، فبالأمس خرج منتخبنا الأول صفر اليدين من التصفيات المؤهلة الى نهائيات كأس العالم في قطر، وبعدها جاءت انتكاسة الأولمبي، ومن ثم منتخب الناشئين، فالمنتخب الشبابي، وهذه كارثة بحق  كرتنا المحلية  التي كانت ملح البطولات والمنافسة القوية الشرسة لأقوى المنتخبات ولا نعتقد  أن كرتنا ستعود بوجود مثل هكذا اتحاد لا يعرف كيف يخطط وكيف يختار الكوادر التدريبية…
و أن هنالك ضوابط لابد من اتباعها لإنفاذ مسيرة كرتنا، وهي:
أولا قدرة مدربي فئات الأشبال والناشئين والشباب على التطوير الفعلي للاعبين فردياً وجماعياً.
ثانيا تمكين اللاعبين والفرق من فهم واستيعاب مفهوم وتطبيق التكتيك، والتهيئة التدريبية لجعلهم قادرين على الاستمرار في أن يكونوا مستمرون وجاهزون للفئات العمرية الأعلى وأن يكونوا متميزين في حال رجوعهم الى الأندية التي ينتمون اليها.
ثالثاً ضرورة البحث عن المدربين الذين كانوا متميزين في فرقهم بكيفية اللعب وبكميات اللعب وإجادة الفريق لكل الأمور الأساسية والفنية للاعبين أفراداً وجمعاً.
رابعاً ضرورة توفر القدرات العلمية والثقافية وقوة الشخصية والأسلوب المنهجي في العمل وليس العودة الى مدربين كانوا يزورون أعمار اللاعبين علناً وشاركوا في دورات عديدة ولم يحصل البلد منهم إلا على بطولات وهمية….

غياب الفكر التدريبي
فكيف  تتطور كرتنا المحلية  بدون أفكار تدريبية حديثة ومتطورة ومؤثرة لكي تنقل المستوى والأسلوب الى مراحل متقدمة، وهذا يعكس واقع الفكر التدريبي المتخلف والمتأخر لدينا، علماً أن اللاعبين هم نتاج عمل المدرب، فالمنتخبات الوطنية  غير مؤهله للمشاركات الخارجية إذ ينقصها الكثير، حتى أنها بحاجة لتعلم المهارات الأساسية في كرة القدم…

ضياع البوصلة
كرتنا بلا تحفظ أو تردد (ضاعت)  إذ أصبحت على الهامش، أنيابها قلمتها منتخبات كنا نسبقها كثيرا لا تعلنوا الأسباب لأنها معروفة (دفة قيادة تبحث عن الكراسي فقط)، لو كان النجوم يصنعون كرة القدم (فنياً وادارياً) لكان بيليه رئيساً للاتحاد الدولي لكرة القدم بدلاً من هافلانج وبلاتر، وبيكنباور رئيساً للاتحاد الألماني العظيم بكرة القدم، وبلاتيني مدرباً لمنتخب فرنسا و الراحل مارادونا، معجزة كرة القدم في الماضي والحاضر، لم يستطيع التدريب حتى في الدوري الإماراتي، لأن كرة القدم باتت علماً يدرس مثل الرياضيات والهندسة، فخسارات منتخباتنا الوطنية أثبتتا أننا نحتاج الى جهاز فني يدرس اللاعبين ويعلمهم مبادئ كرة القدم، بل إن كرتنا بمختلف فئاتها تحتاج الى كوادر تدريبية متخصصة من أجل إنقاذها، لكن إذا ظل الحال كما هو عليه فستصبح منتخباتنا ( جسوراً ) لأضعف المنتخبات.

تراجع مخيف
سابقا كنا نتفاءل ونتساءل : من صنع كرتنا المحلية اللاعبون أم المدربون..؟
اليوم لا نتفاءل بل نتساءل من أضاع كرتنا المحلية  اللاعبون ام المدربون..؟
الكثير من النجوم تكلم سابقاً ووضع (قبل أن يتسلم أية مهام إدارية أو فنية) آمالاً وتطلعات وخططاً وبرامج ممكن تحقيقها، وفي رأيي أن جزءاً منها غير مدروس وغير منطقي، وجزءاً آخر لا يتناسب مع الواقع، والثالث منها محاولة لإيهام الناس بقدرتهم على التغيير بأمل ضرب خصومهم أو إجبارهم على التعامل معهم، ولأننا  تركض وراء النجوم وتحلم بالتقاط صور معهم ومنحهم كل الدعم  من هنا أقول إن من غير المنطقي أن يطالب الجمهور بعناصر أو شخصيات ترسم ستراتيجيات عميقة ومهمة وحيوية في ظل وجود عناصر من فاقدي الأهلية يعملون على تصفية الكفاءات وقلب الحقائق وتزييفها.
فإذا لم نفهم تلك الحقائق ونتعامل معها ونجد لها العلاج، فسوف نبقى نحلم والجمهور يحلم والكل يحلم ونعيش في كذبة نيسان لأعوام تكون فيها أشهر السنة كلها نيساناً.

المزيد..
آخر الأخبار