أنور الجرادات :
لازال دورينا يعاني العديد من السلبيات التي أثرت على المستوى الفني لأنديتنا على مستوى المنافسة الحقيقية ولعل أبرز الإشكاليات التي تواجه دورينا فشل الكثير من صفقات اللاعبين الذين تم التعاقد معهم لآجال طويلة بمبالغ طائلة، لكنهم سرعان ما غادروا وتم فسخ عقودهم بسبب فشلهم في تقديم الإضافة!.
ورغم الدروس المستفادة من تجارب المواسم الماضية وحرص اتحاد الكرة على توعية الأندية بضرورة الالتزام بالحفاظ على المال العام وترشيد الإنفاق على مستوى اللاعبين المحترفين في الفرق الكروية، إلا أن بعض الأندية تصر على تكرار سيناريو الفشل من خلال سوء اختيارها لبعض اللاعبين الذين باتوا يمرون بدورينا مرور الكرام ولا يقدمون أي شيء يذكر رغم المبالغ الطائلة التي تدفع للتعاقد معهم، علاوة على الهالة الإعلامية التي ترافق قدومهم.
ومما يؤكد هذه الظاهرة أن بعض الأندية حافظت في افتتاح الموسم الكروي الجديد على مبدأ الاستقرار لمحترفيها الذين شكلوا إضافة فاعلة وحقيقية لفرقهم في حين اتجهت أندية أخرى إلى تغيير عدد من محترفيها رغم استمرار عقودهم، ومنهم من قام بتغيير كافة محترفيه دون استثناء بعدما أصبحوا يشكلون عبئاً على فرقهم.
التساهل مع الأندية
ويبدو أن هناك تساهل كبير من اتحاد الكرة تجاه الأندية من خلال عدم الرقابة لأنه في حالة تطبيق محاسبة على الأندية سيتغير الأمر، لأننا نشاهد الكثير من الأندية تقوم بالتعاقد مع لاعب لمدة طويلة، وعقب ستة شهور، أو موسم يتم رحيله مع التكفل ببقية مصاريفه عقب رحيله، وهذا الأمر سوء تصرف وفشل من الأندية بكل تأكيد.
إن أسعار المحترفين قبل قدومهم إلى الأندية تكون قليلة، ولكن بمجرد تواجدهم في الأندية تصبح أسعارهم الضعف لماذا هذا الأمر..؟ ولفائدة من..؟ ويرجع هذا لعدم تواجد حرص واختيار من الأندية، ونسأل من هو الشخص الذي يختار اللاعبين المحترفين، لأن هناك عدم رقابة وهناك أمثلة كثيرة وعديدة ومن المسؤول في هذا الأمر، وحديثنا ليس في أندية معينة فقط، ولكن في معظم أندية دورينا..
أغلبية مجالس إدارات الأندية بالأصل لم يكونوا لاعبين في السابق، ولذلك هم ليسوا على دراية كبيرة بما يحدث حولهم، ولذلك لابد من مشاركة المدرب في اختيار عناصر الفريق، وتبادل الآراء، لأننا نجد الكثير من الأندية تتعاقد مع لاعبين دون الرجوع للمدرب، وفي النهاية عند فشل اللاعب يتم رحيله ويحدث ضرراً من خلال خسارة مبالغ على عناصر أقل في المستوى، وبعد ذلك تتحدث الأندية عن تواجد ديون ومشاكل، وهذا الأمر يحدث في أغلبية أندية الدوري بدون ذكر أسماء أندية.
غياب الفكر الاحترافي
وإن أغلب الصفقات التي تبرمها إدارات أنديتنا تتطلب التغيير لأنها لا ترتقي إلى مستوى تطلعات الجماهير، ولا تحقق الإفادة الفنية المطلوبة وبعض الأندية تعول على أشخاص لا يمتلكون فكراً رياضياً، ويشغلون مناصب إدارية فاعلة، وهو ما يجعل خياراتهم على مستوى صفقات اللاعبين غير ناجحة.
وبعض الأندية تدعي افتقارها للموارد المالية وإن هذا الأمر لا يعد عائقاً أمام جلب صفقات قوية، خاصة وأن ملاعبنا مليئة بالمواهب الكروية التي تكون أسعارها في المتناول، وهو ما يجعل الدوريات العربية تتهافت على هؤلاء اللاعبين لأسعارهم المناسبة وعطائهم الغزير.
وعلى الأندية ضرورة الاستعانة بقدامى اللاعبين الذين يتميزون بالفكر الرياضي ولديهم معرفة ثاقبة بمستوى اللاعبين، لأن المرحلة المقبلة تتطلب المزيد من الضغط على المصاريف، لاسيما وأن كبرى الدوريات العالمية تعاني أزمات مالية ما يجعل التعاقدات الفاشلة بمثابة تبديد للأموال العامة.
سقف زمني للعقود
هناك ضرورة لوضع سقف زمني للعقود التي تبرمها الأندية مع اللاعبين لأن فترة العقد لابد ألا تزيد على سنة ونصف، أما في صورة الارتباط بثلاث سنوات أو أكثر، وفسخ العقد قبل انتهاء هذه المدة فإن هذه الصيغة تصبح بمثابة هدر للمال العام ولابد على اتحاد الكرة أن يفرض سقفاً لعدد السنوات المتاحة لإبرام العقود، ففي السابق كانت الأندية توقع إلى غاية ٥ سنوات ( عقد رعاية ) لكن اللاعب لا يجد التوفيق في دورينا، مما ينتج عنه مطالبة الجماهير بفسخ عقده والبحث عن محترفين جدد وهو ما لا يتماشى مع مبدأ الترشيد في الإنفاق الرياضي فلهذا الأندية واتحاد كرة القدم مطالبان بإجراء ورشات عمل لمسؤولي الأندية يتم على أساسها فرض صيغ جديدة مرفقة بسقف زمني بالنسبة للتعاقدات مع اللاعبين وهو ما من شأنه أن يحمي المال العام لأن غياب تحميل المسؤوليات للأجهزة الإدارية أو الفنية التي تقوم بإبرام الصفقات يجعل إدارات الأندية تحت ضغط الجماهير…
وعلى الاتحاد الرياضي العام واتحاد الكرة أن يحاسبان الأندية في صورة توقيع عقود طويلة الأمد ولفترة تتجاوز أكثر من سنتين ثم تقوم بعد ذلك بفسخ العقود قبل انتهاء نصف المدة، وذلك بتسليط عقوبة عدم تسجيل لاعب محترف لنفس المدة المتبقية..
لجان فنية بالأندية
إن اختيار المحترفين في أغلب أنديتنا يفتقد للاحترافية والرؤية الفنية اللازمة وهناك ضرورة اعتماد إدارات الأندية على مدى حاجة الفريق للتعاقد مع بعض المحترفين، وألا يكونوا مجرد تكملة عدد ولأن هناك أندية في وسط الترتيب جلبت لاعبين وحققوا الإضافة اللازمة والعكس صحيح، حيث إن هناك أندية كبرى جلبت لاعبين محترفين بمبالغ مالية ضخمة لكنهم لم يقدموا اي شيء يذكر وكان مستوى أغلبهم أقل من اللاعبين أبناء النادي .
فالصفقات الفاشلة تكلف خزينة الأندية أموالا طائلة، ونرى أن سوء الاختيار والاعتماد بشكل كبير على بعض وكلاء اللاعبين والاكتفاء بمشاهدة الفيديوهات من أجل التعاقد مع المحترفين يعد أمراً غير مقبول، لاسيما في ظل الرغبة لتطوير دورينا والموازنة بين قيمة الصفقات المادية والفنية.
ولأن بعض الأندية تقوم بالتعاقد مع اللاعبين المحترفين دون التركيز على احتياجات الجهاز الفني، كما أن هناك بعض الاندية التي تتعاقد مع محترفين قبل أن يكون المدرب موجوداً وهي الفرق التي يكون مآلها الفشل في أغلب الاحيان.
وهناك ضرورة التسريع بتكوين لجان فنية تتكون من أصحاب الدراية الفنية وقدامى الفنيين واللاعبين وتكون مهمتها بالأساس مساعدة الأجهزة الادارية من أجل وضع أساس سليم لاختيار المحترفين، وهو ما سيكون بمثابة الخطوة الأولى لمنع إهدار موارد الأندية..
بحاجة للرقابة
ولابد من معرفة من يتفاوض مع اللاعبين المحترفين ويتم التعاقد معهم.. هل مجلس الإدارات أم المدربون..؟.
وفي حالة مفاوضات المدير الفني للفريق مع المحترف من أجل جلبه للفريق إذاً أين دور مجلس الادارة التي من المفترض أنها متواجدة من أجل العمل بصورة قوية من خلال تعاقدات على أعلى المستويات على سبيل المحترفين او أبناء النادي، ولابد أن تكون التعاقدات على حسب الاحتياجات لأننا نشاهد بعض الأندية تقوم بالتعاقد مع عناصر دون فائدة ومن ثم يتم رحيلهم ودفع باقي رواتبهم في خسائر كبيرة ونشاهد حالياً في دورينا بعض الأندية تتعاقد مع أسماء كبيرة، ولكن لا تخدم الفريق، اذا ما الفائدة، ونشاهد زميله الذي على مقاعد البدلاء عند مشاركته يقدم مستوي أفضل منه.
المحافظة على المال العام
نعم هناك طريقة جداً مناسبة من أجل الحفاظ على أموال النادي والتعاقد مع لاعبين بمدة معينة من أجل عدم رحيله بصورة سريعة والاضطرار لدفع بقية قيمة العقد.
وهذه الطريقة هي تشكيل لجنة فنية في النادي من خلال تواجد لاعبين قدامى مع المدير الفني وجهاز الكرة وهذا الأمر للأسف أغلبية أنديتنا لا تتجه اليه، ولكنها تساعد كثيراً في ضم اللاعبين المحترفين خاصة صغار السن والذين نرى أنهم مستقبل النادي ولابد من التعاقد معهم لمدة ( ٣ ) سنوات، عكس المواسم الماضية التي شهدنا بعض اللاعبين يأتون لدورينا وفي النهاية عقب ست شهور يرحل عن الفريق ويحصل على مستحقاته كاملة في خسارة كبيرة بكل تأكيد، ولذلك نطالب الجميع بعمل لجنة فنية من أجل الحفاظ على النادي والمال العام.