لا صوت يعلو على صوت فرحة الانتصار ولا يمكن أن نتجاوز خيبة أو إخفاقاً بمكان ما إلا بإنجاز أو نصر بمكان آخر يغطي على كل النكسات والخيبات.
وهران 2022 طوت بالأمس النسخة التاسعة عشرة من ألعاب البحر الأبيض المتوسط في الجزائر وسلمت الراية لتورنتو الإيطالية الوجهة المتوسطية القادمة 2026 لاستضافة النسخة العشرين من الألعاب.
بعثتنا الرياضية توّجت بالذهب والفضة وضربت موعداً مع التاريخ فبعد ما يقارب ثلاثة عقود عادلنا حصيلة نسخة ١٩٩٣ بأربع ذهبيات وأحيينا أمجاد اللاذقية ١٩٨٧ بعد خمسة وثلاثين عاماً وتسيّدنا حوض المتوسط ذهباً في مسابقتي الفرق والفردي للفروسية وحطّم رباعنا أرقاماً محلية وعربية ومتوسطية ونجح ملاكمنا بالدفاع عن لقبه في إسبانيا ليعززه في وهران في وزن ٧٥ كغ.
الحصيلة مشرفة قياساً بعدد أفراد البعثة ونوعية الألعاب المشاركة وقوة الدورة ومستواها والنتاج نوعي ويبنى عليه في القادمات والمؤشرات الرقمية والفنية في لعبتي الفروسية ورفع الأثقال تؤكد أن منهجية العمل سليمة والهدف واضح كمراحل متتالية وسلسلة متواصلة مروراً ببطولتي الأسياد المؤجلة والعالم وصولاً لأولمبياد باريس.
وهران محطة مهمة للمعنيين لتقييم النتاج واستخلاص الدروس منها وإجراء مكاشفة موضوعية حقيقة مع باقي اتحادات الألعاب لوضع النقاط على الحروف في مقاربة جريئة للمستوى الفني المتطوّر والمتسارع مع الرياضات والاتحادات المتنافسة عربياً وقاريّاً.
إنجاز الفروسية تاريخي وسرّ تألقهم وتميّزهم يكمن في سر ومعنى كلمة «الإخلاص» التي أجابت بها السيدة الفارسة منال الأسد الرئيسة الفخرية للاتحاد العربي السوري للفروسية إعلامنا الوطني خلال استقبالها الفرسان في قاعة الشرف بمطار دمشق الدولي.
الإخلاص في العمل قولاً وفعلاً والمنهجية المدروسة والإيمان بقدرتنا على الإنجاز والنهوض من جديد وروح الفريق على نبض قلب واحد جميعها عوامل تتكامل مع الإعداد الفني المحلي أو الخارجي لصنع الإنجاز وبحجم الإنفاق وصوابية مكانه ووجهته.
إنجاز المتوسط أفرح ملايين السوريين وعوضهم عن خيبات وصدمات وإخفاقات منتخبات لعبتي القدم والسلة وكشف الفارق الكبير بين التنظير والعمل الجاد وكانت أرقام الرباع الأولمبي معن الجديدة خير دليل على أن رافعة رياضتنا هي ألعاب القوة والفردية والمشكلة تكمن في إدارة اتحادات الألعاب وغياب المحاسبة وبيع الوهم.
شكراً للجزائر في عيدها .. شكراً وهران في ختام دورتها .. شكراً لأبطال الذهب والفضة ونلتقي بعد استخلاص الدروس والعبر ولا عزاء للمقصّرين والمنظّرين.
بشار محمد
Basharn79@gmail.com