متابعة – أنور الجرادات : ما تزال فلسفة أندية كرة القدم تستند في أحد أركان نجاحها إلى اختيار المدرب المناسب لتولّي مهمة الإشراف والقيادة الميدانية وتحقيق الإنجازات وربما أن تلك النظرة تحمل في طياتها وجهين من القراءة، الأولى هي الصواب وما يتبعه من نجاح، والثانية القصور في فهم الحقيقة، وبالتالي الفشل والبحث من جديد عن أسماء أخرى تتولى المسؤولية.
ضحايا
نرى أن المدربين هم أول من يشار إليهم بالفضل وينالوا الكثير من المجد والشهرة عندما تحقق فرقهم الانتصارات، وفي نفس الوقت هم أول الضحايا عندما يحصل الإخفاق، أما ردّة الفعل وشدّتها فتكون متباينة بين ناد وآخر تبعاً لطبيعة إدارات الأندية وإدراك القيادات فيها وتشخيصها للأسباب وانفتاحها على التعامل مع حقيقة أن المدرب كائن بشري يبقى محدود الإمكانية ويتأثر بكل الظروف التي قد تكون هي اللاعب الأكبر في تقرير مصير أي مباراة.
أسس صحيحة
إن تطور كرة القدم في بعض البلدان المعروفة لم يأت من فراغ وإنما من اجتماع عوامل كثيرة توافرت لديها نتيجة انتهاجها الأسلوب العلمي والصحيح في بناء أسس صحيحة ومتينة للقاعدة الكروية سواء من توفر البنية التحتية المتقدمة أم الأسلوب الإداري المتطوّر وغيرها، إلى جانب البناء النفسي والمهاري للاعبين الصغار.
لذلك فهي تولي اهتماماً كبيراً في اختيار المدربين على مستوى عال لتدريب تلك الأعمار وتلقينهم الفنون الكروية مع البناء الجسماني الصحيح ليكونوا جاهزين فكرياً وبدنياً عند وصولهم الى مستوى المنتخبات الوطنية أو الأندية.
عقلية احترافية
المدربون أنفسهم يملكون عقلية احترافية تجعلهم يتأنون في الموافقة على تولي أي مهمة إلا بعد أن يضمنوا منحهم الوقت الكافي أو يكونوا متيقّنين من النجاح بعد دراسة كل العوامل ومنها نوعية اللاعبين وإدارات متفهمة ومدركة لنوع وظروف العمل التدريبي.
و أثبتت التجارب أن عامل الاستقرار في شقيه الإداري والفني هو من أسرار تفوّق الفرق بالميدان وطالما أن هناك إدارة تمتلك رؤية صحيحة ومقوّمات الثبات والنجاح فإنها بالتأكيد سوف تساعد وتدعم الملاك التدريبي لتطبيق أفكاره وقيادة الفريق نحو الإنجازات.
قراءة بسيطة
من القرارات المهمة للإدارة هي الثبات على كادر تدريبي يتم اختياره بعناية وتشعر أنه يمتلك فكراً راقياً داخل الملعب، وعليه فإنها تمنحه الحرية في اختيار اللاعبين وتوظيفهم بالشكل الصحيح وبقراءة بسيطة فإنها تعمل وفق قاعدة (التداور والبحث عن اللاعبين الموهوبين بدلاً من تغيير المدرب) أي إنها تؤمن بأن المدرب يمكن أن يقدم الإنجاز طالما أن هناك لاعبين على مستوى عال وليس العكس، ولو تصفّحنا مسيرة بعض المدربين ممن قادوا فرقهم لفترات طويلة فإننا سوف نقف طويلاً أمام العديد من المدربين و قد يستغرب البعض من سر تمسك الإدارة بهم على الرغم من أن بدايتهم مع أنديتهم لم تكن موفقة ومع هذا فقد ضلت متمسكة بهم حتى الرمق الأخير.
استقرار ورؤى دقيقة
وبرغم تلك النتائج المتواضعة لم تفكر الإدارة في تغييره، بل وفرت له كل سبل الدعم وقامت بالبحث عن المواهب لتدعيم صفوف الفريق، واستمر المدرب المذكور في مهمته إلا أن وصل بالنادي لأعظم الإنجازات وقرر الابتعاد عن مهمته التدريبية!
من هنا يبرز السؤال المهم: لو كان أي فريق يقوده مدرب خلال ثلاثة مواسم إلى هزائم ونتائج غير مرضية هل يتجرأ أحد بإبقائه في منصبه ؟ الجواب سيكون كلا حتماً فاستقرار المدرب له فعل سحري في تحقيق الإنجازات الكبيرة.
إن المدرب هو أحد العناصر المهمة في نجاح أي فريق عندما يمتلك فكراً تدريبياً عالياً ورؤية دقيقة وتخطيط سليم لمهامه مع توفر المهارت القيادية، لكن تلك الصفات لا يمكن أن تشكل عاملاً حاسماً في تحقيق النتائج المطلوبة إلا إذا كانت هناك إدارة كروية قادرة على توفير الأجواء المناسبة ومنح المدرب الوقت المناسب والمعقول في أداء مهمته والعمل وفق مبدأ (اختيار مدرب مناسب والاستقرار عليه والبحث عن المواهب هي أقصر طرق النجاح) .