بعد عبور بوابة الفلبين .. منتخبنا بين الواقعية والأحلام الوردية

متابعة – أنور الجرادات: بالأمس القريب كانت حساباتنا الكروية على المستوى الآسيوي تنحصر في التخوف من بعض الفرق مثل إيران و اليابان و كوريا الجنوبية و أوزبكستان في بعض الأحيان والتى تصنف بأنها فرق من العيار الثقيل آسيوياً وعالمياً وكنا نتمنى دائماً عدم مواجهتها في التصفيات الآسيوية، إلا أن تلك الحسابات تغيرت بفعل تطور فرق أخرى كانت تصنف بالضعيفة وبالمقابل لم يطرأ التحسن الملحوظ على أداء ومستوى منتخبنا الوطني والذي يشبع ويرضي و يهم جمهور الكرة والشارع الرياضي عندنا.



بصمة تائهة‏


والمتابع لرحلة منتخبنا منذ سنة ( ٢٠٠٠ ) وربما قبل يُدرك أن المنتخب الوطني لم يستقر على شكل معين وأسلوب مميز يصبح بصمة خاصة به ويُرهب به منافسيه، ومازال إلى وقتنا هذا يعتمد في تحقيق نتائجه الإيجابية والتي هي ليست بالكثيرة العدد على لاعب واحد يُصنف بأنه نصف الفريق وكلكم تعرفون المقصود .. وهذه هي جزئية من المشكلة التى نعانيها فإذا غاب السوما غابت الأهداف ! ولكن الى متى نظل نستنجد بعمر السوما كي يصنع تمريرة الهدف أو يسجل وتفرح الجماهير المتعطشة للفوز وكأني باللاعبين الآخرين لا يجيدون التمرير أو صناعة الهدف أو تحقيق الهدف نفسه.‏


وإذا ما تحدثنا عن المدربين فإن الخلل هو في تركيزهم على تلك النسخة العتيقة والمكررة من اللاعبين منذ سنوات وعدم البحث وإعطاء الفرصة لعناصر أخرى وأسماء جديدة والتي تستحق شرف تمثيل في منتخبنا الوطني على المستوى الدولي.‏


عدم النضج !‏


والمعضلة الأخرى هي عدم نضج عقلية لاعبنا إن كان (محلياً أو محترفاً بالخارج) والتي لم تتجاوز المحلية في نظري مع احترامي للقلة منهم، كذلك اهتمام أولئك اللاعبين وإخلاصهم لنواديهم التي تدفع بسخاء منقطع النظير أكثر من إحساسهم بمسؤوليتهم تجاه المنتخب وتشريفه أحسن تشريف.‏


وأعتبر أن الأزمة الحالية لمنتخبنا في عدم قدرته على تجاوز منافسيه أصبحت عقدة نفسية يحاصرها هاجس الخوف وفقدان الثقة في الفوز على المنافس مهما كان حجمه ووضع النتائج الهزيلة على عاتق المدرب هو جزء آخر من المشكلة وليس سبباً رئيسياً في ذلك، فاللاعبون الذين يرتدون قميص المنتخب حالياً هم نتاج دوري ( محلي وخارجي ) ضعيف فنياً ويفتقدون الى الشخصية الكروية الناضجة ذات الأداء المقنع والمستوى الإيجابي الذي نستطيع الاعتماد عليه في رفع راية الوطن خفاقة في المحافل الدولية وهم بذلك لاعبون محليو الأداء لا أكثر.‏


مدربون‏


لقد تناوب على تدريب المنتخب مدربون عديدون وآخرهم ( فجر ابراهيم ) والنتائج لم ترتق لمستوى طموحاتنا في ثبات وجه حقيقي للكرة السورية يقارع الكبار ويتجاوز الصغار كالقطار ومازالت كرتنا ومن يُدير شؤونها تعاني التخبط والعشوائية وضياع الخطة الجادة والهدف الواضح والنية الصادقة لتطوير شأنها وفي أحيان أخرى تصاب بفيروس أنفلونزا المزاجية الذي جعل بعض اللاعبين يتقاعسون عن تلبية نداء الواجب والالتحاق بتدريبات المنتخب لأسباب غير مقنعة وبالعودة إلى الوراء قليلاً نجد أن الماضي الجميل الذي صنعه الجيل الذهبي وكلنا يعرف لائحة الشرف لأسماء هؤلاء اللاعبين أصبح أطلالاً نتغنى بها ونتذكرها بكل شوق كلما هبت رياح العجز الكروي والتي تتلاعب بكرتنا التائهة المثقلة بالهموم والمغلفة بالإحباط وفقدان الهوية وربما نجد أنفسنا مستقبلاً مجبورين ببقاء فراس الخطيب ونطالب بعمر خريبين مرات عديدة وهو لا يحضر ونحتاج إلى قتالية وحيوية أحمد الصالح كي نقهر خصومنا الذين صنعوا مجداً كروياً على أكتاف بعض أشباه اللاعبين في الوقت الحالي.‏


تشخيص العلة‏


الكثير من الأحلام الجميلة لكرتنا السورية تُغازل قلوب المحبين لمنتخبنا الوطني من الجميع، لكن ذلك وحده لا يكفي، فالخروج من الأزمة الحالية لكرتنا السورية يستوجب تشخيص الخلل الحقيقي وعلاجه فوراً وإعادة النظر بحزم ودون مجاملات في كل السلبيات التى وقعت خلال المرحلة الماضية ووضع خطط طويلة الأمد وتنفيذها بدقة بعيداً عن النتائج الوقتية الهشة، كذلك الاهتمام بالقاعدة الصغرى داخل النوادي مع وجود دوري قوي وتصدير اللاعبين للخارج بغية الاحتراف الحقيقي، وإيجاد البنية التحتية المتكاملة للمنشآت والملاعب الرياضية وقبل كل ذلك العمل بضمير وطني مخلص بعيداً عن المصالح الشخصية وحب الذات للوصول باطمئنان لبر الأمان وتحقيق ما ينتظره الجميع من رفعة وتقدم للكرة السورية.‏


وللحديث بقية‏

المزيد..