لم يكن أشد المتشائمين بنادي الجلاء أن يتوقع هذه النتائج السيئة لسلة رجاله وسيداته هذا الموسم، فلقب الرجال طار وتوج به الجيش البطل، ولقب السيدات فقد لصالح نادي الوحدة،
وبذلك غابت البطولات والإنجازات المحلية عن الجلاء وسلة حلب العريقة.
واستمر مسلسل الاخفاقات على الصعيد المحلي الى البطولات الآسيوية، فسلة الجلاء التي أعلنت نفسها محتكرة البطولات المحلية، والمنافس الأبرز والأقوى لنيل اللقب الآسيوي خرجت من البطولة الآسيوية بخفي حنين، وإخفاق آسيوي غير متوقع وكان مركزها سادسا بعيدا عن الطموح وعن الإمكانيات البشرية (اللاعبين، والفنية (المدربين) والمادية (شركة وطنية راعية بامتياز).
لماذا فقد الجلاء ألقابه؟
>استعادة منافسه الاقوى الجيش(في المواسم الثلاثة التي أحرز بها الجلاء البطولة) مستواه الفني وألقه وبريقه، حيث استفاد الجيش من عناصر القوة الثلاث في كرة السلة وهي (العقل والقلب واليد) وترجمها عبر مدربه الجنرال عماد عثمان في أرض الملعب بمباريات جميلة وغنية ومثيرة وبخطط دفاعية وهجومية متنوعة تتماشى مع كرة السلة الحديثة والمتطورة.
> كثرة مشاركات نادي الجلاء هذا الموسم، فعينه على الحفاظ بكل الألقاب المحلية (الدوري والكأس) وعلى الظفر بلقب دورة دبي الدولية، والفوز ببطولات غرب آسيا وآسيا للأندية، وبالمحصلة فقد لقبه بالدوري، وابتعد عن الألقاب في دورة دبي الدولية حيث جاء رابعا، وبطولة غرب اسيا الحادية والعشرين في الدوحة القطرية ونيله المركز السادس من عشرة فرق متأهلة.
> بينما منافسه الجيش أحتجب عن المشاركات الخارجية الرسمية والفولوكلورية «غرب اسيا-أندية عربية -دبي الدولية) واستبدلها بمباريات خارجية احتكاكية وبعيدة عن الأضواء، وكانت عيناه وقلبه لاستعادة لقبه المفقود وهو الدوري السوري وهذا ما حدث بالفعل وبكل جدارة وشطارة ومهارة.
> مع التأكيد هنا على نقطة مهمة وهي أن المشاركات الخارجية المبرمجة والمنظمة لها أثر كبير بتعزيز خبرة الفرق المشاركة وثقافتها السلوية، الأمر الذي ينعكس إيجابيا على المستوى الفني لهذه الفرق عبر احتكاكها بمدارس سلوية مختلفة وتحقيقها نتائج جيدة ومميزة.
> ولنا في نادي الرياضي اللبناني ومهرام الايراني المثل القدوة في ذلك، فالنادي البيروتي يشارك في دورة دبي الدولية واسمه محفور بالذهب عليها، ويشارك في البطولات العربية بشكل دائم وهو بطل آخر نسخة فيها والتي أقيمت في اسكندرية العرب مطلع الشهر المنصرم، ومشاركته الأخيرة في البطولة الآسيوية كانت مجدية ونال المركز الثالث ووقف على منصات التتويج، كل ذلك والرياضي البيروتي بطلا لدوري بلده ولسنوات طويلة ومتتالية.
وأيضا مهرام الايراني بطل بلاده، ودورة دبي الدولية الأخيرة، وبطولة غرب آسيا وبطولة آسيا بنسختيها الأخيرتين.
واللافت بهذه الأندية أن مدربيها وطنيون وبامتياز؟!
لكن الشيء المختلف بمشاركة هذه الاندية عن مشاركة الجلاء هو قيام هذه الأندية بالاعداد والتنظيم والبرمجة الزمنية المناسبة والمجدية لمشاركتها المتنوعة، بالإضافة الى تعزيز صفوفها باللاعبين المحليين استعدادا لهذه البطولات ومن أجل حصد الألقاب وتحقيق الإنجازات، كلنا شاهد فادي الخطيب وروني فهد واخرين من نجوم المنتخب اللبناني في تشكيلة الأزرق والأصفر البيروتي في البطولة العربية والآسيوية الأخيرة وكذلك نجوم المنتخب الإيراني في تشكيلة مهرام في البطولات الاسيوية، علما بأن ممثلنا الجلاء قد طبق هذه التجربة في مشاركته الأولى بالأندية الآسيوية في عام 2006 في الكويت ونال حينها وصافة البطولة الاسيوية ولأول مرة في تاريخ النادي، وحينها تخطى فرقا قوية ومهمة مثل القادسية الكويتي واتحاد جدة السعودي، وسابا الإيراني حيث استعار لاعبين مؤثرين من الجيش (رضوان حسب الله) والوحدة (شريف الشريف) وساهما مع بقية نجوم الجلاء (المعدنلي والحداد) بالظفر بوصافة اللقب.
ضعف التركيز الذهني والنفسي
من المعروف بأن الإعداد النفسي والتحفيز والترغيب والمساءلة والمحاسبة هي من أهم عوامل تأسيس الفرق الرياضية مثل الاعداد البدني والتحضير الفني بحيث تترافق هذه الأمور مع بعضها البعض لبناء فريق رياضي قوي منيع ومتجانس ينصهر فيه الجهاز الفني والإداري واللاعبون وحينها يكون الحصاد المثمر و النتائج المرجوة.
وللأسف فقد افتقد نادي الجلاء للتحضير النفسي والذهني وخاصة في مبارياته النهائية في الدوري المحلي وفي بطولة الاندية الآسيوية الأخيرة، حيث وضح التأثر بفقدان لقبه المحلي، وعدم خروج اللاعبين في هذه الحالة بل على العكس استمرارا في الانهيار والتراجع وظهر ذلك واضحا في مباريات تحديد المراكز من الخامس وحتى الثامن، بعد خسارتهم مع الفريق الكازاخستاني وفوزهم بصعوبة بالغة على الفريق الفلبيني ونيلهم المركز السادس.
وقد تجلى هذا الموضوع عبر حالتين ملفتتين أولهما اعتبار الإدارة الزرقاء بأن البطولة المحلية قد انتهت وحسمت بعد الفوز بالمباراة الأولى على نادي الجيش بحلب. حيث حجزت بطاقات الطائرة للسفر الى قطر يوم إقامة المباراة الثالثة والفاصلة لإيمانهم بعدم وجود مباراة فاصلة وايضا اعداد العدة للإبتهاج والفرح باللقب منذ صباح يوم المباراة الفاصلة عبر تجهيز منصات الفرح في ملاعب النادي المكشوفة، وحجز المطاعم ليلا للاستعداد لإعلان النصر و الحفاظ على اللقب في وسط حلب عاصمة الرياضة والفن والطرب، وكانت النتيجة أن الاحتفالات أقيمت في مطار دمشق الدولي يوم الجمعة وحين عودة الفريق جوا إلى دمشق بإنتظار جورج وسوف وأيمن زبيب ليفرح الجيش وعشاقه وما أكثرهم بالغناء والاحتفال بهذا الفوز الباهر.
الحالة الثانية كانت متمثلة بالتصرفات التلفزيونية للاعبي الفريق بعد كل خسارة فلاعب يرد الخسارة لوجود مشاكل فنية بالفريق واخر بسبب وجود خلافات إدارية.
الى ما ذلك من أسباب اخرى، بعضها غير موجود والبعض الاخر غير مقنع وقد تناسى مطلقي هذه المبررات وجودكم هائل من اللاعبين الوطنيين والمغتربين والأجانب كخيارات كاملة ومتعددة للجهاز الفني بالإضافة الى شركة راعية وداعمة ، ورئيس مجلس ادارة لهذا النادي قدم الغالي والنفيس لسلة ناديه ودعمها بكل الامكانيات ووفر لـها الطاقات والخبرات.
> بالنتيجة.. فإن غياب الاعداد النفسي والتركيز الذهني كان من أهم عوامل انحدار المستوى الفني لهذا الفريق، ويحضر ببالنا مثال ما جرى مع نادي الجلاء، وهو نادي الريان القطري والذي خسر بطولة دوري بلاده قبل الاستحقاق الاسيوي الذي يستضيفه بمواجهة نادي الغرافة وبفوارق دراماتيكية محزنة، إلا انه شارك بالبطولة وحقق نتائج جيدة ونال مركز الوصافة.
العزمي ومرحلة استرداد اللقب والانجازات
منذأن تم تكليفه بتدريب سلة الجلاء صيف 2006 وبعد إنهاء عقد مدربهم الأجنبي ثابت حجيج بسبب فشله في احراز لقب الدوري انذاك والذي ذهب الى نادي الاتحاد، استطاع المدرب المصري شريف عزمي أن يحرز مع ناديه الجديد أنذاك لقب كأس الجمهورية بمواجهة الاتحاد العنيد، واستضافت حلب بعدها بطولة غرب اسيا للأندية حيث استطاعت الادارة الزرقاء حينها أن تقدم الرياضة السورية بأبهى حللها، من خلال استضافة فريدة من نوعها لتاريخ بطولات غرب اسيا(إقامات فاخرة، بطاقات طائرة لكل الفرق المشاركة) حفل افتتاح نوعي ،ضيوف رسميين من كل دول اتحاد غرب اسيا ومن الاتحاد الاسيوي )
وتوجت هذه الاستضافة بفريق رائع ومميز بقيادة العزمي استطاع احراز وصافة البطولة والتأهل الى النهائيات الاسيوية حينها بعد فوزه بست مباريات متتالية على اندية لبنانية وأردنية وايرانية وعراقية ويمنية، وخسارته المباراة النهائية مع سابا الايراني وبفارق نقطتين.
وظهرت في الملاعب السورية ولأول مرة عودة اللاعبين المغتربين لبلادهم سورية واللعب مع انديتها بكل تفان وجدية ومسؤولية (اندريه شويري-ادوارد فرحات).
وبعدها شارك الجلاء في النهائيات الاسيوية باستضافة القادسية الكويتي واستطاع أن يحرز لقب الوصافة ولأول مرة الجلاء السوري بعد أن تخطى في الدور النصف النهائي سابا الايراني وهزمه بمباراة مشهودة على أرض الكويت الشقيقة، وخسر المباراة النهائية مع فاست لينك الأردني (منتخب الأردن) بوجود محترفين أجانب هم الأغلى سعرا والأمهر لعبا في آسيا بالإضافة الى جيش من المجنسين.
وبعدها بدأ العزمي وبدعم ورعاية كاملة من رئيس النادي وشركته الراعية بإعداد العدة لاسترداد لقب الدوري المفقود منذ عام 1979، وهذا ما تحقق وكان في النهاية حين احرز اللقب بمواجهة جاره وشقيقه ومنافسه التقليدي حلب الأهلي.
ثم اتبعها بحفاظه على لقبه المحلي الثاني وهو كأس الجمهورية ، مع الاشارة أنذاك بعدم السماح لأي مغترب باللعب في تلك البطولات.
وطار بعدها الجلاء الى ايران وعينه على اللقب الاسيوي بضيافة سابا الايراني (منتخب ايراني، وحقق نتائج رائعة ولامس اللقب إلا انه لم يستطع التتويج به بعد خسارته المباراة النهائية أمام سابا الايراني وبفارق تسع نقاط، وقد ظهرت مشاركةاللاعب المغترب مارسيلو كورية بهذه البطولة لأول مرة مع زميله ادوارد وفرحات ومنع اللاعب أندريه شويري من اللعب بعد تقرير قدم من الاتحاد اللبناني الى الاتحاد الاسيوي (عبر السيد هاكوب خاجاريان) مفاده أن الشويري كان لاعبا في منتخب البرازيل لفئة الشباب .
وفي ظل هذه الانجازات والألقاب علينا التذكير بأفضل مشاركة لنادي الجلاء في دورات دبي الدولية ونيله المركز الثاني بعد تغلبه على الرياضي اللبناني في خسارة كانت وحيدة في ظل مشاركات محلية وعربية وتتويجه بكل القابها.
وبالمحصلة كانت مرحلة العزمي هي الذهبية في سجل النادي الحديث ، وخاصة ان الدوري المحلي قد فقد هذا العام، وابتعد الجلاء عن منصات التتويج في البطولات الاسيوية ودورات دبي الدولية.
منصور بايروفيتش ظفر بلقب وخسر ألقاب
منذ توليه تدريب نادي الجلاء نهاية عام 2008 وأسرة الجلاء كانت تمني النفس من المدرب منصور بالحفاظ على الألقاب المحلية (دوري وكأس) والظفر باللقب الاسيوي بعد أن لامسته مرتين متتاليتين قبل قدومه.
وقد حافظ الجلاء على ألقابه المحلية موسم 2009 وخسر لقب الدوري الأهم 2010 ونال المركز الرابع في دورتي دبي الدولية الأخيرتين وسادس البطولة الاسيوية في قطر.
وبذلك تكون حصيلته مع الفريق غير مرضية وخاصة في البطولات الخارجية رغم إن الادارة قد أمنت له كل متطلبات النجاح من لاعبين وطنيين ومغتربين وأجانب مميزين ) ونحن ندرك إن الادارة قد وضعت يدها على مكامن الضعف والاخطاء التي وقع بها الجهاز الفني.
وبالنهاية
سيظل نادي الجلاء قلعة سلوية مهمة في رياضتنا الوطنية، وفقدان الألقاب ليست نهاية العالم، ومعالجة الاخطاء والثغرات كفيلة بعودة التوهج الى هذا النادي العريق.
وكل تمنياتنا للسيد هاني عزوز بتجاوز هذا المطب وبقائه داعما لسلة ناديه لأن قوة السلة السورية هي بقوة انديتها وداعميها ومحبيها.
عبير علي