الموقف الرياضي _ أنور الجرادات :
سيظلّ الاحتراف الحقيقي في لعبة كرة القدم، مرتبطاً بالدوريات العالمية، خاصة في أوروبا بصفتها أول من عرف وجرب وطبق الاحتراف، ويكفي أنها سبقتنا بعشرات السنين في تجربة لا تزال حديثة عهد بكرتنا المحلية ، التي لم تدخل بعد كلها في منظومة الاحتراف المفروضة من قبل الاتحاد الآسيوي.
يبدو أننا نسينا التمسك بفكرة تصدير المواهب للغرب، كما نتذكر دائماً استيراد المواهب منه، خصوصاً إذا ما أردنا البحث عن مقومات تطوير اللعبة بدورينا ومُنتخباتنا الوطنية…
ونبحث عن إجابة لأسئلة منطقية لماذا لا يحترف لاعبونا في دوريات أوروبا؟ ولماذا ترفض مواهب كرتنا السوريّة صقل قدراتها في المصانع الحقيقية لكلمة « احتراف » في كرة القدم؟ ومن المسؤول عن فشل اللاعب السوري خارجياً؟
وما يزيد من فداحة الموقف، هو امتلاك الأندية الكثير والكثير من اللاعبين، بينما المُحصلة لتجربة الاحتراف الخارجي، هي صفر طالما كان لاعبونا يفضلون البقاء في القصور العاجية، التي صنعوها لأنفسهم، يتمتعون بملايين الأندية المحليّة لدورينا « الفقيرة »، التي تنفق عليهم بقلة مالية ، ودون حسيب أو رقيب !
جميع التجارب الاحترافية الداخلية كانت عبارة عن « تجارب سريعة » جنت الفشل، تركت انطباعات سلبيّة في أوروبا، أو عروض «وهمية» يتلقاها بعض اللاعبين ، اكتشفنا بعد مرور الأيام أنها كانت مُجرد خدعة لخطف نجم ما من نادٍ مُنافس، عبر البحث عن محلل، ويكون عادة من أندية الدرجة الثالثة الأوروبية، وبالتالي تحولت أوروبا في نظر إدارات بعض أنديتنا إلى جسر عبور يعبر عليه اللاعب المراد ضمه، عبر تذكرة ذهاب فلا هم يحترفون ولا يبقون في أماكنهم!
وباتت كلمة الاحتراف في أوروبا، عبارة عن «وهم كبير» في عقولنا، بعيداً عن الواقع في ملاعبنا ، بل مجرد «أحلام» تخالف الواقع!
والمفارقة أن لاعبا لا يؤهله مُستواه للحصول على مبالغ مالية قليلة جداً سنوياً بأي نادٍ أوروبي، فتجده ينتقل من نادٍ إلى آخر بدورينا المحلي، بمبلغ زهيد الثمن ، أو ما يعني 10 أضعاف سعره الحقيقي، ولم لا؟ طالما كان المال وفيراً ، والخزائن مملوءة، ومسؤولي الأندية لا يعرفون كيف وأين ومتى …
أنديتنا تتحمل مسؤولية فشل أبنائها في الاحتراف الخارجي، والسبب بسيط، حيث لا يوجد إنسان عاقل يُضحي في بلده بـ15 أو 20 مليون وشهرة واسعة، ونجوميّة طاغية، دون أن يبذل مجهودا يذكر، ثم يتجه إلى أوروبا ليبدأ من الصفر، ويدخل في تحديات يومية، ويتدرب لفترات قد تصل إلى 5 ساعات مقسمة على فترتين يومياً لماذا نطالب لاعبنا بتطوير مستواه، طالما وجد «صاروخ الثراء السريع»، نحو تحقيق أحلامه ورغباته، وفي كثير من الأحيان «نزواته».
والسبب في عدم قدرة لاعبنا على تحمل طبيعة التدريبات المتبعة لديهم، فضلاً عن كون لاعبنا يرغب في أن يعامل باعتباره نجماً على اعتبار أنه كذلك في ناديه المحلي، فضلاً عن عدم التزامهم بالنظام اليومي الصارم المتبع بالأندية الأوروبية مع لاعبيها.
وشدد الخبراء على أن اللاعب المحلي «مدلل» وينتظر عرضاً مالياً كبيراً، رغم أن بدايات العقود في مثل هذه الحالات لا تزيد على ملايين قليلة للاعب وناديه، كما وجهوا انتقادات لاذعة لتعاملات الأندية المحترفة، التي تطلب مُقابلاً مادياً مُرتفعاً نظير انتقال لاعبيها المحليين لأيّ من الدوريات الخارجية.
فيما نادى رأيّ آخر لأحد وكلاء اللاعبين، بضرورة تفكير اللاعب المحلي في البدء من دوريات أوروبية من الدرجة الثانية، مثل الدوريات في بلجيكا وسويسرا والنمسا واليونان وتركيا، وهي الدوريات يمكن أن تكون محطة أولى لإعدادهم فنياً وبدنياً،
لاعبونا لا يملكون الجرأة الكافية للسفر إلى بلد جديد، أو أن يتعلموا أشياء كثيرة ولغة جديدة، والموضوع ليس كرة القدم، لأن اللاعب من الممكن أن يتأقلم مع خطط وتكتيك المدرب، طالما أنه يمكن الموهبة، ولكن الإحتراف في أوروبا ليس كرة قدم فقط، بل هو عالم وفكر آخر، بجانب الغربة، وعندما تعيش محترفاً، وتصبح كرة القدم مصدر رزقك، فعليك أن تكون موظفاً !
و لابد أن ننقل التجربة الاحترافية في الأكاديميات، و أن يكون الحافز كبيراً للأطفال والأسر،تساعد أولادها، وتشجعهم على ممارسة كرة القدم، لأنها تُمثل مصدّر رزقٍ للكثير من اللاعبين، وليس هواية .
إن غياب لاعبينا عن الاحتراف في أوروبا يعود لأسباب عدة، أبرزها عامل المادة، فهناك لاعبون من نجومنا مُميزون ، يلعبون بالدوريات في السعودية والإمارات وقطر، وجميعهم دوليون وأصحاب خبرات
وتجربة واسعة، ولكن المشكلة أن العروض التي يجدوها مُتاحة في الدوريات المحلية، ليست مغرية بالنسبة لهم للبقاء، وعدم التفكير في الخروج لأوروبا».
ولسان حاله يقول : «لماذا أخرج لأوروبا كلاعب، وأتعرض لمواقف صعبة، وتحديات مستمرة، وقد أفشل ؟ بينما في بلدي أو الدوري الخليجي الذي ألعب له، أُعامل معاملة النجوم وعقدي بالملايين سنوياً !
كما أن طريق الاحتراف ليس مفروشاً بالورود، فالأمر يتطلب ضرورة السفر لأوروبا منذ الصغر ، وخوض التجربة الاحترافية في سن مبكر، فاللاعب لو خرج لأوروبا في سن مبكرة يكون احترافه أسهل، بينما لاعبونا لا يفكرون في خوض تلك التجربة بجديّة كافية ..
وأُحمّل المسؤولية هنا لاتحاد الكرة ، فيجب أن يُبادر الاتحاد ويسهل مهمة احتراف لاعبيه، بل ويسعى لتقليد النموذج اليابانيّ التي تخرج لاعبيها إلى أوروبا. والاتحاد الياباني هو من ينفق عليهم وهم صغار، حيث يتعلمون الاحتراف ويحصلون على النتائج الإيجابية، وحتى لو لم ينجح اللاعب في أوروبا، فهو سيفيد المنتخب، لأنه سيكون قد عاش حياة المحترفين .
ولسان حاله يقول : «لماذا أخرج لأوروبا كلاعب، وأتعرض لمواقف صعبة، وتحديات مستمرة، وقد أفشل ؟ بينما في بلدي أو الدوري الخليجي الذي ألعب له، أُعامل معاملة النجوم وعقدي بالملايين سنوياً !
كما أن طريق الاحتراف ليس مفروشاً بالورود، فالأمر يتطلب ضرورة السفر لأوروبا منذ الصغر ، وخوض التجربة الاحترافية في سن مبكر، فاللاعب لو خرج لأوروبا في سن مبكرة يكون احترافه أسهل، بينما لاعبونا لا يفكرون في خوض تلك التجربة بجديّة كافية .
وأُحمّل المسؤولية هنا لاتحاد الكرة ، فيجب أن يُبادر الاتحاد ويسهل مهمة احتراف لاعبيه، بل ويسعى لتقليد النموذج اليابانيّ التي تخرج لاعبيها إلى أوروبا. والاتحاد الياباني هو من ينفق عليهم وهم صغار، حيث يتعلمون الاحتراف ويحصلون على النتائج الإيجابية، وحتى لو لم ينجح اللاعب في أوروبا، فهو سيفيد المنتخب، لأنه سيكون قد عاش حياة المحترفين .
وأرى أن الاحتراف لا يزال على ورق في بلادنا ، فنحن من الدول التي يحترف فيها اللاعبون، وهم في بيوتهم فقط، فأيّ لاعب يخرج لأي دولة سيلتزم بنظام الدوري هناك وتدريبات الأندية بأوروبا، والتي هي مُحترفة بمعنى الكملة، وسيطوّر من مستواه، لكن النظام الاحترافيّ حتى بدورينا، فيه اختلاف بين الأندية الواحدة في ذات الدوري، فبعضها يتدرب ساعة ونصف يومياً، وبعضها الآخر يتدرب ساعتين أو 3 ساعات”!