الموقف الرياضي _مهند الحسني:
مازالت السلة السورية تعيش في مرحلة من التفاوت بالمستوى الفني بين الجيد والمقبول، من دون أن تكون هناك حلولا جذرية لها تخرجها من النفق المظلم ، ودعونا نعترف بأننا ابتلينا بواقع رياضي مرير، جلدنا أنفسنا بالتكهنات والتأملات كثيراً، نضحك على أنفسنا وعلى الآخرين، والحصيلة اليوم كما كانت في الأمس، وكما ستكون لاحقاً لا شيء، حتى بتنا نخجل من محاولات زرع الثقة والتفاؤل في نفوس الآخرين.
الهرم المقلوب ..
نادينا منذ فترة طويلة مضت بضرورة إعادة النظر بمفاصل كرة السلة، والعمل على توجيه الأندية من أجل أن تعيد النظر في عملية بناء اللعبة على أسس علمية حديثة، لكن الموضوع تطور بمنحى مختلف وبدلاً من السعي وتأمين المناخات الملائمة لفرق القواعد واعتبارها هي اللبنة الأساسية لفريق المستقبل، راحت الأندية تصب جل اهتمامها بفرق الرجال، ووضعت كل ميزانيات النادي تحت تصرفها جراء توقيع عقود اللاعبين والمدربين الذين باتوا ينعمون بكل الأعاطي على حساب الفرق الصغيرة ومدربيها، تصوروا بأن ما يتقاضاه مدرب لفرق القواعد في أحد الأندية لا يتعدى أجرة يوم واحد من عقد لاعب بفريق الرجال، إضافة إلى عدم تلبية احتياجات هذه الفرق من كرات وألبسة ومكافآت مالية بسيطة، وهذا الواقع من شأنه أن لا يساهم في خلق جيل سلوي واعد للمستقبل، فكيف نريد أن تكون عملية البناء صحيحة وسليمة ونحن على هذه الدرجة من الاستخفاف بقواعد اللعبة وبنظام مسابقاتها، الذي بات لا يلبي طموحات جميع الأندية ولا يمكن أن يفرز لاعبين متميزين في المستقبل.
حل لابد منه
يبدو أن غياب الصالات التدريبية عن غالبية أنديتنا باتت تشكل مشكلة تؤرق القائمين على أمور اللعبة ، حيث باتت الأندية تلهث وراء جرعة تدريبية هنا وهناك لفرقها، ففرق الرجال تحظى بكل ما لذ وطاب وتجري مرانها في صالة الفيحاء الرئيسية ، ونتحدث هنا عن أندية العاصمة وما يجري فيها، أما باقي الفرق فلها ثلاث حصص أسبوعية ولمدة ساعة ونصف فقط في صالة الفيحاء الفرعية ، وفي أغلب الأحيان تم تخصيص نصف ملعب لكل فريق بحيث يتمرن اللاعبون على سلة واحدة، فكيف سيطبق مدربو هذه الفرق أفكارهم التكتيكية، وكيف سيسمح لهم هذا الوقت الضيق بمنح اللاعبين أبجديات كرة السلة الحديثة والمتطورة، وكيف سيتمكن اللاعب الناشئ من ممارسة اللعبة ورفع مهارته في ظل هذا الوقت الضيق، وكيف وكيف إلى ما شاء الله من دون أن نجد أي حلول جذرية وناجعة لهذه المشكلة التي مضى عليها سنوات طويلة وتعاقب عليها قيادات أشبعتنا بكثير من الوعود والشعارات البالية والواهية، وأبرمت صفقات كبيرة لردم هذه الفجوة غير أنه كانت من أجل المنفعة الشخصية فقط، وكل ذلك يحصل على مرأى ومسمع القيادات العليا، ومع ذلك لم نر أي تحرك جدي أو أية محاسبة للمقصرين والمفسدين الذين ما زلوا يصولون ويجولون من دون رقيب أو حسيب.
حقائق وليست أوهام
إذا كان تطور لعبة كرة السلة سيبدأ من القواعد، فإن المعطيات الموجودة على مستوى دوري الناشئين والناشئات في الفترات السابقة والحالية غير مطمئنة أبداً، وخصوصاً طريقة التعاطي مع تفاصيل البطولات الخاصة بتلك الفرق، فبعيداً عن المستويات الفنية الطابقية والتي تركت أكثر من إشارة استفهام، فأن اهتمام اتحاد السلة بهذه البطولات كان منصباً على طريقة توزيع أجور التحكيم والمراقبات، واسترضاء هذا وذاك، وتسهيل أمور بعض الحكام المدللين ، ناهيك عن سلق هذه المسابقات بطريقة غريبة عجيبة بعيدا عن أي فائدة فنية تذكر.
لكن بالمقابل لا يمكن أن نلقي باللوم على اتحاد السلة ونحمله كامل المسؤولية، فلولا توفرت أمامه الصالات والإمكانات المتاحة، لأقام أفضل المسابقات وأقواها لتلك الفرق، لكن ما باليد حيله فالإمكانات في تراجع بعد حالة التضخم المالي في البلاد، والأندية باتت شبه عاجزة عن تأمين موارد فرق الرجال بشكل صحيح، فكيف سيكون مصير فرق القواعد، لذلك يقيم الاتحاد و يضغط ويسلق مباريات جدول دوري الفئات العمرية بهذه الطريقة، فابتداء من سلق البطولة وضغطها، وأحيانا وكما جرى في الموسم الماضي حيث يقيم مباراتين في وقت واحد وعلى ملعبين متجاورين، وانتقالاً لعدم وجود ساعات توقيت أو لوحة تسجيل حيث اضطر أحد المراقبين في إحدى المباريات إلى التوقيت عبر موبايله الخاص، نظراً لتعطل لوحة التسجيل أثناء سير إحدى المباريات، هذه الفوضى كان لها أثار سلبية على أداء اللاعبين واللاعبات، وأدى إلى حدوث أخطاء غير مقصودة بسبب تداخل تفاصيل المباريات مع بعضها، حيث توقفت إحدى اللاعبات لأن الحكم أطلق صافرته لتكتشف بعدما ضاعت منها الكرة أن الصافرة جاءت من الملعب الثاني الذي لا يبعد أكثر من أربعة أمتار
عنها، ولاعبة أخرى تسمع مدربها يطالبها بالتمرير، فإذا بها تكشف بأنه مدرب آخر من الملعب المجاور.