حلب -عبد الرزاق بنانه:
عرف تاريخ البشرية على مر العصور الكثير من المحن والكوارث التي أصابت الشعوب في بلدان عدة، ولكن لم يعرف فاجعةً مثل الذي أصابت الشعب السوري في العصر الراهن فبعد صموده أكثر من عشر سنوات حرب في وجه عشرات الدول التي تأمرت على تخريب بلده ونهب ثرواته وتشريد أهله، وحصاره اقتصادياً بهدف تجويعه إلا أنه ظل صامداً، وكأن شيئاً لم يكن تعرض لكارثة زلزال كبير ضرب عدداً من المدن السورية، وشرّد الآلاف من بيوتهم.
وهنا توضح الوجه المشرق المعروف عن هذا الشعب العظيم الذي أثبت للعالم أن الشعور الوطني المكلل بالإنسانية فوق كل الاعتبارات الأخرى إذ تسارع شرفاء الوطن في الداخل والخارج إلى نجدة المواطنين ومدّ يد المساعدات الى المنكوبين وتقديم الاحتياجات اللازمة لهم لتخفيف أكبر قدر ممكن من معاناتهم وأسقطت أقنعة المتوهمين بأنهم أصحاب الحضارة الإنسانية الذين ظلوا متفرجين على محنة هذا الشعب المكابر على جراحة الثخينة.
تعاضد الرياضي
بعد كارثة الزلزال الذي ضرب مدينة حلب يوم الاثنين الماضي بات واضحاً أن الرياضيين السوريين يمثلون الأصالة الحقيقية لهذه الشريحة من المجتمع السوري المعطاءة خارج الملاعب والصالات وأن الرياضيين والجماهير في الأندية السورية هم أخوة حقيقيون وأبناء بلد واحد في وطن واحد، وأن الجميع يتنفس ويتألم سوياً فالجهود التطوعية التي أعلنت منذ اللحظات الأولى للكارثة نسجت خيوطها في إطار الاستجابة الإنسانية لتخفيف المعاناة وتداعيات المحنة فكانت مشاركة الكوادر الرياضية من جميع الأندية من خلال الالتحاق بفرق الإنقاذ والإغاثة ووضع مقرات أندية الاتحاد والحرية والجلاء واليرموك والعروبة وباقي الأندية مراكز لإيواء اللاجئين ممن تضررت منازلهم ولعل تعاطف الأندية الأخرى من خارج المحافظة مثل الكرامة والوثبة مع كارثة حلب دليل واضح على أن الرياضيين السوريين سيكونون يداً واحدة في دعم الإنسانية لتخفيف الألم الذي تتعرض له المدن السورية في مثل هذه الأوقات العصيبة.
المنشآت الرياضية تحتضن منكوبي الزلزال
منذ الساعات الأولى للكارثة وضعت اللجنة التنفيذية للاتحاد الرياضي العام في حلب المدينة الرياضية تحت تصرف المتضررين من الزلزال.
«الموقف الرياضي» التقت رئيس اللجنة التنفيذية مازن بيرم الذي أكد أن أبواب المدينة الرياضية فتحت مباشرة أمام الأهالي والعائلات التي توافدت إلينا من جميع أنحاء المحافظة لعدم امتلاكهم مأوى بعد أن فقدوا منازلهم وتم توزيع العائلات على صالة السلة العملاقة وملعب الحمدانية والصالات التدريبية وقدمنا كل ما يلزمهم حسب الامكانات المتوافرة لخدمتهم على مدى أربعة وعشرون ساعة من خلال تقسيم العمل بين أعضاء اللجنة التنفيذية والكوادر الرياضية التي تطوعت للعمل.
وأشار بيرم الى أن أندية حمص الكرامة والوثبة أرسلت قوافل مساعدات تم توزيعها على الأسر المتضررة الموجودة في المدينة الرياضية من خلال لجنة من محافظة حلب تقوم بإعداد جداول بيانات وبين أن غرفة صناعة حلب قامت بتأمين مستلزمات من ألبسة ومواد غذائية وحاجات الأطفال بالإضافة لبعض المبادرات من الأهالي.
دعم ومؤازره
سعد قرقناوي مدير المدينة الرياضية أكد لـ»الموقف الرايضي»
تم وضع المدينة الرياضية بكافة مفاصلها تحت خدمة الأسر المنكوبة، وتم توزيعهم على الملاعب والصالات وتأمين كل المستلزمات اللازمة لهم واستوعبت الملاعب بحدود ستمائة عائلة بحدود ألفين فرد وبمبادرة خلّاقة من الأهالي تم تقديم مستلزمات النوم من فرش وبطانيات وأدوات تدفئة ووجبات الطعام شاركت فيها غرفة صناعة حلب وبعض أهالي حلب وتأمين مشفى ميداني لرعاية المحتاجين صحياً لتحقيق الأمن الصحي للمواطن السوري.
ضحايا الزلزال
كان من ضحايا زلزال حلب من الأسرة الرياضية لاعب نادي العروبة الناشئ لكرة السلة البيرتنكجيان ووالدته والدكتور كمال خضير رئيس الاتحاد العربي للثقافة البدنية
نجح السوريون في اجتياز الحواجز وأثبتوا أنهم شعب واحد ذو عزيمة وإصرار على انسانيتهم فسورية بهذه الملامح المتمثلة بالتضامن والالتفاف حول قيادتها الحكيمة ستعود أفضل مما كانت عليه لأن قدرها التطلع عبر الزمن إلى الأفضل والأجمل والرحمة لشهداء الزلزال والشفاء العاجل للجرحى.
المزيد..