مهند الحسني:
سألني بعض أهل اللعبة مازحاً وإنما بحسم لماذا لا تكتب سوى عن الوجه المظلم للسلة السورية وعن الأشياء السلبية، وكأنك لا ترى إلا السواد..؟
ولأني خجول فقد ارتبكت، وكدت أعتذر غير إنني ما إن تركته حتى استعدت شجاعتي، وهذا أمر يحدث لي فقط صدفة، ثم تذكرت حكايتي الطويلة مع الحكمة الأزلية والمرشحة لأن تكون أبدية، عليك أن ترى النصف الممتلئ من الكأس، لطالما أُلقيت هذه الحكمة على مسامعي، ولطالما حاولت أن أؤمن بها، ولكن دون جدوى.
حاولت في إحدى المرات أن أبعد نفسي قدر المستطاع عن التفاصيل التي تموج بقلب عمل وأخطاء اتحاد السلة الحالي خشية أن تتكسر في داخلي صورة جميلة حفظتها عن هذا الاتحاد في الفترات السابقة عندما كان يقوده أهل اللعبة من الخبرة الفنية والإدارية، لكن عبثاً، فالتفاصيل التي أهرب منها تطاردني حتى عندما أكون خارج التغطية، وتبدأ بدغدغت قلمي ما يدفعني للكتابة.
تفاصيل
لم تكن منتخباتنا الوطنية في السنوات الماضية متربعة على عرش منصات التتويج لذلك من الطبيعي أن يخسر رجال سلتنا أمام السلة النيوزلندية واليابانية والإيرانية، و لكن من غير الطبيعي أن تخسر بفارق يصل إلى 63 نقطة.
ومن الطبيعي أن نسعى لتعزيز الأداء الدفاعي للمنتخب في ظل غياب المواهب الهجومية، لكن من غير الطبيعي أن تكون نتيجة التركيز على الجانب الدفاعي استقبال سلتنا لـ 107 نقاط.
والطبيعي أن نستعين بمدرب أجنبي عال المستوى في ظل ظروف مدربينا الوطنين الحالية، لكن من غير الطبيعي أن تكون نتيجة المنتخب مع المدرب الوطني أقل سوء من المدرب الأجنبي،
وقد يكون من الطبيعي الاستعانة بلاعب مجنس لستر عوراتنا الهجومية، ولكن من غير الطبيعي أن يكون هذا المجنس عبئا على لاعبينا المحليين ويكون همه كسب العملة الصعبة على حسابنا، ومن الطبيعي أن تصبح سلتنا مثقبة، و مقطعة لكثرت ما تستقبله من نقاط، و لكن من غير الطبيعي أن لا يتجاوز مجموع نقاطنا ٧٠ نقطةً، ومن الطبيعي أن يحضر نجوم كرة السلة السابقين في اللجان الفنية للاتحاد، لكن من غير الطبيعي أن يكون الحضور للظهور الإعلامي فقط،
والطبيعي أن يقدم النجوم السابقون وجهة نظرهم للخروج بالسلة السورية من مستنقعها لكن غير الطبيعي أن لا نرى دوراً إيجابياً واحداً للمعتزلين في أنديتهم على أقل تقدير.
قد يكون من الطبيعي أن ينادي بعض النجوم بإتاحة الفرصة للاعبين الشباب، وإصدار قرارات بتقليص مساحة مشاركة اللاعبين الأكبر سناً، ومن غير الطبيعي أن نتذكر أن هؤلاء النجوم اعتزلوا على حافة الأربعين، و كانت أماكنهم في أنديتهم محجوزة، و لو دون تمرين.
الطبيعي أن ننادي بإصلاح كرة السلة السورية، وغير الطبيعي أن تكون المناداة بالإصلاح لتصفية حسابات شخصية أو تحقيق آمالا ورديةً.
الطبيعي أن ننادي بالشفافية والعلاقة القوية مع الإعلام، وغير الطبيعي أن نعجز عن الرد على مكالمة هاتفيةً، و لو كانت لغايات العمل، و مصلحة كرة السلة الوطنية.
والطبيعي أن ينتقد أعضاء الاتحاد الأداء الإعلامي لاتحاد كرة السلة، وغير الطبيعي أن يكونوا فاشلين في بناء علاقة تشاركيه مع وسائل الإعلام.
والطبيعي أن تكون هناك محاسبة ومساءلة لاتحاد السلة ومن غير الطبيعي أن لا يحرك أحد ساكناً تجاه رئيس اتحاد صرف المليارات على إعداد منتخب جلها من رمل ووهم، ومن الطبيعي أن يقدم استقالته ويرحل ومن غير الطبيعي أن تقبل عودته من دون حتــى ســــؤال واحــد عـــن ما فعلــه وأنجزه منــذ توليه لمهامه في رئاســة الاتحاد.
نصف الكأس
هذا هو النصف الممتلئ من الكأس، أما النصف الفارغ أن اتحاد السلة فشل في تحقيق أي نقلة نوعية في إعداد منتخباته الوطنية وبأنها منيت في عهده بخسارات كانت الأقسى لها منذ نشأنها، وبأن الأموال التي صرفت عليها كانت كافية لبناء صالتين تدريبيتين،، والآن احكموا بأنفسكم، إلى أي من النصفين علي أن أنظر.
خلاصة
وصلنا إلى حقيقة بعد الذي جرى من فصول مسرحية عبثية مضحكة أن سلتنا لن تسير إلى الأمام خطوة واحدة ما دامت تدار بعقلية الآنا، وبأن طريقها نحو المرحلة الأفضل بات مسدود.