الرئيس الأسد في كلمة متلفزة إلى الشعب السوري: ما قمتم به كان ظاهرة تحدٍّ غير مسبوق لأعداء الوطن وتحطيماً لغرورهم وكبريائهم الزائف وصفعة على وجوه عملائهم
قال السيد الرئيس بشار الأسد في كلمة متلفزة إلى الشعب السوري بمناسبة فوزه بانتخابات رئاسة الجمهورية:
أيها الإخوة المواطنون.. إخوتي بالولاء والانتماء:
في كل استحقاقٍ وطني، سواءٌ كان هذا الاستحقاق دفاعاً بالسلاحِ أم بالرأي أم بالعمل أم استحقاقاً دستورياً، كنتم دائماً تضعونَ تعريفَكم الخاص لمعنى الوطنية، وفي كل مرحلة مررنا بها، كان تعريفُكم يحمل رسائلَ خاصة، سواء للصديقِ أم للعدو، تنطلق من ظروف تلك المرحلة وتتناسب مع تحدياتها، ومع أن رسائلَكم العديدة لم ينقُصْها في أ ي وقت من أوقات الحرب البلاغةَ والحكمةَ والوضوحَ الصارخِ بمفرداته، والمعاني العميقة التي تحملها السطور وما بين السطور إلا أن الخصوم والأعداء أصروا على تجنبها وإنكارها، كجزء من سياساتهم المبنية على إنكار الواقع، وإنكار فشل وهزيمة سياساتهم، وعدمِ الاعتراف بانحطاط مبادئهم وأخلاقهم، وبدوا خلال سنوات مضت وقد أصابهم العمه العقلي، فهم يرون بعيونهم لكنهم لا يرون بعقولهم.
وفي هذا الاستحقاق فإن تعريفَكم للوطنية لم يختلف بالمضمون، لكنه اختلف بالطريقة والأسلوب، وسيختلف حتماً بالنتائج والتداعيات، وستخترق رسائلُكم كلَّ الحواجزِ والدروعِ التي وضعوها حول عقولِهم، وستنقل عقولَهم من حالة السُبات الإرادي التي عاشوا فيها لسنوات، إلى حالة التفكير القسري فيما يحصل على أرض الوطن، فما قمتم به خلال الأسابيع الماضية لم يكن مجرد احتفالات بمناسبة، ولا مجرد تعبير عن اندفاع و عاطفة وطنيين، أو التزام بواجب وطني هو المشاركة بالانتخابات الرئاسية، ما حصل يتجاوز كل ذلك بمساحات واسعة ومسافات كبيرة، ما قمتم به كان ظاهرةَ تحد غيرِ مسبوق لأعداء الوطن بمختلف جنسياتهم وولاءاتهم وتبعيتهم، كان تحطيماً لغرورهم وكبريائهم الزائف، وصفعةً على وجوه عملائهم وأزلامهم، هذا التحدي هو أعلى درجاتِ التعبيرِ عن الولاء الصادق والعميق للوطن، وهو أقوى مستوياتِ الشدةِ في إرسال الرسائلِ المناسبة ِلأشخاص جلسوا في الغرف المظلمة يحوكون الدسائس و يرسمون الخطط ، و يحلمون بالنجاح على حساب أموالنا ودمائنا وشرفنا وكرامتنا، والذين سيندُبون حظهم مرة أخرى مع إمعاتهم ، لسوء تقديرهم وخطأ حساباتهم، وقصر نظرهم، وعدم فهمهم لحقيقة وطبيعة ومعدن هذا الشعب.
لقد قلبتم الموازين ونسفتم قواعدَ اللعبة وأكدتم بما لا يدع مجالاً للشك أن قواعدها توضع هنا، وتصنع هنا، وتحدد هنا، بأيدينا ولا مكان لشركاء سوى للإخوة والأصدقاء.
لقد أعدتم تعريفَ الوطنية وهذا يعني بشكل تلقائي إعادة تعريف الخيانة، والفرق بينهما هو كالفرقِ بين ما سمي ثورةَ ثوار، وما شهدناه من ثورانِ ثيران، هو الفرق ما بين ثائرٍ يتشرب الشرف، وثور يُعلف بالعلف، بين ثائر نهجُه عزٌ وفَخار، وثورٍ يهوى الذلَ والعار، وما بين ثائر يركع لخالقه، وثور يخر ساجداً أمام الدولار.
عرّفتم الثورة وأعدتم إليها ألقها بعد أن لوث اسمَها جزء من المرتزقة وفاقدي الشرف حاملي جواز سفر سورياً، أنقذتم سمعتها وأعدتم إطلاقها، لذلك ما حصل لم يكن احتفالات على الإطلاق، بل كان ثورةً بكل ما تعنيه الكلمة من معنى حقيقي لا مجازي، ثورة ضد الإرهاب والخيانة والانحطاط الأخلاقي، ثورة لسان وقلم وعمل وسلاح، ثورة :عنوانها الشرف ضد كلِ ساقط ارتضى لنفسه أن يكون مطية يمتطيها الآخرون ليصلوا بها إلى حيثما يشاؤون.
أيها الإخوة، مواطنون ومواطنات:
إن اختيار الشعبِ لي لأقوم بخدمته في الفترة الدستورية القادمة هو شرف عظيم لا يرقى إليه سوى شرف الانتماء لهذا الشعب، ليس بالهوية فقط، وإنما بالتطلعاتِ والأفكار والقيمِ والعادات، وما يزيدني حماسةً وثقةً بالمستقبل، هو روحُ التحدي الموجودةِ لديكم، والتي من دونها، لا يمكن لحامل المسؤوليةِ مواجهة التحديات الوطنية الكبرى، ومن دونها لا يمكن لوطنٍ القيامُ بعد ١٠ سنوات من الحرب.
إنها القوةُ الكامنةُ لديكم والتي تظهر بشكلها الجلي في المفاصل الكبرى، والتي تستفزُها التحديات، وتحولها إرادتُكم إلى عمل وإنجاز، إنها الطاقة الجبارة التي تمد الوطن بالقوة، وتؤهله للفوز والانتصار.
وأنا واثق من أننا بهذه الروح المقاتلة، سنتمكن من هزيمة كل أعدائنا مهما كثُرت النزالات، واشتدت الخطوب، هذه الروح هي ما نحتاجه للمرحلة القادمة، وهي مرحلة عمل مستمرٍ ومقاومةٍ وصمود، لكي نثبت لأعدائنا مرة أخرى أن محاربة شعبِنا بمتطلباته الأساسية وبلقمة عيشه، لا تزيده إلا تمسكاً بوطنه، وبكل ما يرمز إليه، وأن هذا الشعب عند الاستحقاقات والامتحانات الكبرى، دائماً ما أثبت أن الوطن يعلو ولا يعلى عليه.
أيها الإخوة، أيها الأحبة:
أتوجّه بالتحية لكل مواطن سوري عبّر بطريقته عن محبته للوطن، في كل مدينة وبلدة وقرية، سواء عبر المسيرات أم التجمعات الشعبية أم بغير ذلك.
أوجّه التحية لكل فرد وعائلة وعشيرة، عبّروا عن انتمائهم المطلق لبلدهم ورفعوا رايته، فصمدوا في الحرب، وتحدوا في الاستحقاق.
أوجّه التحية لمواطنينا في المغترب الذين تكاملوا برسائلهم من الخارج مع رسائل إخوتهم في الداخل، ولم تمنعهم المسافات والعقبات من المشاركة بحماس في الانتخابات، ولمن لم يتمكن من القيام بذلك لضغوط أو لبلطجة تعرّض لها، نقول له: صوتُك وصلَ وبقوة مضاعفة، ليس عبر الصندوق وإنما عبر الموقف، فالرسالة للأعداء وصلت، والمهمة الوطنية أنجزت.
عِشتم شعباً أبياً لا يقبل الهوان.
عِشـــتم شــعباً عزيزاً لا يخضع للضيم، ولا ينحني إلا لله.
دمتم ودامت لنا سورية حرة كريمة قوية منيعة.