في البدء كان الشغف عنوان الحكاية الكروية، وكان صلة الوصل العاطفي بين الرؤوس والأقدام التي راحت تتفنن في رسم رقصات الإبداع فوق العشب الطبيعي.
وفي البدء أيضاً كان أساتذة الاحتراف في إنكلترا وويلز وإيرلندا الشمالية واسكتلندا «يترفّعون» عن مقارعة التلامذة الهواة نداً لند، فلم يشاركوا في كأس العالم في البطولات الأولى الثلاث، لكن التلامذة «الهواة» أثبتوا علو كعبهم ولقنوا الأساتذة عدداً من الدروس جعلتهم يُغيّرون رأيهم وينطلقون للمشاركة في ذروة الشغف الشعبي في نسخته الرابعة، واضعين كأس جول ريميه في مرمى القلب والعين.
وفي هذا الوقت بدأ الاحتراف بالتمدد شيئاً فشيئاً في بلدان العالم المختلفة، ودخل الجميع معترك المال والصفقات مع توتر شرياني صاعد في أرقامه التي باتت أقرب للخيال، لكن في الوقت نفسه كانت القوانين الناظمة للاحتراف شاملة ومتجددة.
ولا نبالغ حين نقول إن ذروة ذلك الشغف كانت «الواحة» الروحية والنفسية لعشاق الساحرة ولاعبيها في بلدنا، كما كانت الهواية نافذة الهواء النقي الذي تتشر به (المدورة) نابضة بجهد وعرق أبنائها الذين أخلصوا لهوايتهم الأثيرة رغم الفقر، فاللعبة أساساً معشوقة الفقراء.
ومع انطلاق الاحتراف في أنديتنا الكروية كان من الطبيعي أن يأخذ مساراً جديداً تضيء طرقه الرغبات والمتطلبات المادية المضاعفة، ليدخل بعض الأفراد ومن ثم الشركات لرعاية هذا النادي أو ذاك، لكن بقيت الكثير من إشارات الاستفهام حول مفهوم العمل الاحترافي الإداري والفني، ولم تسلم العقود من ضعف شديد على هذا المستوى، في حين كانت البداية تتطلب الكثير من العمل المدروس بين الرؤوس وما تنضوي عليه من تخطيط وتنظيم، وبين الأقدام التي ستحول ذلك كله إلى لوحات فنية فوق المستطيل الأخضر، وكان أبرز ما تعانيه التجربة الجديدة القلة المادية، وضعف الموارد وسوء استخدام الرعاية أحياناً، فكان الاحتراف صورة غائمة عندنا عن حقيقته، وهو ما يعترف به الكثير من المعنيين دون الإقدام بشكل جدي على الخطوة الضرورية، حتى إن الرؤية التي سمعنا عنها مؤخراً لمشروع احترافي جديد لم تظهر رغم اكتمال خطوطها الأساسية ووضعت على الرف لأسباب مجهولة ؟!
فهل يجدي السؤال عن هذا النظام الاحترافي المنتظر أم إن انطلاقة الدوري غطت على كل شيء ؟!
غســـــان شـــمه
gh_shamma@yahoo.com