ليلة الملك بألف ليلة وليلة تاج البطولة يليق بكم والفرحة التي غمرت الوطن من صنعكم…الكرامة.. زعيم ونسرٌ.. ولحن ألق تغنّت به كلّ الحناجر
96دقيقة لم تنزل فيها أيدينا عن قلوبنا, هذه القلوب التي حوصرت بالأمل والخوف خلال دقائق كانت هي الأطول في رحلة فريق الكرامة التي تُوّجت بالفرح والنصر…
الكلّ كان معكم قلباً وقالباً… منذ الصباح زحفوا إلى ملعب خالد بن الوليد ليضمنوا لأنفسهم مكاناً على مدرجات الفرح…
الكرامة… فرحتنا الكروية التي حملت معها ولادة جديدة للكرة السورية استطاع أن يلمّ على أمل واحد الجميع فكان رهان الجميع وكانت الفرحة للجميع..
أوّل الداعمين لفريق الكرامة في هذه المباراة كان السيد المهندس محمد ناجي عطري رئيس مجلس الوزراء الذي حضر المباراة وأعطى دفعاً معنوياً للاعبي الكرامة وكان أوّل المهنئين بفوزه فشكراً لك سيادة رئيس الوزراء..
سجّلوا هذا التاريخ في أرشيفكم: الأربعاء 17 أيار ,2006 سيبقى هذا التاريخ ومضةً مفرحة في ذاكرة كلّ الرياضيين, هو اليوم الذي شهد خروج الكرة السورية من انكساراتها ووضعها على خارطة الحسابات القارية..
راجعوا شريط الملحمة الكروية التي شهدها ملعب خالد بن الوليد, والكرنفال الذي أعقب المباراة داخل وخارج الملعب وستعرفون كم كان حجم الفرح كبيراً.
استعيدوا بدايات المشاركة الآسيوية هذا الموسم وكيف كان الآخرون يضعوننا على السقف بعيداً عن حسابات الصدارة وكيف كان الكرامة بكلّ كوادره يردّ بثقة وبهدوء ويعمل ما عليه تاركاً للآخرين قول ما يريدونه..
في البداية وبعد فوزه على الوحدة الإماراتي الملقب بأصحاب السعادة قالوا: أصحاب السعادة يرفعون القبعة احتراماً لأصحاب السيادة!
توهّموا أن تكون طفرةً, فأعقب فوزه ذاك بفوز ولا أغلى على سابا في إيران فأصبح الزعيم وبدأت حكاية البطولة تسيطر على التفكير هنا وبدأ السؤال يكبر: هل سيستمر الطوفان الأزرق?
حدث المكروه, وخسر الكرامة أمام الغرافة في الدوحة وكاد الأمل أن يلمّ عبقه من الملاعب لكن الردّ لم يتأخّر وعبر الغرافة نفسه وإنما في حمص ثمّ كانت الخسارة الثانية أمام الوحدة في أبو ظبي ليصل الفريق إلى المباراة الحاسمة أمام سابا الإيراني وقد تفاءلتُ حين وجد الفريق نفسه أمام خيار واحد هو الفوز وهذا ما كان, لكن لا أخفيكم أنني وأنا أعيش لحظات الانتظار في المباراة تمنّيتُ لو أنّ التعادل يكفينا خشية تلقّي مرمى الكرامة هدف وأنا أتابع هذا الضغط الإيراني على مرمى البلحوس!
سامحونا!
العزف على وتر البطولة ينجي عازفه من أي نشاز, وقد كان من دواعي سرورنا أننا شاركنا الجوقة الزرقاء تحضيراتها للعرض والعزف لذلك شعرنا أكثر من غيرنا بحلاوة الفوز والانتقال لربع نهائي البطولة الآسيوية..
أحببنا الكرامة لا لأنه الكرامة وحسب, بل لأنه أعادنا إلى الأيام الخوالي التي كانت فيها كرة القدم جزءاً من غرورنا وسعادتنا…
أحببنا الكرامة لأنّ كلّ ما فيه أميرٌ أمير وبالأذن من شاعرنا الكبير نزار قباني رحمه الله: لديَ شيء كثيرٌ أقوله.. لديَ شيء كثير.. من أين يا غاليتي أبتدي ..وكلّ ما فيك أميرٌ أمير?
هل أتحدّث عن إدارة كرماوية ناجحة عشرة على عشرة بغضّ النظر عن تأهل فريقها إلى هذا الإنجاز الآسيوي أو فوزه ببطولة دوري المحترفين?
أم أتحدّث عن الإخلاص الكبير للاعبي الفريق وحرصهم اللافت على سمعة ناديهم ومدينتهم ومحبّة جمهورهم العاشق لهم?
أم أتحدّث عن ذلك الطوفان البشري الذي رافق الكرامة في كلّ مبارياته وكان الرقم الصعب في هذه البطولة, هذا الجمهور الذي يستحقّ أن يكون له الملعب الذي يستوعب محبته لناديه ونستغلّ هذه المناسبة لنتمنى على السيد رئيس مجلس الوزراء أن يوعز للجهات المختصة بالبدء بتنفيذ الملعب الذي سيتسع ل¯ (45) ألف متفرّج والمقرر إشادته منذ فترة لا بأس بها!
أم أتحدّث عن الإعلام الرياضي المسؤول الذي وقف إلى جانب الكرامة في هذا الإنجاز وكان مؤثراً فيه?
بصراحة كلّ هذه الأمور تداخلت في نسج لوحة الفرح التي رسمها فريق الكرامة وقادته مرحلة جديدة من التحدي في ربع نهائي المسابقة في أيلول القادم ويا له من إنجاز يسجل للكرة السورية!
لن أذهب إلى تفاصيل ما شهدته حمص يوم الأربعاء الماضي وسأترك ذلك للزميل حيان الشيخ سعيد من قلب الحدث لكن هناك رجاء أتمنى أن يلتفت إليه القائمون على كرة الكرامة وهو ألا يقفوا عند هذا الإنجاز فقد دبّ فينا الطمع وليس هناك ما يمنعنا من اللعب في بطولة أندية العالم بعد الفوز بلقب هذه البطولة وعلى هذا الأساس يجب أن يتجدّد تفكيرنا الكروي والوقت في خدمتنا وأربعة أشهر تقريباً قبل الدور القادم كافية تماماً لتجديد دماء الفريق وإعادة صياغة الخطط من جديد…
من يتجاوز فرق الوحدة والغرافة وسابا من حقّه أن يفكّر بتجاوزاي فريق ولا أحد أفضل من أحد, والإمكانيات المادية التي (يبحبحون) بها لن تكون عائقاً أمام استمرار الكرامة في هذه البطولة لأنّ إدارة النادي لا تقصّر في هذا الخصوص أما الإمكانيات الفنية فهي والحمد لله ممتازة في فريق الكرامة ولاعبوه تفوّقوا على نجومية أسماء كبيرة واستطاعوا بحبّهم لناديهم ولجماهيرهم أن يقلّصوا الكثير من المسافات التي كانت تفصلنا عن أشقائنا في دول الخليج العربي.
عملنا الكثير ومازال على فريق الكرامة عمل المزيد وطريق البطولة يبدأ بهذا الشكل والمهمّ هو المتابعة بنفس القدر من الثقة والإصرار ولديَ إحساس كبير بأنّ فريق الكرامة قادر على المتابعة والتقدّم أكثر في معارج هذه البطولة ومن يدري فقد يفتح أمامه طريق اللقب فمن يستطيع حينها أن يستوعب الفرحة الكبيرة?
قد نغالي بعض الشيء في أمانينا لفريق الكرامة لكن كرة القدم تخلص لمن يخلص لها ولاعبو الكرامة مخلصون إلى أبعد درجة.