قبل مرحلتين من انتهاء منافسات الدوري السوري للمحترفين بكرة القدم بدأت الصورة النهائية
لخارطة هذا الموسم تتضح شيئاً فشيئاً وخاصة بالنسبة لحسم البطولة والذي صار على بعد خطوة واحدة من فريق الكرامة فيما بقيت مسألة الهبوط للدرجة الثانية معلّقة في انتظار ما ستسفر عنه مباريات اليوم برسم الجولة قبل الأخيرة من هذا الدوري وبالتالي فقد أصبح الحديث عن الخطوط العامة في هذا الدوري ممكناً ومطلوباً…
جمهور (صعب) ومتشنّج, تحكيم ظالم ومظلوم, اتحاد كرة متهم رغم اجتهاده وصبر أعضائه, إعلام متقلّب من وجهة نظر الآخرين, لوائح قاصرة ومحبطة, إدارات لا يعرف معظمها ما لها وما عليها, علاقة غير واضحة بين الأجهزة الفنية واللاعبين, تباين بالمستوى بين فرسان الدوري وحتى بالنسبة للفريق الواحد, محترفون عربٌ وأجانب دون مستوى لاعبنا المحلي, بروز مواهب شابة وغياب نجوم, تداخل منافسات الدوري مع استحقاقات المنتخبات والأندية, والخلاصة: الدوري السوري تجاوز حدود ال¯ 50% من القبول ونعمل على باقي النسبة من أجل الموسم القادم…
كلّ عنوان من هذه المقدمة يحتاج إلى وقفة خاصة به في إطار القراءة الفنية لموسم 2005-,2006 نتكل على الله في هذا الملفّ الذي سيستمر معنا على مدار هذا الشهر وقد اعتمدنا في إعداده على متابعتنا أولاً, وعلى تقارير مراسلينا ثانياً, وعلى كشوف مباريات الدوري لدى اتحاد الكرة ثالثاً, وقاطعنا ذلك مع قرارات ومواقف اتحاد الكرة ونأمل ألا تكون نسبة الخطأ فيه كبيرة وألا تكون (الأنا) قوية في هذا العرض..
في هذه الوقفة الأولى سنقصر حديثنا عن المستويات الفنية لفرق الدوري ومقارنة هذه المستويات مع الإمكانيات الفنية والمادية المتاحة ومقاطعتها أيضاً مع حالة الاستقرار التي يعيشها كلّ فريق من الناحيتين الفنية والإدارية على أن نخصص الوقفة القادمة لقضايا التحكيم والتدريب وفي الوقفة الثالثة ومع انتهاء الدوري تستحقّ البطولة وقفة متأنية مع فارسها وأرقام تلخّص منافسات الدوري بشكل واضح وبعيد عن أي تقليد…
احسبوها على النحو الآتي!
لماذا اعتبرنا فوز النواعير على الاتحاد تراجعاً بالنسبة للأخير ولم نحسبه تقدّما وتطوراً بالنسبة للنواعير?
للأسف إننا لا نجرؤ على مثل هذا التصريح لأنّ هناك (أسماء) يجب أن تبقى على (قدسيتها) ولو غيّرت جلدها!
هل يزعل أحدنا عندما يأتي من يقول له: ابنك أفضل منك? إذاً هل يسامحنا محمد عفش على سبيل المثال إذا قلنا إنّ عمر حميدي أو عبادة السيد أو عبد الفتاح الآغا أفضل منه (ودائماً أذكر محمد عفش كمثال لأنني أحبّه وأحترمه كثيراً وهو من وجهة نظري لاعب من الصعب تعويضه) ?
خلاصة الكلام في هذه المسألة: هناك تطور كروي ما نعيشه وإنما على فترات متقطعة, أي أننا لم نسيطر بعد على مطالع هذا التطور الذي بدأ يفرض حضوره والسبب ارتجالية العمل في أكثر من موقع يؤثر على الأداء الفني شئنا أم أبينا, وكلّ ما نحتاجه هو أن نمتلك القناعة بهذا التطور ونعرف كيف ندجّنه بحيث لا يفارقنا مجدداً, وكيف نجعل منه محفّزاً لا سبباً في الارتخاء, ولا أخفيكم أخشى إذا ما مدحتُ لاعباً شاباً أن يعتقد أنّه بلغ القمّة فيقف حيث هو, وإذا ما أبدينا إعجابنا بفريق ما في مباراة ما فيظنّ أنّه الفريق الذي لا يُهزم…
كلّ شيء في هذه التقييمات يخضع للنسبية, إذ غالباً ما تُغطّي قوة دفاع فريق ما على ضعف هجومه أو ارتباك وسطه كما هو الحال في نادي الوحدة على سبيل المثال, أو يكون العكس كما في فريق حطين, أو يكون خطّ الوسط هو كلمة السرّ كما فر فريق الكرامة, أو يكون حارس المرمى هو الرقم الصعب في الفريق كما في فريق الجيش, أما الحالة المثالية التي نتمناها في فرقنا فمازالت غائبة وإن كانت هناك بعض الفرق التي بدأت تعمل عليها في إياب هذا الموسم مثل الطليعة والاتحاد..
أتابع العديد من البطولات العربية, وقد يكون رأيي القادم مفاجئاً بعض الشيء لمن اعتاد قراءة ملاحظاتي على فرق الدوري لكن دورينا يحتلّ مركزاً متقدماً على الصعيد العربي من حيث المستوى الفني وأستطيع أن أضعه بين أقوى (4) بطولات عربية إذا ما أخذنا الإطار العام لأنّ هناك بعض البطولات مثل الكويت أو الإمارات أو الأردن ولبنان تتضمن عدداً محدوداً من المباريات الجيدة وهي التي تجمع فرق المقدمة فيما بينها بينما ثلاثة أرباع مباريات دورينا تتراوح من المقبول إلى الجيّد..
كيف ظهرت الفرق?
لن تغيّر المباراتان الباقيتان لكلّ فريق صورته في هذا الدوري وبالتالي فإن الحديث عن صورة فرق دورينا قبل نهايته بأسبوعين مبرّر و(24) مباراة لكلّ فريق كافية لتقديم صورته الحقيقية…
الكرامة:منذ ثلاثة مواسم أو أكثر والقائمون على كرة الكرامة يعملون للمستقبل, أوجدوا التربة الصحيحة وبذروا فيها الصالح من البذار وتعهّدوها بالرعاية فأينعت هذه الزراعة نضجاً وحضوراً ممتعاً وكرة قدم حديثة ومتطورة تتناقلها أقدام موهوبة ومحترفة ولم يملّ الزارع من الانتظار فلامست لقب هذا الموسم جدارة واستحقاق…
خطوط الكرامة بشكل عام جيّدة لكن تباينت قوتها واختلف مردودها, فحراسة المرمى والتي كانت علامة كرماوية فارقة اهتزّت في لحظات مؤثرة وربما كان لوجود حارسين متميزين هما مصعب بلحوس وعدنان الحافظ أثر سلبي, أما خطّ الدفاع الذي شغلته عناصر خبيرة وأخرى شابة فقد كان جيّداً رغم بعض الهفوات التي كلّفته ضياع الكثير من النقاط في مباريات سهلة بالدوري وتميّز في هذا الخطّ حسان عباس وأنس الخجا وجهاد قصاب, وكانت قوّة الكرامة الضاربة في خطّ وسطه بقيادة المخضرم عبد القادر الرفاعي ووجود النشيطين سفير أتاسي وعاطف جنيات ومن أمامهم جهاد الحسين وإياد مندو, وعلى الرغم من كلّ الملاحظات التي سجلت على خطّ هجوم الكرامة إلا أنّه كان جيداً والحديث عن ضياعه للعديد من الفرص السهلة لا يُنسينا قدرته على إيجاد الحلول في الأوقات الصعبة وقد مثّل هذا الخطّ بشكل أساسي أحمد تركماني وحيان الحموي وفهد عودة ومهند إبراهيم….
الجيش: لو سُئلت بداية هذا الموسم عن توقعاتي لبطل الدوري لما ترددتُ لحظة بترشيح فريق الجيش لهذا اللقب لأنه استقدم مجموعة متميزة من اللاعبين وأخضعهم لبرنامج تحضيري مثالي ولا أحد يستطيع الغمز من قناة الإمكانيات المادية بالنسبة لهذا الفريق لكن ما إن بدأ الدوري حتى بدأت رائحة الاحتجاج تصلنا من نادي الجيش.. البعض يحتجّ على أسلوب تدريب المدرب السابق فاتح زكي, والبعض الآخر يحتجّ على جلوسه على مقاعد الاحتياط, وبدأت العروض الجيشاوية تنحدر شيئاً فشيئاً مع الحفاظ على النتائج الجيّدة وقد كانت هذه المسألة نقطة حيرة لدى إدارة الجيش فقد بدأ يصلنا عدم قناعتها بالمدرب فاتح زكي لكن الفريق يحقق نتائج طيبة وأذكر حين تمّ الطلاق بين الزكي وفريق الجيش قال لي وبالحرف الواحد: تركتُ فريق الجيش وهو متصدّر فما الذي سيفعله من يأتي بعدي أكثر من البقاء في الصدارة, ويبدو أنّ الزكي كان يعرف إلى أين يمضي هذا الفريق..
إشارتي إلى هذه المسألة هي للدلالة على أنّ النتائج التي حققها الفريق كانت أفضل بكثير من المستوى الذي قدّمه ولا عذر للجهاز الفني لأنّ لديه من اللاعبين (دبل سكور) ويكفي أن نذكر: رضوان الأزهر, طارق جبان, باسل الشعار, عادل عبد الله, إياد الحلو, رغدان شحادة, نهاد الحاج مصطفى, فراس تيت, يامن عبود, علي نصار, لورانس شمالي, رائد كردي, محمد زينو, ماجد الحاج, زياد شعبو وغيرهم للتأكيد على غنى صفوف الفريق..
الجيش تراجع بمستواه كثيراً هذا الموسم وحضر بنتائجه وتأكيد كلامنا هو من مواقف إدارة الجيش عندما (حلقت على الصفر) لعدد من لاعبيها