الموقف الرياضي _ مهند الحسني:
يبدو أن السلة السورية مازالت تعيش في مرحلة من التخبط وعدم الاستقرار منذ فترة طويلة نتيجة الظروف التي مرت بالبلاد، فلا روزنامة مسابقات واضحة ولا دوري قوي يعود بالفائدة الفنية على واقع اللعبة، ولا أندية تعمل بشكل احترافي وصحيح، وعلى الرغم أننا من المؤمنين بأهمية عملية التطوير والتحديث في كافة جوانبه وخاصة الرياضي، إلا أننا من أشد المعارضين للفوضى وحالة اللاوعي أو الغياب عن الواقع، تحت تأثير المسكنات الموضوعية عبر نتائج خلبية لا يمكن أن تأتي بأي شيء إيجابي.
هذه الفوضى ساهمت في غياب جيل من اللاعبين النجوم عن أنديتنا التي بات جل همها البحث عن ألقاب مسبقة الصنع، وإن كان ذلك على حساب المستوى الفني وبنيان اللعبة.
فوضى وعشوائية!
لم تظهر لدينا منذ مدة طويلة نجوم سلوية مميزة كما كان سابقاً، فرغم التطور التقني والفني ووسائل التدريب إلا أن هذا لم يفرز لدينا نجوماً ولاعبين بارزين على المستويات العربية والآسيوية، ويعتبر اللاعب ميشيل معدنلي آخر النجوم تقريباً في جيله الذي ضم معه رضوان حسب الله ومحمد الإمام وشريف الشريف والذي تلا جيلاً ذهبياً ممثلا بمحمد أبو سعدة وأنور عبد الحي، وطريف قوطرش وغيرهم كعثمان قبلاوي وأسامة مدني وهيثم شريفة وجاسم خلف، غير أننا حالياً نكاد نجزم أننا لا نملك لاعبين بمستوى هؤلاء، إضافة لقلة من اللاعبين صار لها حقبة من الزمن تتوزع و تتنقل بين الأندية حتى باتت أعمار بعضهم تقارب الأربعين من دون وجود البديل ومن دون ظهور من يمسك بزمام تلك الفرق، وانعكس ذلك على المنتخب الوطني والذي شهد تراجعاً بنتائجه وباءت جميع محاولات التطعيم والتجديد بعدم الجدية والإصرار ولم تكن ضمن خطة مدروسة لتحصد نتائج ضعيفة.
فمن الأسباب الرئيسية لشح المواهب الأحداث التي شهدتها سورية ونتج عنها هجرة عدد كبير من اللاعبين الناشئين خاصة فحصل أول أسباب هذا الضعف الكبير لم تكن المعالجة بسيطة فانصبت الجهود لإبقاء اللعبة على قيد الحياة بعد تقلص عدد الأندية وتم التركيز على إبقاء ودعم النشاطات الداخلية وصعوبة إيجاد لاعبين جدد بسبب الهوة الموجودة، واستمر الحال في الأندية والمنتخب بالاعتماد على نفس المجموعات من اللاعبين، لعدم وجود مستويات قريبة وكان الخوف من تدهور النتائج سببا في عدم اتخاذ الخطوة الأساسية بالاعتماد على مجموعة كاملة من اللاعبين الشباب حتى وصلنا إلى نقطة انتهت فيها صلاحية الجيل القديم دون وجود بديل مناسب ومؤهل ليحل محله، وكانت الحلول تتلخص بالمجنس وحالياً باللاعبين مستعيدي الجنسية، فأصبحت النتائج مرهونة بمستوى هؤلاء وما يقدمونه وزاد الطين بلة باعتماد اللاعبين المحليين أكثر وأكثر على هؤلاء مما أنتج لاعبين اتكاليين وغير مؤثرين لاسيما وأن الدوري أصبح يلعب بلاعبين أجنبيين سيكون عليهم معظم ثقل الفرق.
أسباب مالية
كل تلك المشاكل الفنية رافقها أسباب مادية صعبت العمل وأخفت عدداً من الأندية لعدم قدرتها على إيجاد الموارد المطلوبة، فتراجع مستوى انتشار اللعبة أفقياً أيضاً ومما ساعد على ذلك بقوة ضعف البنية التحتية للعبة من صالات وتجهيزات.
حالياً تتمثل الحلول بالاهتمام بالقواعد ودعم المنتخبات الصغيرة ، ولكن ذلك يحتاج إلى وقت وجهد كبيرين.
الدوري القوي
لا شك بأن الدوري القوي يفرز لاعبين متميزين و منتخبناً قوياً، غير أننا ومنذ خمس عشرة سنة لم يكن لدينا دوري نعتمد عليه، حيث تمكن اتحاد السلة السابق من البقاء على رونق اللعبة، والمحافظة عليها، واقتصر عمله على نظام دوري متواضع غابت عنه النكهة التنافسية التي كانت تشهدها صالاتنا في السنوات الماضية، عندما كان للاعب الأجنبي مكانة مرموقة ساهمت في رفع مستوى اللاعب المحلي الذي استفاد من فرصة الاحتكاك معه، لكن غياب اللاعب الأجنبي لفترة طويلة عن دورينا، وضعف مسابقاتنا كانت له نتائج سلبية على إعداد لاعبنا الوطني وغياب النجوم.
أندية أزمة ..
لو كانت أنديتنا تسير ضمن خطط مدروسة وممنهجة، وتقودها إدارات محترفة لا منحرفة، لكانت عملت وهي في معترك الأزمة على قواعدها بشكل صحيح، ونجحت في تحويل الإمكانيات المالية الممكنة للصرف عليها ، وإعدادها بطريقة علمية، لكانت أنديتنا حالياً تملك في رصيدها مجموعة متميزة من المواهب القادرة على المنافسة الحقيقية حتى على الصعيد الخارجي، وكان لنا منتخباً قوياً منافساً على الصعيد العربي على أقل تقدير.