متابعة – أنور الجرادات:
لا يختلف إثنان ، على أن الاحتراف كان خياراً ملحاً من أجل تنظيم واقع الممارسة بكرتنا المحلية ، للارتقاء بالمنتوج الكروي إلى مستويات أفضل، بعد أن ظلت البطولة تلبس جلباب/هواية/، وبها الكثير من الاختلالات والمصائب التي كشفت عن العديد من الملفات التي كادت أن تصل لردهات الفيفا وغرفة النزاعات ، وظلت المشاكل لا تنتهي ، حتى كاد الاتحاد الدولي لكرة القدم/الفيفا/أن يقوم بتنظيم المسابقة وتقنينها من خلال فرض سياسة احترافية بضوابط قانونية ، وفرض معايير وضوابط تقطع مع الهواية، وتؤسس لعهد جديد ربما لا يناسب كرتنا المحلية ولا أنديتها ولا حتى المنظومة بأكملها ..
هواية كلها مشاكل !
ظلت بطولات الدوري بكافة فئاته ودرجاته لمواسم كروية ، قبل الدخول لمرحلة سميت بالاحتراف تعيش تحت رحمة نظام الهواة فقط ، ما جعلها برغم كل المجهودات التي كانت تبذل من اتحادات الكرة التي تعاقبت على تسيير شؤون اللعبة تعيش اختلالات تقنية وإدارية ، لغياب العقود الاحترافية المعترف بها من طرف الاتحاد الدولي لكرة القدم ، إذ غالبآ ما كانت الأندية تتعامل مع ما يسمى آنذاك بعقود بين اللاعب والنادي فقط كعقد مبدئي ، ثم التزام موقع من طرف اللاعب والنادي وهذه أمور لم تكن لها قانونيتها على صعيد الفيفا ، لوجود قصص كبيرة عشناها في البطولة مع لاعبين غادروا فرقهم وتعاقدوا مع فرق أخرى .. سواء داخل البطولة أو في عالم الاحتراف ، وبرغم كل الشكاوى فقد كانت النتيجة بلا جدوى.
من هنا بدأ الاحتراف ..
من أجل انطلاقة تستجيب لكل شروط الاحتراف ، اتخذ اتحاد الكرة مجموعة من التدابير، وأنجزت دفتر تحملات قدمته للأندية لتلتزم بالاستجابة لمتطلباته ، وتمكنت هذه الأندية وخاصة منها المحترفة التي تشارك في دوري المحترفين جميعها من الحصول على رخصها لخوض تجربة الاحتراف ، وبموجب هذا النظام الجديد ، أصبحت الأندية المعنية تضمن استقلالها المالي ، من خلال ربما تحويلها لاحقاً إلى شركات مساهمة ، بغية تنظيم العلاقة بصفة قانونية بين النادي واللاعبين والمدربين ..
وكان اتحاد الكرة قد فرض على كل ناد أن يتوفر في صندوقه مبلغا من المال لكن الأندية لم تفعل كأدنى حد في موازنته السنوية .
شروط دفتر التحملات
وبموجب العقد الواجب أن يكون في هذا الصدد بين الأندية واتحاد الكرة ، فيجب على الأندية المحترفة أن تسعى لإقامة مدرسة لكرة القدم مخصصة للفئات ما بين 6 و12 سنة، وفريق نسوي للكبيرات وفريق نسوي لأقل من 19 سنة .
وبالنسبة للبنيات التحتية، فكل فريق يتوفر حاليآ على ملعب يتسع على الأقل لستة آلاف مقعد ومجهز بالإنارة حسب المعايير التي حددها الاتحاد الدولي لكرة القدم، إضافة إلى ملعب للتدريبات مصادق عليه من طرف الاتحاد الدولي.
كما فرض دفتر التحملات على جميع أندية البطولة الاحترافية للنخبة مهما كانت طبيعتها القانونية، القيام بكشف لوضعيتها المالية في أجل أقصاه نهاية الشهر الأخير من كل سنة.
ويتوخى اتحاد الكرة من خلال هذا المشروع، الذي طال انتظاره وبعد مواسم في الهواية، الارتقاء بكرتنا المحلية إلى مصاف البلدان التي تتوفر على بطولة مهيكلة وكذا ضمان إشعاع عالمي لكرة القدم السورية ، وبالتالي تمكينها من لعب دورها كرافد للتنمية الاقتصادية .
خجولاً أطل !
تحديات كثيرة أقبل عليها اتحاد الكرة هذا الموسم ، إذ راهن الكل على أن يشكل استثناءً ، باعتبار الورشات والدورات الداخلي منها وحتى الخارجي الكبيرة التي تم فتحها، سواء فيما يخص هيكلة الأندية وتهييء المناخ الملائم لها لخوض غمار البطولة في أحسن الظروف ، عبر تخصيص تحفيزات مالية للأندية المحترفة ، في الترتيب وبناء ملاعب جديدة وإصلاح أخرى وتعشيبها.
ويبقى توفير الملاعب ، التي تم بناؤها في إطار مشروع تأهيل كرة القدم/ مشروع الهدف /، مبتغى الفرق التي أجبرت على الاستقبال في مدن أخرى بعيدا عن جماهيرها ومحبيها، حيث أدت العديد منها الثمن غالياً، وحرمانها بالتالي من مداخيل إضافية.
ولم يقتصر الأمر هنا فقط على البنية التحية وهيكلة الأندية ، بل سارع اتحاد الكرة إلى إصدار قوانين جديدة للمسابقات التي تهم جميع مجالات اللعبة، وكذا العلاقة التي تربط المشغل والأجير والأندية والاتحاد ، وانتقال اللاعبين والرواتب والمنح ومدونة السلوك ، والقانون الرياضي للمنافسات والتزامات الأندية المتعلقة بالملاعب وشروط ممارسة مهنة التدريب والاعتراضات والمخالفات والغرامات والتجهيزات ، وغيرها من المجالات التي تنظمها القوانين الجديدة بهدف تفادي كل ارتباك وغموض كما هو الشأن خلال السنوات الأخيرة.
عقود احترافية
وبالنسبة للاعب، الذي يعتبر فاعلاً أساسياً في الملعب ، فالأمر يتعلق بوضع إطار قانوني للاطمئنان على وضعيته وتشجيعه على تقديم الأفضل …
وذلك من خلال تحديد قانون اللاعبين ، وتأسيس علاقة تعاقدية واضحة بين اللاعب وناديه (طبيعة العقد ومدته والحقوق والالتزامات والراتب والمنح) ، وتحديد قواعد انتقال اللاعبين .. حيث يجب أن تقوم على أساس عقد موقع من طرف ممثلي الفريقين واللاعب خلال إحدى فترات التسجيل التي حددها اتحاد الكرة ، ومجموع القواعد والمساطر المتصلة بقانون اللاعب وانتقاله المعتمدة من طرف الاتحاد الدولي والقوانين العامة للاتحاد في هذا المجال.
شعار المرحلة القادمة
مرحلة هذا الاتحاد وما قام به حتى الآن يميزه عن باقي الاتحادات السابقة ، بوضع التصور العام لبطولة احترافية واعتماد قانون عصري يسعى لتطبيقه ، والذي هو عبارة عن مشروع جديد ، ورهانه الأكبر ، تجديد هياكل البطولة الاحترافية وتدبيرها بطرق أكثر فعالية واحترافية.
وقد شكل التسيير العقلاني الجيد أحد أولويات هذا الاتحاد الذي باشر منذ توليه العديد من الإصلاحات ، وفتح العديد من ورش العمل ووضع خارطة طريق عمل ممنهجة بدأها بتنزيل برنامجه الدولي/ بوابة الرقم الدولي /ومشروعه الهادف لتطوير اللعبة ، والوصول بها نحو الاحتراف الحقيقي الذي يريده الاتحاد الدولي لكرة القدم/ الفيفا /.
خطوط عريضة …
هدف هذا المشروع يبدو ، والغرض منه كما يتمناه اتحاد الكرة هو النهوض بكرة القدم المحلية على مستوى البنيات التحتية، ودعم الأندية، وتطوير التحكيم ، ودعم التكوين والتأطير التقني، فضلا عن إستراتيجية والتي تهم أساسا هيكلة الإدارة التقنية ، ووضع برنامج للتكوين على المدى المتوسط، وإعادة هيكلة مراكز التكوين على المستوى المركزي، وإطلاق مراكز للتدريب تابعة للاتحاد وإصلاح مراكز الملاعب التابعة للأندية..
كما يهدف المشروع إلى مواكبة الأندية، سواء على مستوى التكوين الإداري، وتحويل الأندية إلى شركات رياضية ، وذلك وفقاً لتوصيات /الفيفا /..
ومن نتائج هذا العمل الجاد خلق فريق محلي قوي ومنسجم ، قد يستطيع الفوز بلقب إحدى البطولات العربية والآسيوية وربما يتم التأهل إلى نهائيات كأس العالم ..
وأصبح في اتحاد الكرة إدارة تقنية تقوم بعملها وفق برنامج منظم، ومنتخبات وطنية تشتغل وفق مخطط عمل، بمعنى أصبحت منتخباتنا الوطنية من أصغر فئة إلى أكبر فئة، تشتغل وفق مشروع وبرنامج متكامل.
المدربون في معركة « الاحتراف»
من جهة أخرى، وفي إطار تنظيم مهنة المدرب وتطهيرها من الدخلاء، حدد اتحاد الكرة شروط ممارسة هذه المهنة التي تلعب دوراً مهماً في تطوير كرة القدم الوطنية.. ففي ظل القوانين الجديدة يتوجب على مدربي أندية البطولة الاحترافية الحصول على رخصة مسلمة من قبل الإدارة التقنية/ الدائرة الفنية /في الاتحاد ومعترف بها على صعيد الاتحادين الدولي والآسيوي لكرة القدم ، كما أن اتحاد الكرة قد قام بوضع إطار قانوني لتنظيم مهنة المدرب ، حيث أخرجت للوجود قانون المدرب الذي أثار وجهات نظر مختلفة في صفوف الفاعلين في الشأن الرياضي، بين من قال : إن القانون سيحمي المدرب من الناحية القانونية في علاقته بمسؤولي الأندية، ومن تحدث بأنه قد يزيد من عطالة المدربين !
هل نجح احترافنا ؟
من خلال كل المحطات التي وقفنا عندها ، وارتبطت على الخصوص بالورش التي اشتغل عليها اتحاد الكرة لتنزيل منظومة «الاحتراف» ووضع القطار في سكته الصحيحة، يتضح مدى انخراط الأندية بالكامل في المشروع بطريقة سلسلة، وتمكنت من أن تؤكد جاهزيتها لهذه المرحلة في الوقت الذي عمل فيه اتحاد الكرة على مصاحبة هذه الأندية ، حتى تمكنت من تقوية هياكلها برغم بعض المشاكل التي تظل عالقة ، وهي من موجبات المراجعة الدائمة لتطور المشروع الاحترافي .