متابعة – أنور الجرادات :
تراجع مستوى وترتيب منتخبنا الوطني الأول لكرة القدم على الصعيد العربي والقاري يثير استغراب وحيرة العديد من المهتمين والمتابعين، من منطلق أن اتحاد الكرة لم يقصر في حق الفريق طوال السنوات الماضية سواء من استقدام العديد من المدربين المتميزين أو بتوفير كل للدعم المادي والمعنوي على أمل تحقيق الفريق لانجازات تتواكب مع هذا الاهتمام، وعلى مدى 20 عاما لم يحقق منتخبنا سوى الإخفاق تلو الآخر …
وعلى الرغم من عدم أهمية الإنجازات التي تحققت ولكنها لا تتواكب من عدد السنوات أو الاهتمام الإداري اللامحدود بالمنتخب لان الطموحات اكبر في ظل تحقيق العديد من الانجازات على صعيد منتخبات المراحل السنية سواء عربيا أو قاريا ويبقى السؤال المهم.. ماذا يحدث بالمنتخب الأول ولماذا لا يحقق انجازا هو الآخر…؟
من اجل وصف علاج صحيح يعيد الصحة والعافية لجسم منتخبنا الأول لابد من إجراء فحوصات دقيقة لتشخيص الداء لأنها أولى مراحل العلاج السليم، وأسباب المرض بجسم منتخبنا متعددة، فهناك من يقول ان المواهب الحقيقية بدورينا قد أصبحت نادرة وبالتالي اختفى النجم الذي يصنع الفارق في المستوي البعض الآخر يقول ان مستوى الدوري متواضع، وذهب البعض إلى القول ان الاستعانة باللاعبين المحترفين بالخارج سبب رئيسي من أسباب انخفاض مستوى المنتخب لعدم منح الفرصة للاعبي مراكز معينة مثل صانعي الألعاب والمهاجمين من اللعب بأنديتهم التي تستعين بالمحترفين …
عدم اهتمام
فيما تُطرح أسباب أخرى متعددة منها: عدم اهتمام بعض الأندية بقطاع المراحل السنية وتفريخ لاعبين أكفاء، اهتمام اللاعب بناديه أكثر من عطائه بالمنتخب، عدم وجود الحساب الإداري القوي بالمنتخب وان بعض اللاعبين أصبحوا من مراكز القوى بالفريق لا يستطيع احد الاقتراب منهم ومحاسبتهم، والبعض الآخر يقول إن اللاعبين يفتقدون اللعب بالروح القتالية، هذه كلها وجهات نظر متباينة حول تقييم أداء الأبيض ولكل وجهة نظره التي تحترم وتؤخذ بعين الاعتبار للعمل على تدارك سلبياتها بما يعود بالفائدة على منتخبنا.
تجنيس بشروط
التجنيس نقطة مهمة ربما تكون الحل في تدارك سلبية أداء المنتخب من خلال اللجوء إلى التجنيس من منطلق أن التجنيس ربما يفيد المنتخب ويكون إضافة لصفوفه خلال الفترة المقبلة، و ان هناك الكثيرون مع التجنيس لدعم المنتخب ولكن من خلال شروط تضمن استفادة الفريق بلاعبين يكونون بحق إضافة سواء للكرة السورية بشكل عام أم المنتخب على وجه الخصوص …
ويصبح السؤال هل التجنيس هو الحل، وهل منتخبنا في حاجة بالفعل إلى التجنيس.. سؤال تطرحه (الموقف الرياضي ) ..
لدينا مواهب
إن قضية المنتخب الوطني كبيرة ومتشعبة، وسوء النتائج له العديد من الأسباب منها اعتماد الأندية على اللاعبين المحترفين مما افقد المنتخب فرصة ظهور مواهب واعدة في عدد من مراكز اللعب التي أصبح احتكارها للاعبين المحترفين عدم استثمارنا بشكل جيد للاحتراف رغم أننا قد قطعنا شوطا كبيرا من التجربة الاحترافية التي لا تزال تحبو وتنتظر مزيدا من الخطوات المتقدمة و السؤال لماذا الخوف من الإقدام على هذه الخطوة رغم أهميتها وتواجد العديد من المواهب القادرة على خوض التجربة …
وكما أننا لن نستثمر لاعبي منتخب الشباب بشكل جيد في معظم الأندية وان كانت هناك عناصر فرضت نفسها بموهبتها والمنتخب الشاب يضم بين صفوفه عددا من اللاعبين المتميزين الذين هم في حاجة إلى مزيد من الثقة واكتساب مزيد من الخبرات حتى يمكن ضمهم للمنتخب الأول والاستفادة من مواهبهم لأنهم عناصر واعدة …
والتجنيس أصبح عرف سائد في معظم الدول وليس بدعة نلجأ إليها ويجب تأيده كمرحلة انتقالية ولكن وفق شروط دقيقة من أبرزها أن يكون التجنيس لصالح المنتخب أولا لان من غير المعقول أن نوافق على تجنيس لاعب من اجل المنتخب ونفاجأ بأنه لا ينطبق عليه شروط الانضمام للمنتخب ويصبح الموضوع وكأنه خدمة لأندية معينة، وهذا لا يجوز لأنه يخل بمبدأ تكافؤ الفرص، ولابد أن يتم التدقيق في نوعية اللاعب الذي سيتم تجنيسه من حيث العمر والموهبة والالتزام حتى يستفيد منه المنتخب لأطول فترة ممكنة.
حق مشروع
نعم نحن نعاني من أزمة في بعض المراكز ولكن قبل التفكير في قضية التجنيس لابد من وضع العديد من الحلول التي تدعم مسيرة المنتخب على المدى البعيد والبداية بقضية ندرة اللاعبين المهاجمين ..
أما موضوع التجنيس فهو ليس بدعة بل سبقتنا دول كبيرة وعريقة في هذا المجال عربيا وعالميا، حيث استعانت بعدد من العناصر الموهوبة التي تفيد منتخبها وفى اعتقادي انه حق مشروع ولكن لابد من استغلاله بشكل جدي ووضع العديد من المعايير الحقيقية التي تضمن لنا كتابعين أن يشارك اللاعب المجنس مع المنتخب بشكل أساسي ولأطول مدة نجني ثمار هذه المشاركة.
جزء من الحل
أن المنتخب في حاجة إلى التجنيس خلال الفترة المقبلة من اجل سد العجز في بعض المراكز الشاغرة بالفريق و لماذا نريد إبعاد أنفسنا عن الواقع الذي يعيشه العالم باللجوء إلى التجنيس في العديد من المنتخبات العريقة ونحن لسنا اقل من العالم المحيط بنا لأننا جزء منه، ولكن حينما نلجأ إلى التجنيس الذي يعتبر جزءا من الحل وليس كامل الحل أن نعتمد على عدة أشياء منها :
++ أن نحدد احتياجات المنتخب الفعلية من اللاعبين في المراكز التي يحتاجها الفريق .
++ أن يكون اللاعب المجنس صغير السن من اجل أن يعطي سنوات طويلة للمنتخب لان من غير المعقول أن نجنس لاعبا من اجل عطاء موسم أو موسمين،
أن يكون لاعبا يتمتع بحسن القيادة من اجل أن يكون قائدا لزملائه اللاعبين داخل الملعب،
++ أن يكون اللاعب من أصحاب المهارة العالية من اجل أن يساهم في صنع الفارق للفريق خلال المباريات،
++ أن ينظر الجميع لصالح المنتخب بصرف النظر عن استفادة الأندية من مثل هذه الحالات ورفع شعار المنتخب أولا.
و إذا كان التجنيس هو جزء من الحل فلابد أن نبحث عن باقي الحلول من خلال اكتشاف العناصر الموهوبة بالأندية ومنحها فرصة اللعب واثبات الوجود وفرض موهبتها على ارض الواقع، لان انديتنا تزخر بالعديد من المواهب الواعدة التي يتوقع لها مستقبل باهر وواعد ….
التجنيس مثل ( الدواء المسكن)
تعبير ظريف استخدمه البعض حينما شبه التجنيس مثل ( حبة البنادول ) مفعولها وقتي ولكن لابد من إجراء الفحوصات التي من شانها أن تحدد المرض، و علينا إخضاع مسابقاتنا للفحوصات واقصد بها الإحصائيات فهي القادرة على تحديد مواطن الخلل التي تعاني منها كرتنا وبالتي نعرف كيف نطورها سواء على مستوى الجوانب المهارية من عدد التمريرات والتسديدات أو البدني من حيث قطع اللاعب للمسافات خلال المباريات وتحديد مدى سرعته من اجل تطوير العمل في هذه الجوانب المهمة وهناك العديد من الشركات المتخصصة في هذا المجال القادرة على تقديم مثل هذه الخدمات.
اهتمام
وان الاهتمام بلاعبي المراحل السنية استثمار ناجح وخير دليل تجارب بعض الدول التي قامت بتجنيس عدد من اللاعبين من اجل تحقيق استفادة للأندية والمنتخب ولكن هذه التجربة لم يكتب لها النجاح المنشود مقارنة بما تم صرفه على مثل هؤلاء اللاعبين والمحصلة فوز هذه المنتخبات ببطولة الخليج مثلا ونرى أن الحل للارتقاء بالمنتخبات الوطنية لا يتم من خلال التجنيس ولكن لابد من النظر إلى العديد من الأمور المتعلقة بالأداء والسعي إلى النهوض بها.
و إن الاهتمام بقطاع المراحل السنية استثمار ناجح لكل الأندية خاصة ونحن نملك العديد من العناصر الموهوبة ولدينا منشآت متطورة وإمكانات جيدة ولعل نتائج منتخبنا الشباب والناشئين تشير إلى أننا نملك العديد من اللاعبين المتميزين الموهوبين ويبقى أمر استغلال إمكانات هؤلاء هو الواجب سواء من خلال إعدادهم بشكل جيد بدنيا ومهاريا وإشراكهم في معسكرات صقل من اجل تنمية قدراتهم وإمكاناتهم والسعي إلى مشاركتهم في العديد من البطولات للاحتكاك والاستفادة، إضافة إلى ضرورة تطبيق نظام الاحتراف الخارجي بشكل جيد لأنه قادر على تطوير مستوى لاعبينا ومنحهم خبرات إضافية من شانها أن تفيد خلال انضمامهم للمنتخبات الوطنية…
الاستفادة من تجارب الآخرين
علينا النظر برؤية شاملة للقضية لان هناك طموحات قريبة وأخرى بعيدة فهل هناك من يحقق الطموحات البعيدة من اللاعبين الأجانب المفترض الاعتماد عليهم في حال التجنيس، وان وجد كيف نختاره هل من بين كبار السن أم اللاعبين الصغار الذي يمكن الاعتماد عليهم لسنوات طويلة تمتد من 4 إلى 8 سنوات، وفي كل الأحوال علينا عدم الاعتماد على تجارب الآخرين، قد تكون للدول التي لجأت للتجنيس أهداف غير مرئية لنا، وحينما نسعى للتجنيس لابد أن يكون لنا أهداف محددة سواء على مستوى بطولات القارة أو التأهل إلى كاس العالم.
أما مسألة تراجع أداء المنتخب فهذه قصة أخرى لان تطور المنتخب يعود إلى إفراز المسابقة التي يشارك فيها اللاعبون ومن الصعب تغيير وضع المنتخب في ظل تراجع مستوى المسابقة إلا إذا توافرت للمنتخب ظروف مختلفة مثل إقامة معسكرات طويلة، الاهتمام بالإعداد، إقامة مباريات قوية لان المنتخب في حال تراجع مستوى المسابقة لن يكفيه تجمع لمدة 10 أيام وبعد 3 أشهر 10 أيام أخرى لان المنتخب حتى نقله من واقع المسابقة محتاج فترات طويلة من الإعداد والوقت خلال المسابقات لا يسمح ويبقى أمر تطوير المسابقات لا مفر منه من اجل تحقيق أقصى استفادة للمنتخب.
إن الدور هنا يقع على اتحاد الكرة والأندية في تنظيم مسابقة تفيد المنتخب سواء في عدد المباريات التي تلعب أو زمن المباريات أو كيفية برمجتها وهنا لابد من الاهتمام بالمسابقات لأنها الإفراز الجيد للمنتخبات وهي التي تفرض جاهزية وقوة ومهارة اللاعبين لمباريات المنتخب وكلما ارتفع مستوى المسابقة ارتفع مستوى اللاعب مع ناديه أولا ومن ثم مع المنتخب..كما يجب الاهتمام بعناصرنا الشابة الموهوبة التي برزت وتألقت في البطولات الماضية ومنحهم فرصة للاعب والاحتكاك لان الاعتماد عليهم أفضل للعديد من الاعتبارات.