عمل الأندية الصحيح والدوري القوي أهم مقومات بناء منتخب عصري للمستقبل

مهند الحسني:
على الرغم من مضي قرابة العامين على تولي الاتحاد الحالي لمهامه وخاصة في موضوع المنتخبات الوطنية بالنسبة لرئس الاتحاد الذي تولى العمل فيها منذ اللجنة المؤقتة برئاسة علاء جوخه جي، وهي مدة كافية ووافية لبيان مدى نجاحه في إعداد وبناء منتخب يوازي الطموح ، غير أننا لم نلتمس منه أي شيء جديد على صعيد المنتخبات الوطنية التي أخفقت ومنيت بخسارات مريرة مع غياب الإشراقات، ولم نعد نعرف ما هو السبيل لبناء منتخباتنا الوطنية على أسس سليمة ومدروسة، ويبدو أن حال منتخبات السلة في عهده كحال شجرة الصنوبر البرية التي تمتلك مظهراً جميلاً، وخضرة يانعة، وتوحي بأن لها ثماراً منتجة، إلا أن أشجار الصنوبر كما يعلم الكثيرون هي أشجار عقيمة لا تنتح ثماراً، وحالها ينطبق تماماً مع حال منتخبات السلة.
اليد الواحدة
لن نكون جناة على اتحاد السلة الحالي لأننا نعرف البير وغطاه، وليس من الإنصاف أن نلقي اللوم عليه، ونحمله المسؤولية الكاملة عن تراجع نتائج منتخباتنا الوطنية، لأن إعداد المنتخب يعتبر حلقة متكاملة، فمسؤولية الاتحاد تكمن في تأمين كل المناخات الملائمة للمنتخب، وأعتقد بأنه نجح إلى حد كبير رغم وجود الأزمة التي تعصف بالبلاد وتداعياتها الخارجية التي أضرت برياضتنا بشكل عام في تأمين كل ما تتطلبه منتخباته الوطنية، ورغم ضيق ذات اليد، وشح الإمكانات المادية، وشاركت في غالبية البطولات وهذه واحدة ايجابية تسجل للاتحاد، وكما هو معروف بأن اليد الواحدة لا يمكن أن تصفق، فاليد الثانية وهي أنديتنا التي ما زالت تسير بخطا ارتجالية وعشوائية غير واضحة بما يخص عملية البناء، ولأن الشيء بالشيء يذكر، ولأن لكل نتيجة أسبابها ومسبباتها، فإن مشكلة تراجع نتائج منتخبات السلة يأتي انعكاساً لما يحصل من فوضى في أنديتنا، فعملية بناء اللاعب ما زالت بدائية، وهي لا تلبي الطموح، والعمل في قواعد اللعبة لدى هذه الأندية لا يبشر بالخير، لكون القائمين على هذه الفرق هم من المدربين الشباب الذين أنهوا حياتهم الرياضية كلاعبين، ولم يجدوا عمل لهم سوى قيادة هذه الفرق، وهم بالأصل غير مؤهلين فنياً وتدريبياً لبناء هذه الفرق، وإكسابها أبجديات اللعبة، ولم يتم تأهليهم عبر دورات تدريبية عالية المستوى، الأمر الذي أدى إلى إعطاء اللاعب الصغير مهارات فنية خاطئة، وهذا ما يؤثر على صناعته كلاعب جيد ممكن أن يكون ضمن صفوف المنتخب في المستقبل، وبدلاً من أن تكون الأندية شريكة حقيقية في إعداد المنتخب، ورفده بلاعبين من مستوى عال وبكامل الجاهزية الفنية، بات العبء الأكبر يقع على مدرب المنتخب الذي يجد نفسه أمام لاعبين يفتقدون ألف باء كرة السلة العصرية والحقيقية، وبدلاً من أن يستغل الوقت في منح اللاعبين أفكاراً تكتيكية، وخطط مهارية، بات يقضي ثلاث أرباع وقته في تصحيح مشي هذا اللاعب، وتسديد ذاك الأخر، وطريقة وقوف اللاعب الخاطئة، وعند أول امتحان حقيقي يجد لاعبونا بأنفسهم الفوارق الفنية الشاسعة التي تفصلهم عن باقي لاعبي منتخبات الجوار.
الدوري القوي
لا شك بأن الدوري القوي يفرز منتخبناً قوياً، غير أننا ومنذ سنوات طويلة لم يكن لدينا دوري نعتمد عليه في إعداد اللاعبين بطريقة جيدة، حيث تمكن اتحاد السلة السابق برئاسة جلال نقرش من البقاء على رونق اللعبة، والمحافظة عليها، واقتصر عمله على نظام دوري متواضع غابت عنه النكهة التنافسية التي كانت تشهدها صالاتنا في السنوات الماضية، عندما كان للاعب الأجنبي هذا الموسم في مرحلة المربع الذهبي مكانة مرموقة ساهمت في رفع مستوى اللاعب المحلي الذي استفاد من فرصة الاحتكاك معه، لكن غياب اللاعب الأجنبي منذ بداية الدوري، وضعف مسابقاتنا كانت له نتائج سلبية على إعداد لاعبنا الوطني، الذي غابت عنه المباريات القوية.
غياب الاحتراف
لو كانت أندينا تسير ضمن خطط مدروسة وممنهجة، وتقودها إدارات محترفة لا منحرفة، لكانت عملت وهي في معترك الأزمة على قواعدها بشكل صحيح، وتحويل الإمكانيات المالية الممكنة للصرف عليها، و إعدادها بطريقة علمية، لكانت أنديتنا حالياً تملك في رصيدها مجموعة متميزة من المواهب القادرة على المنافسة الحقيقية حتى على الصعيد الخارجي.
خلاصة
رغم المنغصات التي تعكر أجواء رياضتنا بشكل عام، و سلتنا المحلية على وجه الخصوص، والنزيف الكبير في كوادرها، إلا إن اتحاد السلة نجح بمهارة كبيرة في الخروج من إعصار الأزمة بأقل الخسائر، و فرض حلولاً ليست مثالية لكنها واقعية.
وكل من يطلب برحيل الاتحاد بسبب سوء نتائج منتخباته، فأننا سنضم صوتنا إليه مطالبين بهذا الرحيل، بشرط واحد هو تقديم خطة بديلة، وواقعية قابلة للتنفيذ قادرة على انتشال سلتنا من واقعها الحزين، و لكن قبل ذلك لا بد لمن يملك ورقة عمل، و خطة بديلة أن يعززها بتجارب ناجحة، قبل أن يتولى زمام الأمور، لا أن نكتفي بالوعود، و الكلام المعسول، و الخطب الرنانة، لذلك لابد من تضافر كل الجهود الصادقة من أجل التأسيس لانطلاقة جديدة لمنتخبات السلة تكون ملئيه بالانجازات والإشراقات.

المزيد..
آخر الأخبار