بحرفنة الكبار، وكما لو كان يرسم فوق العشب الأخضر، أودع فراس الخطيب هدفاً للذكرى في مرمى المنتخب العراقي حفظ به ماء الوجه، وأضفى قليلاً من الرتوش المضيئة على اللوحة الناقصة، لكن يد الرسام عجزت عن المضي بعيداً في إضاءة بقية التفاصيل المحكومة بأداء باهت ومخيب قاد مركبته المرتبكة «هدف» الحكيم الحريص على صورته الفنية،
ربما أكثر من أي شيء آخر، تلك الصورة التي عمل على حفرها طوال الفترة السابقة بوسائد الحرص المبالغ فيه، فكان الأداء حذراً والهجوم متحفظاً إلى الحد الذي رأى فيه البعض شيئاً من ظلال خوف غير مبرر بوجود محترفين من العيار الثقيل… ولم يسلم شوط المدربين من ذلك ؟!
ربما كان هناك ما يبرر ذلك قبيل ومع انطلاقة التصفيات التي دخلناها مثقلين بخسارة أليمة أمام الياباني، لكن مع مرور الوقت وانكشاف المستوى المتواضع لمعظم المنتخبات في مجموعتنا بات ذلك الأسلوب عبئاً على صاحبه وعلى لاعبي المنتخب الذين ظهروا كباراً بمهاراتهم وحلولهم الفردية المفروضة بمنطق الأداء، فكان ذلك على حساب العمل الجماعي والمستوى التكتيكي الغائب في أحيان عديدة، فلم نتمكن من الذهاب أبعد مما وصلنا إليه، رغم أن تقديرات أهل الخبرة وأبناء اللعبة والمهتمين صبت في كفة « كان بالإمكان أفضل مما كان» مع مثل هذه المجموعة الاستثنائية.
ومع المنتخب العراقي ضربت الصورة الباهتة عرض الحائط «بأبسط وأعقد» خيالاتنا وأمنياتنا في عيش لحظات متعة كروية ترسمها أقدام «المبدعين» في مباراة كان أكثر ما يلزمها الشجاعة في التجريب والاندفاع والكشف والاستكشاف بدل الدخول بتشكيلة لا تقف وراءها رؤية مستقبلية بقدر ما تراوح في المكان رغبة في الحفاظ على لوحة مشتهاة، ظنها المدرب وساكنو القبة الكروية «استفتاء» على عملهم وموافقة على احترافيتهم التي صدحت أنغامها في كل مكان، حتى أصبحنا نخشى أن تصل مطالبة البعض إلى صنع تماثيل برونزية لهم..؟!
بين هدف الخطيب وهدف الحكيم خرج اتحاد الكرة – كما يبدو- من حيرته وتردده ومضى نحو تصحيح الصورة المهتزة التي طوحت بحسابات الكثيرين، الخبير الفني وفاقد الخبرة وغيرهما، حتى بات الأمر أشبه بمشهد رجاج تضرب جدرانه كرة «مجنونة» وتنتقل بسرعة تفوق تخيل أصحاب قرار القبة، مخلفة صدى يخز الآذان، لمن يمتلك آذاناً تتمتع بالحس القادر على تمييز العزف الجميل من النشاز… فهل كانت الاستقالة نوعاً من عودة «الوعي» بعد أن تاه كثيراً ونسج قصائد مدح مبنية على زبد زائل ؟ فكان لا بد من رفع مظلة فوق رأس البعض ممن كان مصمماً على اتجاهه السابق..
رغم الاستقالة أتمنى وقوفكم كاتحاد، في لحظة وجد صادقة، أمام مرآة نقية ووضع ما تقدم من عمل في ميزان المنطق الفني الذي يستمد مشروعيته واستمراره من حجم المقدرة على حمل أحلامنا للمستقبل..! وليكن ذلك بعين الخبرة المتمكنة والمنعتقة من المصالح الشخصية المتلونة، والحريصة على فرح كروي منتظر…!!
نعم ذلك يحتاج إلى بعض أو كثير من شجاعة نسمح لأنفسنا بالقول امتلكها مدربنا الحكيم لكن مازال البعض بحاجتها…؟!
ويبقى الشكر لمدربنا الحكيم واجباً بغض النظر عن اي شيء قادم..؟!
غســـــان
gh_shamma@yahoo.com”>شـــمه
gh_shamma@yahoo.com