أصبحنا في عصر السرعة الذي لا يقتصر على سرعة سيارة أو الدراجة وإنما السرعة في اتخاذ القرارات الصائبة التي تسهم في وضع لبنات مستقبل رياضتنا على نحو بدرأ أخطر الانتكاسات, وذلك بعد دراستها بشكل علمي مدروس, ومن ثم متابعة تنفيذها على أرض الواقع بطريقة صحيحة وسريعة حتى ينتشر عبق فائدتها وتعطي ثمارها, متجاوزة كل العوائق والمنغصات بفضل بنائها السليم على أرضية متينة لارخاوة ولا هشاشة فيها, وبالتالي نستطيع أن نبدأ رحلة البناء السليم على هذه الأسس المتينة والقرارات المستقبلية, لكن ذلك يتطلب منا دراسة جيدة تبدأ من فكرة في الخيال إلى واقع أخذ بالتكثف والتجشم حتى تصل شيئاً فشيئاً إلى أن يصبح واقعاً ملموساً, فالبدايات الصحيحة لابد أن تعطي نهايات صحيحة خالية من الشوائب?
فمن المعروف بأن الأندية تعتبر المصدر الداعم والرافد لجميع المنتخبات الوطنية, وإذا كانت هذه الأندية تسير وتعمل وفق منهج علمي وبرامج مدروسة تتضمن خططا تدريبية وضعت بأيد خبيرة, من الطبيعي أن تقدم هذه الأندية ثمرة عملها ونتاجها الذي دأبت عليه لسنوات جيلاً مشرقاً من الرياضيين الحقيقيين الذين سيدعمون جميع المنتخبات في سبيل الظهور اللائق وتحقيق درجة عالية من المنافسة على الألقاب والبطولات العربية والقارية, والسؤال الذي يتبادر للذهن هنا.
أين هذه الخطط والبرامج التدريبية التي تفتقدها أنديتنا, ومن الذي يضعها إن وجدت وعلى أي شيء يعتمدون في عملية التخطيط بما يتناسب ويتماشى مع واقع أنديتنا الصعب.
فإذا تأملنا معظم قراراتنا الرياضية, نرى أن معظمها لا يكتب لها النجاح والبقاء بمعنى إنها تتلاشى أو توضع على الرفوف ليتراكم فوقها الغبار وتطوى في غياهب النسيان لتعقبها قرارات أخرى ولا ينفذ منها شيء, وإذا ما تم تنفيذ أحد بنودها نراه لا يتوافق مع مصالح أنديتنا, لا بل تتعارض معها في كثير من الأحيان وذلك يعود لعدم نقاء هذه القرارات من الشوائب والأخطاء لأنها وضعت من قبل أشخاص ليسوا على درجة عالية من الخبرة الرياضية والإدارية ولا يعرفون كيف يقرؤون المستقبل بشكل صحيح, لأنهم دخلوا أجواء رياضتنا عنوة وعكروا صفاءها بقراراتهم الارتجالية البعيدة كل البعد عن واقع أنديتنا الصعب والتي تفتقد لكثير من الخبرات الوطنية القادرة على توظيف كل إمكاناتها في خدمة رياضتنا والعمل بهدوء لصناعة القرار الرياضي على نار هادئة, ومن ثم متابعة تنفيذه على أرض الواقع بطريقة مثالية مع وضع مبدأ المحاسبة في حال عدم تنفيذ هذه الخطط والبرامج لذلك أنديتنا تستغيث وأصبحت الفوضى والعشوائية عنواناً بارزاً لها, فلا قرارات صائبة تضبطها ولا خبرات وكفاءات تديرها وتضعها على الطريق الصحيح.
فنحن في هذه المرحلة الصعبة التي تمر بها رياضتنا بأمس الحاجة إلى وجود الخبرات الوطنية على رأس هذه الأندية لأنها الوحيدة القادرة على إصلاح ثوبنا الرياضي الذي آل للاهتراء بسبب ما تعرض له ودون ذلك ستبقى تعمل بطريقة ارتجالية فتبدو كمن يرتق ويرقع ولا يطور ويحدث.
فهذه دعوة لإنقاذ أنديتنا من أيدي العابثين الذين أفشوا فيها فساداً لا تطويراً تراجعاً لا تقدماً, حتى تمكن منها المرض فالإصلاح كان ومازال مطلباً أساسياً بشكل يخدم حاضرنا ومستقبلنا على أن تتكاتف جميع الجهود في هذا المجال سواء على مستوى الخبرات النظرية أو العملية لإنقاذ ما أفسده الدهر بأنديتنا, على أن تكون الكفاءة هي المعيار الأساسي طالما أننا جميعاً نؤمن بهذا البلد, فهل يكون التغيير عنوان المرحلة القادمة, أم أن القدر حكم على رياضتنا وأنديتنا بأنصاف الحلول ويبقى الحال على ما هو عليه.