سلتنا تنفس البالونات الفارغة!

لم يعد يفيدنا في عصر الانتكاسات التي تحيط بسلتنا كل الاحلام والامنيات, ولم يعد التفاؤل ذاك الشعور الذي من المفروض ان يضعنا امام فسحة كبيرة من الامل امام ما يحصل لسلتنا في وقتها الراهن, فممن يعيد شريط ذكرياته ويستحضر بخياله الواسع انجازات سلتنا الماضية والتي اعتلت فيها منصات التتويج ووصل عبقها عباب السماء وارت لسمعتها العطرة مكانة مرموقة يحسب لها الف حساب, في ذلك الزمن البعيد لم يكن هناك احتراف ولا عقود ولا اموال, فكانت المحبة والوفاء والانتماء الصادق للرياضة هم افضل شعار وعنوان تملى به لاعبو ذلك الزمن الجيد, وقد استطاعوا بهذه المحبة ان يحلقوا برياضتنا عالياً ووصلوا بها الى هامات المجد?

fiogf49gjkf0d


بعد هذا العرض الجميل لتلك الذكريات لا يسع المرء هنا الا ان يرفع يديه ويدعو ويتمنى ان يكون القدر في طوع البنان مستعداً لتحقيق اماله واحلامه برؤية حزمة ضوء جديدة تسطع في نفق الظلام الذي يكتنف سلتنا ليعيدها الى ما كانت عليه في سابق عهدها, فاين سلتنا الحاضرة والمترهلة والمريضة من ذاك الماضي المشرق, ولماذا هذا الغياب القسري عن المشاركات العربية والدولية, هل السبب فقط عدم وجود السيولة المادية للمشاركة بمثل هذه الدورات مع العلم وحسب معرفتنا بان المال ووجوده ضروري جداً, لكن هناك عدة امور اخرى اعاقت وحالت دون مشاركتنا في كثير من الدورات الرياضية العربية والدولية على ضوء هذا الواقع كادت منتخباتنا الوطنية ان تنسى فخبا بريقها وتلاشت سمعتها, فالمشكلة ليست مادية فقط وانما هناك خلل واضح من الناحية الفنية لسلتنا, فلا اعداد سليم للمنتخبات حيث لا يتم استدعاء اي منتخب الا قبل البطولة باسبوع او اكثر قليلاً هذا الامر لا يمكنه ان يضعنا امام الجاهزية الفنية التي تؤهلنا للمشاركة في بطولات سلوية كبيرة الامر الذي ينذر بكارثة في قادمات الايام اذا بقي الامر على هذه الصورة, هذا الواقع المؤلم لسلتنا انعكس سلباً على عشاق ومحبي هذه اللعبة فانتابهم شعور بالحزن العميق عندما شاهدوا بطولة امم اسيا بكرة السلة التي اقيمت مؤخراً بقطر وهم يبحثون بجزع عن منتخبنا الوطني الذي لم يتمكن من المشاركة لاسباب مازالت مجهولة, بعد الانتهاء من هذه الدورة والتي تأهل عنها منتخبا لبنان وقطر الى نهائيات كأس العالم, راحت الاسئلة تتضارب بين محبي هذه اللعبة, اين نحن من هذه البطولة ولماذا لم نشارك فيها مع العلم باننا قد تأهلنا اليها, هل سيذهبون لتوهم ويتذرعون بان عدم مشاركتنا بهذه البطولة سببه ضعف الامكانات المادية, لقد اصبح هذا العذر على ما يبدوا موضة على ألسنة المعنيين بامور سلتنا لكن الحقيقة التي يعرفها الجميع ولا يجرؤ احد على قولها بان سلتنا مازالت تعاني من امراض عدة وبذلك فهي قد شاخت قبل اوانها ولم تعد قادرة على مواجهة هذه الدول التي سبقتنا كثيراً فهم على ما يبدو عرفوا كيف يخططوا عبر خبرات رياضية كبيرة اعطوها كل الحرية لممارسة عملها حتى وصلوا بعد رحلة عمل مضنية الى قطف ثمار جهودهم لذلك لكي نكون منطقيين علينا ان نتعلم منهم لا ان نقلدهم ذلك التقليد الاعمى والذي لا يوصلنا الا الى متاهة من الصعب تجاوزها وعلينا ان نعترف بصوابية تفكيرهم الرياضي السليم وسداد خطاهم في اعداد منتخباتهم على طرق علمية مدروسةمبنية على اسس صلبة لا هشاشة ولا رخاوة فيها, فاين نحن من هؤلاء?‏


على ما يبدو اننا مازلنا قاصرين على اللحاق بركب مثل هذه الدول المتقدمة بهذه اللعبة على الرغم من اننا نمتلك الخبرات القادرة على ايجاد الحلول الناجعة للقيام بعملية اصلاح ما افسده الدهر بسلتنا.‏


بصراحة لقد مللنا من الكلام المجاني ولم يعد يقنعنا لان ثقافتنا الرياضية قد نضجت ولم تعد تنطلي علينا مثل هذه البالونات الفارغة واصبحنا نميز ما بين الغث والسمين فسلتنا بحاجة لوقفة جريئة ومتأنية لتصحيح ما يمكن تصحيحه لان الوعود لم تعد مقبولة دون ترجمة واقعية وتنفيذ سريع, فمناقشة وضع سلتنا وازمتها لا يتطلب المجاملة بقدر ما يتطلب الجرأة والشفافية والوضوح وهذا يعني ان قضاياها بحاجة ماسة الى المكاشفة مهما كانت صعبة وقاسية لذلك يجب الانتقال من مرحلة القول الى مرحلة الفعل ومن مرحلة الحلم الى مرحلة الواقع ونحن لن نتحدث عن امجادنا السلوية مجدداً لأننا نضيق ذرعاً بالحديث عنها والتغني بها لانها تجعلنا نبدي تخوفاً من المستقبل, لنعلن انه كفانا تذكراً بهذه الامجاد فما نفع الحديث عن ماض سلوي مجيد ونحن عاجزون اليوم عن بناء صالة.‏


لكن لابد لنا من تجاوز حواجز التشاؤم ونضع التفاؤل شعاراً لعملنا فحتماَ الظلام زائل ولابد للصبح المشرق ان يأتي وتمتد حدود طموحاتنا وتخوم تطلعاتنا الى الافق البعيد.‏

المزيد..