الموقف الرياضي _ أنور الجرادات :
حققت كرة القدم وخاصة العالميّة ، المكاسب والأرباح الهائلة، حيث قُدرت بملايين الدولارات في زمن الاحتراف، جراء الشهرة التي جنتها كبريات الأندية العالمية، حيث تجاوزت عقود الرعاية لقمصان أندية الدوري الإنكليزي 300 مليون جنيه استرليني، بينما بلغت قيمة رعاية 3 أندية في الدوري الإسباني 69 مليون يورو.
وأصبحت لعبة كرة القدم إحدى الطرق المُهمة لتحقيق الأرباح، وإحدى أهم السلع المطلوبة والرائجة التي تلهث وراءها الشركات بغية وضع شعار أو لافتة هنا أو هناك، نظراً للشعبية الكبيرة التي تحظى بها اللعبة من معجبين ومحبين حول العالم، ويحكم الطرفين، النادي والشركة الراعية، منطق المنفعة المشتركة، حيث يجني النادي (الأرباح) التي ينفقها على معسكرات وتدريبات الفريق، بينما تحقق الشركات الراعية لعلامتها التجارية الشهرة والانتشار…
في دورينا، تبقى الأوضاع مختلفة والصورة معكوسة، فالأندية هي التي تلهث وراء الشركات الراعية بغية عقد رعاية من هنا أو هناك، ومعظم الصفقات التي تتم في ضوء مكالمة أو مجاملة شخصية، لتبقى الرعاية التي تحظى بها الأندية محلك سر والعائد من ورائها محدودٌ للغاية، مُقارنة بالتكلفة التي تتكبدها الأندية من نفقات معسكرات وتدريبات وخلافه، لغياب المنفعة التي قد تجنيها تلك الشركات من دورينا.
وبالرغم من مرور أعوام ماضية على تطبيق الاحتراف في دورينا، إلا أن جانب التسويق والرعاية يبقى متأخراً عن ركب الاحتراف العالمي بل والعربي ، وتبقى قيمة عقود الرعاية التي تبرم بين أنديتنا والشركات الراعية لغزاً وسراً لا يجوز الكشف عن قيمته ، حيث نادراً ما تعلن الأندية أو الشركات نفسها عن قيمة عقد الرعاية، ويكفي أن تنظر إلى قميص الفريق الأول لأيّ نادٍ لترى عدد الرعاة المكتوبين على قمصان اللاعبين، وبعض الأندية خلت قمصان لاعبيها من أي رعاة !
والواقع بأن المنتج الموجود لدينا وهو كرة القدم، ليس بالجودة التي تجعل الشركات والرعاة يتسابقون عليه، بدليل أن هناك شركات كبرى لدينا لكنها بعيدة عن دعم الأندية ولا تقدم لها أي شيء، رغم أن كرة القدم أكثر جاذبية وقوة ومُتابعة، ويمكن للشركات أن تبحث عن النادي القوي…
وقوة النادي ونتائجه وعراقته وقاعدته الجماهيرية والحضور الجماهيري كل هذه أمور تهم الشركات الراعية وهي مفقودة في أنديتنا، كما أن الشركات تنظر للمردود الذي ستحصل عليه مقابل ما ستقوم بدفعه، وهذا مطلب طبيعي وحق مشروع، فالمسمى الصحيح للعلاقة بين الأندية والشركات هو ( الشراكة ) وليس الرعاية، لأن العقود مبنية على تبادل المنفعة…
وتفتقد الأندية للأفكار المبتكرة بخلق فوائد تجارية وإعلامية للأندية تعادل قيمة المبالغ التي تدفعها الشركات للأندية مُقابل الرعاية، كما أن الأحداث الرياضية لدينا مملة ورتيبة ومكررة ولا توجد بها أي إثارة، لذا فإن العزوف الجماهيريّ مُبرر ومنطقي، وبعض المباريات لا يحضر بها سوى 200 متفرج!
فما الذي ستستفيده الشركة الراعية؟
إن المشكلة الأساسيّة تتمثل في غياب ثقافة التسويق، ولك أن تتخيل أن اتحاد الكرة لا يمتلك مكتباً للتسويق ولا يحقق أيّ استفادة من الدوري ، والمفروض أن الاتحاد هو أهم جهة تحقق للأندية هذا الدعم، وأن العلاج يتمثل في اهتمام شركات الاستثمار بشركات الرعاية وجذبهم، واستقطاب الجمهور والخدمات المقدمة للرعاة..
وهناك العديد من الأندية لا تقبل أيّ رعاية بل لا بد أن تلبي طموح الفريق والنادي، وليس لمجرد وضع الشعار على قميص اللاعبين أو للوجاهة، بل المُهم تحقيق المنفعة للفريق.