متابعة – أنور الجرادات :
يُعرّف نظام ترخيص وتسجيل الأندية بأنها، هيئات أهلية يتم ترخيصها بقرار من رئيس الاتحاد الرياضي العام ، لتمارس نشاطاً رياضياً وثقافياً واجتماعياً وفق نظامها الداخلي المعتمد من الاتحاد الرياضي، وتشير أحد المواد من النظام مع مراعاة أحكام التشريعات ذات العلاقة، يصدر رئيس الاتحاد تعليمات خاصة للجهات ذات العلاقة لترخيص أي منشأة ربحية أو استثمارية، من غاياتها ممارسة الأنشطة الرياضية الترويحية وتنمية اللياقة البدنية .
حديث بشأن الاحتراف
مؤخراً عادت وارتفعت وتيرة الحديث حول مسألة الاحتراف وقدرة الأندية المحترفة على التحول إلى شركات استثمارية تمكنها من تطبيق الاحتراف، والدخول في بطولات تنافسية حقيقية على الصعيد الآسيوي، بدلاً من المشاركة في كأس الاتحاد الآسيوي .. تلك البطولة التي تعد أقل مستوى من قدرات أنديتنا التنافسية الحقيقية وأنها كانت الأسهل لتحقيق الإنجاز.
والحديث عن الاحتراف كما جاء على لسان رئيس اللجنة المكلف من المجلس المركزي للاتحاد الرياضي العام جاء منقوص الجوانب، وتعامل مع شريحة في غالبيتها ليست لها علاقة بالاحتراف، وربما يكون الأمين العام السابق لاتحاد الكرة المهندس توفيق سرحان الاقدر على التحدث بهذا الشأن، لا سيما وأنه كان أمينا للسر لسنوات طويلة متتالية على الاقل، ويدرك كل كبيرة وصغيرة تتعلق بالاحتراف ، ومشاريع الاحتراف في الدول المجاورة، وله علاقات قوية مع الاتحادين الدولي والآسيوي .
احتراف عشوائي أم هواية منظمة؟
ليس المهم تطبيق الاحتراف بمقدار ما هو المهم نجاح ذلك وانعكاسه بشكل إيجابي على الكرة السورية ، وقد تكون “الهواية المنظمة” افضل حالا من “الاحتراف العشوائي”، ولكن إذا ما كان الاحتراف طريقا لا بد من السير به حتى تصبح كرتنا مواكبة للتطور، فلا بد أن تختلف العقليات الإدارية التي تحكم عمل الأندية، وفتح المجال أمام الاستثمار في الأندية يحتاج إلى تشريعات حديثة تنظم العملية..
وثمة تجارب عديدة في تحويل الأندية إلى شركات استثمارية ، حيث يتم الاتفاق على تأسيس شركة تجارية لدى الجهات المعنية ويتم توقيع اتفاقية استثمارية ذات أهداف ربحية بين النادي والشركة المستثمرة، يتم فيها الاتفاق على نسبة كل طرف من عوائد الربح، وبالطبع تحويل الأندية إلى شركات استثمارية يجب أن يمر في قنوات الهيئتين العامة والإدارية في النادي، ومن ثم مصادقة رئيس الاتحاد الرياضي العام على ذلك.
وثمة تجارب استثمارية بشكل آخر بحيث تقوم الشركة بدعم أنشطة النادي المختلفة والانفاق عليها، في الوقت الذي حصلت فيه الشركة على عدد من مقاعد مجلس إدارة النادي.
فالاحتراف المطلوب، يجب أن يقرأ الواقع بواقعية، فثمة اجتماعات متتالية جرت بين لجنة الاحتراف واتحاد الكرة والأندية، وناقشت بشكل أو بآخر مشروع الاحتراف، وكان الهدف يتطلب الخروج بنظام احتراف يتناسب مع الواقع المحلي، رغم انه يخالف إلى حد كبير ما هو موجود في الاتحاد الدولي، لكن الخصوصية فرضت واقعا لا يمكن تجاهله، إذ أن بعض الأندية ترفض الفكرة من حيث المبدأ وتخاف من المستقبل المجهول، ومن الطريف أن الأندية قد طالبت الاتحاد في وقت سابق منحها الملايين من الليرات ، لتسوية أوضاعها قبل تطبيق الاحتراف.
والأندية هاوية في تفكيرها وقدراتها، فما زال بعضها يعتقد بأن الرياضة تبدأ وتنتهي عندها، وأن الجهات ذات الصلة واتحاد الكرة معنية بتوفير الدعم لهذا النادي أو ذاك، دون أن يبذل النادي جهدا في تسويق نفسه داخل المجتمع، ولعل الخوف على مقاعد الإدارة ورئاسة النادي أوجد حالة من النفور نحو الاحتراف.
أندية مجتهدة .. وأخرى منقوصة الحظ
ثمة اندية عريقة أو حديثة العهد اجتهدت في مسعاها.. وادركت أن ريع المباريات خلال الموسم الواحد قد لا يكفي لتجهيز الفرق الرياضية بالملابس والأحذية والكرات وغيرها، فما بالك برواتب اللاعبين والمدربين ، واستحقاقات المعسكرات التدريبية والسفرات الخارجية، واتجهت إلى استثمار ما تم منحها إياه من أراض أقامت عليها مشاريع استثمارية، تدر عليها دخلاً معقولاً.
وهذه الأندية المجتهدة عملت على زيادة قدرات بنيتها التحتية من ملاعب ومقار وصالات تدريب وغيرها، وربما يجوز لها أن تطلب المساعدة بشأن الماء والكهرباء، فحتى في دول كثيرة وكلنا يعلم قدرات الأندية المالية هناك ، أيقن الجميع صعوبة نجاح الاحتراف بمعزل عن الدعم المقدم من الجهات ذات الصلة .
هذه الأندية بمقدورها مع وجود دعم إضافي إن تطبق الاحتراف، شريطة أن تلجأ إلى الاستثمار وتقبل وجود أطراف جدد في مجالس الإدارة، بدلا من الصورة ( المضحكة المبكية ) الموجودة في بعض أنديتنا، حيث لا هيئات عامة حقيقية تحاسب إدارات الأندية، ولا إدارات أندية تدرك ما يتخذه رئيس النادي من قرارات، ومن عجيب الأمر أن يتم القول: قررت إدارة النادي اتخاذ القرارات التالية .
وهناك أندية أخرى كانت منقوصة الحظ والجهد، ولم تحصل على ملاعب تدريبية أو مقار نموذجية على أساس برنامج دعم الاتحاد الرياضي ، الذي كان في مصلحة أندية ، فيما بقية الأندية الممتازة تبحث عن مكان تتدرب عليه وقطعة أرض تستثمرها كغيرها من الأندية التي نالت هذا الحق.
استحقاقات الاحتراف
وعندما زار رئيس الاتحاد الآسيوي لكرة القدم السابق محمد بن همام عندما كان الدكتور أحمد الجبان رئيس اتحاد الكرة مقرات بعض الأندية في وقت سابق أبدى إعجابه بالمنشآت القائمة هناك وبالعقلية التي تحكم مسار النادي، لكن حتى ما هو متوفر عند هذا النادي النموذجي أو غيره من الأندية النموذجية، لا يتطابق كليا مع شروط الاحتراف مثل وجود ملعب يتسع لنحو خمسة آلاف متفرج على الأقل.
عمومآ .. الصورة ليست سوداوية إلى حد كبير، ويمكن تطبيق الاحتراف في ملاعبنا بشكله الأمثل ، إذا ما قرر الاتحاد ذلك ولم يرتهن لخوف بعض الأندية، التي تعتقد بأن الاحتراف يعني التحرير وفلتان الساحة الكروية المحلية دون معايير، ولعل من الحكمة الاستفادة من تجارب الآخرين بحيث يتم الأخذ بالإيجابيات وتلافي السلبيات، كما أن تطبيق الاحتراف أشبه بالشخص الذي يعاني ألماً في أسنانه ويخشى زيارة الطبيب، لكنه يضطر لاحقاً إلى ذلك لخلع السن والتخلص من ألمه ، واللبيب من الإشارة يفهم.