متابعة – أنور الجرادات:
يبدو أن ظاهرة هجرة لاعبينا المحترفين إلى الخارج، وتحديداً إلى أندية الخليج والعراق بدأت تتضاءل وتلك المواهب التي بدأت مشوارها في ملاعبنا وسرعان ما غابت عنها، بسبب عدم وجود الحوافز والإمكانات التي تجعل من هذه المواهب تبقى وتترعرع في الملاعب الخليجية.
هذه الظاهرة بدأت خيوطها في المواسم الماضية، عندما انتقل العديد من لاعبينا ومن أبرز لاعبي أنديتنا المحلية للعب في دول الخليج بعروض مغرية يسيل لها اللعاب، وتواصلت هذه الظاهرة هذا الموسم، إذ تتوارد وتتردد في الوسط الرياضي عن قرب انتقال الكثير من اللاعبين للعب في دول الخليج، ما يؤكد أن هذه الظاهرة في تزايد مستمر وربما نشهد هجرة جماعية لأبرز اللاعبين في المواسم المقبلة.
عروض مادية مغرية !
وتأتي أبرز الأسباب التي تجعل مواهبنا تهاجر إلى الخارج هي تلك العروض المادية المغرية، والمميزات الإضافية في العقود الاحترافية.
وتدور في الشارع الرياضي الكثير من الأسئلة التي تبحث عن إجابة واضحة من المسؤولين والقائمين على شؤون كرتنا وأنديتنا المحلية، وهل سنرى حلولا لها من خلال وضع أنظمة ولوائح وقوانين تحد من هجرة اللاعبين أم أننا سنرى ونشهد تشكيلة منتخبنا تلعب في دولة شقيقة؟
والسؤال الأهم والمتداول في شارعنا الرياضي هو هل سيرتدي لاعبونا المهاجرون شعارات دول أخرى ؟
وهناك من يرسم صورة خيالية وأحلاماً وردية للاعبين والذين يظلون يعيشون في أحلام بالنسبة إلى العروض الاحترافية التي تصل إليهم، والإغراءات المادية هي السبب الرئيسي في هجرة المواهب للخارج، وخصوصاً أن العروض الاحترافية توفر مناخاً معيشياً واجتماعياً أفضل من الذي يعيشه اللاعب.
وهناك نقطة تساعد على هجرة المواهب للخارج وهي نقطة قانونية، تتمثل في عدم وجود عقد بين اللاعبين وأنديتهم واضحة أو مع الاتحاد ما يجعل من أمر خروجهم سهلاً وغير معقد، وأن اتحاد الكرة قام بمخاطبة الاتحاد الدولي أكثر من مرة بشأن ما يحدث، إلا أن الجواب دائمآ ما يأتي أنه طالما اللاعب غير مرتبط بعقد مع ناديه، فلا يمكنه (النادي) إيقاف خروج اللاعب.
حلول …
والحلول الكفيلة بوقف هجرة اللاعبين هو توقيع عقود مع لاعبي المنتخبات، أو على أقل تقدير مع اللاعبين الموهوبين وأن يكون العقد بين اللاعب والاتحاد، كما هو الحال في تونس والتي يقوم فيها الاتحاد التونسي بتوقيع عقود بينه وبين اللاعبين، والفوائد التي يجنيها اللاعبون من احترافهم في الخارج، فإن الإيجابيات كبيرة وخصوصاً من ناحية تطوير مستوياتهم، ولاسيما أن الظروف التي يعيشون فيها ستكون أفضل بكثير من التي تتوافر لديهم حاليآ، إلا أن سلبية كبيرة في احتراف اللاعبين وهي خسارة المنتخبات الوطنية وكرة القدم هذه المواهب.
الطيور المهاجرة
تعددت الأسباب والهدف واحد، هناك الكثير من الأسباب التي تجعل من لاعبينا يهاجرون بحثا عن هدف يستطيعون تحقيقه سواء مادياً أو معنوياً أو حتى حلماً يراودهم، فغالبية لاعبينا ونظراً إلى الوضعية المعيشية التي يمرون بها في حياتهم الاجتماعية، تجعل من تحقيق حلم الاحتراف هدفاً بالنسبة إلى المتميزين منهم.
غياب الوعي!
وما يجري ويحدث من هجرة للاعبين المحترفين بالكارثة التي بدأت تضرب كرتنا المحلية، وأسباب الهجرة بصراحة هي عدم وجود الوعي عند شريحة كبيرة من اللاعبين ما يوقعهم في حبال (تجار الرقيق) ، وإن القاعدة الكروية في الخليج قليلة ولهذا يجب علينا المحافظة على اللاعبين المحترفين، وخصوصاً أننا نخسر الكثير من المبالغ على اللاعبين المحترفين وإن البعض منهم غادروا وهاجروا من لاعبي المنتخبات والذين استمروا لمدة عامين في صفوفها..
أما بشأن الحل والذي نراه مناسباً لهذه الظاهرة، فهو توقيع العقود بين اللاعبين والاتحاد من أجل حفظ حقوق جميع الأطراف من منتخبات وأندية ولاعبين، ونطالب الجميع بضرورة الوقوف ضد هذه الظاهرة، والتي سيكون تأثيرها كبيراً في المستقبل القريب.
الإمكانيات المتاحة
وبنفس الوقت فأن العروض الاحترافية هي فرصة لا تعوض بالنسبة إلى اللاعبين من أجل تطوير مستوياتهم، والاستفادة من الإمكانات المتاحة أمامهم لضمان مستقبل كروي لامع، لأن هناك الكثير من الأمور التي لا تساعد اللاعب هنا لتطوير مستواه وخصوصاً في جانب المنشآت ..
ونتصور أننا ما زلنا نلعب على ملاعب سيئة وأن هذه الملاعب ما هي إلا مقابر لطموحاتنا، ومطلقاً صرخة استغاثة للمسؤولين والقائمين على رياضتنا : ( ذبحت ملاعبنا اللاعبين ونتمنى أن تنقذوهم منها ) .
وإن كل لاعب يبحث عن فرصة أفضل لتطوير مستواه، بالإضافة إلى أن أولياء الأمور يبحثون عن تأمين مستقبل أبنائهم في مختلف جوانب الحياة، ومن أبرز الأسباب التي تجعل اللاعبين يغادرون هي الإغراءات المادية التي تغدق بها الأندية الخارجية على اللاعبين ، بالإضافة إلى عدم وجود حوافز لدى اللاعبين تجعلهم يبقون مع أنديتهم.
اهتمام منقوص!
فالعروض الاحترافية هي فرصة للاعبين لتطوير مستوياتهم ، وخصوصاً أنهم سيكونون في أجواء مختلفة عن تلك التي عاشوها طيلة الفترات الماضية، فالمعسكرات والبطولات التي سيلعبون بها ستزيد من احتكاكهم، الأمر الذي سينعكس إيجاباً على مستواهم ..
وعن الحلول التي من شأنها أن تضع حداً لوقف عمليات الهجرة للاعبين الصغار، فإن الحل الوحيد والذي من الممكن أن ينهي ظاهرة خروج اللاعبين هو زيادة الاهتمام بالفئات العمرية سواء من جانب اتحاد لكرة أو من جانب الأندية، لأن غالبية أنديتنا تعمل عكس الاتجاه من خلال توفير الموازنات والمبالغ الكبيرة، من أجل الفريق الأول فقط وتهمل فرق الفئات، ونطلب من أنديتنا المحلية الاهتمام بجميع الجوانب التي تحيط باللاعب معنوياً ومادياً واجتماعياً.
خلاصة
فعلينا المحافظة على لاعبينا من خلال توفير أجواء مناسبة نستطيع أن نطورها وأن نستفيد منها في المستقبل، وخصوصاً وأننا نعتبر منبعاً لا ينضب في تخريج الخامات الطيبة والتي ينقصها فقط زيادة الاهتمام بها ..
ونطلب من اتحاد الكرة وضع استراتيجية واضحة لتطوير المسابقات المحلية والأنشطة التي ينظمها، وألا يكون همه الأول والوحيد هو تسيير المسابقات بغض النظر عن الكيفية التي تسير بها هذه المسابقات، لأن ملاعبنا الخضراء سيئة، ولكن إلى متى ستبقى سيئة.