متابعة – أنور الجرادات :
لا تقتصر رواتب اللاعبين في الأندية على فئة المحترفين، فهي تشمل أيضاً لاعبي المراحل السنية بشكل متفاوت حسب العمر، وغالباً ما تجد الأندية نفسها مجبرة على دفع حوافز مالية للاعبين الصغار في شكل رواتب أو مكافآت، من أجل استقطابهم والحفاظ عليهم في صفوفها، خاصة أن أغلب أولياء الأمور يفضلون تسجيل أبنائهم في الأندية التي تدفع رواتب ومكافآت، بينما تأتي مسألة الانتماء وعوامل الجذب الأخرى في مركز ثان، لكن السؤال الذي يطرح نفسه ما تأثير هذه الأموال على اللاعبين الصغار ؟ هل هي مجرد حافز أم تكون بداية تدمير للموهبة، خصوصاً عندما تصرف هذه الأموال بعيداً عن عيون الأسرة ؟
وتربط الأندية الحوافز المادية للاعبين ، خصوصاً في فرق الناشئين والشباب من 15 عاماً إلى 19 عاماً بعدة معايير مثل الحضور اليومي والمشاركة في المباريات والانضباط، وتحرص كافة الأندية ، سواء في دوري المحترفين أو الهواة على منح لاعبي المراحل السنية رواتب شهرية أو مكافآت، في الوقت الذي لا تتبع فيه الأندية الأوروبية مثل هذا الإجراء باستثناء اللاعبين المقيمين داخل أكاديمية النادي، حيث يتم تسليم مبالغ مالية تحت بند «مصروف جيب» وشهدت ملاعبنا العديد من النماذج للاعبين صغار برزوا في فرق المراحل السنية ومنتخبات الناشئين والشباب، ولكن نجوميتهم أفلت سريعاً بسبب المال.
حافز
ان الراتب هو عبارة عن حافز من مجموعة حوافز تمنح للاعبين الصغار لتشجيعهم على بذل جهود أكبر في التدريبات والمشاركة في المباريات، وإن الحوافز المادية المخصصة للاعبين الصغار ليست كبيرة، بل هي عبارة عن مبالغ رمزية بسيطة إلى جانب الدعم النفسي والثقة في قدراتهم ، في إطار التحفيز والتشجيع، وأن المال أحد الحوافز التي تمنح للاعب حتى تجعل النادي بيئة جاذبة ، لأنك إذا لم تمنح هذه الحوافز فغيرك من الأندية سيمنحها، وبالتالي ستجعل نفسك في المركز الثاني من حيث اختيار اللاعب للنادي، هناك أندية تتنافس فيما بينها لاستقطاب المواهب، وتلعب الحوافز المادية الدور الرئيس في تحديد وجهة اللاعبين الصغار، غالباً ما يسأل ولي أمر اللاعب ماذا يمكن أن نقدم لابنه؟ الأمر لا يقتصر فقط على اللاعبين المحترفين، حتى الهواة يفضلون من يعطيهم حافزاً أكبر ..
وصحيح هناك عوامل أخرى، تجعل الطفل يختار النادي الذي يريد اللعب به مثل انتماء الأسرة وقرب النادي من مقر السكن، ولكن هناك أيضاً الحوافز المادية مثل الراتب أو المكافآت التي يمنحها النادي للاعبيه.
متابعة
فإن مهمة النادي لا تنتهي عند تسليم الراتب للاعب، بل يستمر في المتابعة والتنسيق مع ولي أمره حتى تكون هناك مراقبة لكيفية صرف هذه الأموال حتى إذا كان مبلغاً بسيطاً، و أن مهمة النادي لا تقتصر فقط على صقل الموهبة والتكوين، بل التثقيف والمتابعة في الدراسة وكيفية التعامل مع وسائل الإعلام وغيرها من المواضيع المجتمعية، بل هي تثقيف اللاعب حول إدارة أمواله وكيفية التصرف فيها مسألة مهمة خصوصاً للاعبي النخبة، الذين يقتربون من الوصول إلى الفريق الأول وتوقيع عقود احتراف، إذا لم يكن اللاعب مهيأ نفسياً حول كيفية التصرف في المال، قد يختار الطريق الخطأ.
تنافس
المال يتحول إلى أداة تخريب عندما يقع بين يدي اللاعب الناشئ، و لنكن واقعيين ونعترف أن المال بغض النظر عن مصدره، سواء كان النادي أو الأسرة بإمكانه أن يخرب حياة الطفل، والغريب في الأمر أن الأندية أصبحت تتنافس فيما بينها في الدفع للاعبي المراحل السنية لاستقطابهم، رغم أن 90% منهم لا يستمرون حتى الفريق الأول وتتخلى عنهم أنديتهم بسهولة.
فإن تخصيص الرواتب والحوافز المادية للاعبي المراحل السنية أصبح أمراً مفروضاً على الأندية، و علينا ألا ندفن رؤوسنا في الرمال ونهمّش المسألة، الواقع يفرض على النادي تخصيص حوافز مادية للاعبي المراحل السنية أو أنهم لن يأتوا إليه وسيذهبون إلى ناد آخر.
فتخصيص رواتب شهرية للاعبي المراحل السنية يعتبر سلاحاً ذا حدين، وبقدر ما هو حافز لهم للمواظبة على التمارين والمشاركة في المباريات إلا أنه قد يؤدي أحياناً باللاعب إلى سلك طريق خاطئ، لان المال تسبب في تدمير مستقبل العديد من اللاعبين الشباب بسبب غياب التأطير ونقص دور العائلة في المراقبة.
وأن بعض الأندية الأوروبية لا تسلم اللاعبين الشباب رواتبهم وحوافزهم المادية بشكل مباشر، بل تقوم بمنحهم نسبة بسيطة عبارة عن «مصروف جيب»، أما بقية المبالغ فيتم استثمارها من قبل لجنة متخصصة في النادي في أحد المشاريع باسم اللاعب حتى يمتلك القدرة على إدارة أمواله بنفسه .
المزيد..