متابعة – أنور الجرادات :
يسعى الكثيرون من المدربين الوطنيين وخاصة منهم حاملي الشهادة التدريبية الآسيوية الأعلى Aلإقناع اتحاد الكرة في استصدار قرار قبل بداية الموسم الكروي القادم يمنع فيه الأندية، ويلزمها بعدم التعاقد مع المدربين المقالين أو المستقيلين من الأندية التي كانوا يشرفون عليها وعدم السماح لهم بالتنقل خلال الموسم الكروي سوى لناد واحد فقط، وهذا الأمر ربما يشكل هاجسا يطارد المدرب ويزيد من أعبائه في مهنة التدريب.
إن مهنة التدريب متعبة من جميع النواحي، فضلاً عن ضغطها النفسي في تكوين وتدريب الفريق، تتشعب المتاعب فيها إلى ضغوطات مجلس الإدارة وكذلك الجماهير، فالمدرب يعيش تحت الضغط منذ اليوم الأول في تحمله المهمة الفنية لأي فريق وإن الضغوطات تتباين من ناد إلى أخر، بحسب إنجازاته وجماهيرته، ولكن أغلب الفرق تضع المدرب تحت الضغط.
إن مشكلة استقالة أو إقالة المدربين، لا تنم عن سلوك احترافي لدى أنديتنا المحلية، طبعاً مع كامل الاحترام لكافة الأندية، لكن لكل ناد وقبل انطلاق المنافسات هدف تنافسي بالتأكيد يحدده المدرب ويتفق عليه مع الأندية، وعلى الأندية أن تتعامل مع هذا باحترافية، كما أن على الأندية أن تمنح المدرب الوقت الكافي وتصبر عليه، خاصة أن كرة القدم تحمل دائماً المفاجآت، وعليها أن تصبر عليه وتحاسبه في نهاية مرحلة الذهاب مثلاً أو نهاية الموسم، وما نريد تأكيده أن كل مدرب لا يتمنى الفشل، ويقدم قصارى جهده لتحقيق النجاح، لكن من الممكن ألا يوفق، وقد تتدخل أمور كثيرة في مسيرته، منها مطالب اللاعبين المالية، وكذلك الضغوطات الجماهيرية، عموماً على الأندية أن تحاسب المدرب على الهدف الذي أعلنه مع تسلم المهمة، وتقارنه بماذا وفرت له لتحقيقه بشكل موضوعي وحيادي، وتتعامل بشكل أكثر احترافية مع المدرب، فمن غير المعقول أن يعاني الدوري هذه الظاهرة منذ عدة مواسم، وألا تمر سوى أسابيع قليلة حتى نرى هذا السيناريو الغريب بالإطاحة بالمدربين لهذا الموسم؟
الحلقة المفقودة
وهناك حلقة مفقودة بين مجلس إدارة الأندية والمدرب، ويجب أن نتفق أن الاحترافية بالتعامل غائبة إلى أبعد الحدود، كما أن إدارات الأندية في غالبيتها لا تقدم لاعبين أو مدربين سابقين إلى مجلس الإدارة، لذلك يغيب الفهم المطلوب بطبيعة العمل، وكذلك لا تستنجد بخبرات لجنة فنية متخصصة نوعاً ما، كما هو الحال في بعض الأندية، لذلك تتشعب مسؤولية المدرب، وإلى جانب مسؤوليته الفنية، يحل أحياناً في دور الإداري، والطبيب النفسي، وتتفاقم الضغوطات عليه ما يجعله يتشتت في مهمته ويفتقد التركيز أغلب الأحيان..
وتتناسى بعض الأندية الاتفاق المبرم مع المدرب قبيل انطلاق مهمته، وإذا وفّقت في مباراة أو مباراتين، تتعاظم طموحاتها بعيداً عن طبيعة كرة القدم التي تخبئ المفاجآت، حتى إن بعض الأندية تستمع لرود فعل الجماهير، وتنصت جيداً إلى ردودها على مواقع التواصل الاجتماعي، وتنزل عند تلك الرغبات بإقالة المدرب، الذي لا يجد ما يحميه وتزيد من حجم الضغوطات النفسية عليه، لذلك لو تمعنت في تكتيك بعض مدربي دوري المحترفين، لوجدت النزعة الدفاعية البحتة خشية من هاجس الإقالة، أو إجباره على الاستقالة.
ظاهرة منتشرة!
وهناك من المدربين من أبدى امتعاضه من ظاهرة إقالة أو استقالة المدربين، التي اعتبرها ظاهرة منتشرة، طغت على سطح الموسم الكروي الفائت لبعض أندية المحترفين بشكل سافر، ولم تتعامل إدارة بعض الأندية مع طبيعة هذا الموسم، من حيث الصعوبات المالية والالتزامات ومستحقاتها لدى اتحاد الكرة فطالبت المدرب بما يفوق ما وفرت له، وحاسبته بشكل طبيعي في الموسم الاستثنائي بكل تفاصيله.
وما نريد قوله: إن الاحترافية الإدارية غائبة لدى أغلب أنديتنا المحلية، ودائماً المدرب هو الضحية، وكما هو معروف لدى أغلب المدربين ( للفوز آباء كثر، وللخسارة أب واحد وهو المدرب )، ونجد أن غياب الاحترافية والوعي والثقافة الكروية المطلوبة لدى أغلب إدارات الأندية، هي سبب مباشر في تفاقم ظاهرة استقالة أو إقالة المدربين في كرتنا المحلية، وكثرة تنقلاتهم بين الأندية خلال الموسم الكروي الواحد.