هل بات تجنيس اللاعبين العلاج الأخير لتراجع كرتنا المحلية؟

متابعة – أنور الجرادات : 
في وقت مضى كانت الكرة لدينا تعاني تسرباً للمواهب المحترفة، التي ولدت وترعرعت في كنف أنديتنا ، وجدت بعض الدول المجاورة  القريبة مكاناً لهذه المواهب، على الرغم من أن الولاء لهذه الأندية  يعد كبيراً ومتساوياً في كثير من الحالات ..
و مؤخراً بات الحديث عن إيجاد الحلول المناسبة للسير بكرتنا المحلية، نحو ما نتمنى ونرجو ومنها تجربة -تجنيس- عدد من  اللاعبين ، وهي تجربة ربما تجلب عدداً من المواهب التي شاركت مع الأندية وأثبتت نفسها بشكل واضح للغاية، وإعطاء الجواز السوري  للمواليد مختلف اختلافاً جذرياً عن تجنيس اللاعبين، وهو الإجراء الذي تقوم به بعض الدول لتدعيم منتخباتها الوطنية باللاعب الأجنبي، الذي يثبت أحقيته بذلك عبر تقديم مستويات مميزة مع أحد الأندية شريطة أن لا يكون قد شارك في وقت سابق مع منتخب بلاده وفي المنتخب الأول بالتحديد.
تجربة لو تطبق ..
تجربة التجنيس عبر إعطائها للاعب للمشاركة مع المنتخب الأول بشكل مباشر سيكون لها نتائج متفاوتة، هناك نجاح يذكر لكن الفشل يعتري تلك التجارب لأسباب مختلفة، منها ما يتعلق بالصعيد الفني وأمر يتعلق بالولاء للمنتخب.
وتحدث الكثيرون في وقت سابق على أهمية أن يتم إعطاء الجواز السوري للمواليد في كرتنا  حتى يتم الاستفادة من تلك المواهب، التي تملأ الملاعب من دون أن تجد لها من يحتويها، لذلك ربما يكون القرار إيجابياً وله نتائج مميزة لأسباب مختلفة أهمها أن من ولد وترعرع  سيعطي كامل طاقاته للكرة السورية التي أعطته من خيراتها، وإمكانية أن يتم تطوير اللاعب منذ الصغر حتى يكون قادراً على تقديم الإضافة عند انتقاله للدرجات الأعلى ..
انطباع محدود !
والتجنيس بشكل مباشر بعد أن يقدم اللاعب الأجنبي مستويات مميزة مع ناديه ، ليس مجدياً، السبب الرئيس أن اللاعب لو كان مميزاً لشارك مع منتخب بلاده ، مما يعطي انطباعاً لمحدودية إمكانيات اللاعب، على الأقل بأنه ليس الخيار الذي سيحدث الفارق الكبير نظراً لكبر عمره وعدم الولاء بشكل كبير للمنتخب، لحداثة مشاركته وتواجده في الدولة ، وهذا لا يلغي وجود نجاحات سجلت في هذا الجانب.
الفائدة محدودة
على الجانب الفني المحض فإن التجنيس مختلف بشكل كبير عن إعطاء الجواز للاعب الصغير في السن، الذي باستطاعته أن يتطور ويتكيف مع اللعب، ولديه الفرصة كاملة في أن يقدم إمكانياته مع مرور الوقت، وليس مجرد فرصة عابرة تأتي للاعب لأعوام معدودة يكون بإمكانه أن يجد لنفسه مكاناً أو أن يرحل من دون أي بصمة تذكر عن هذه النقطة ، هناك مشكلة بالتجنيس بأنه في الغالب يكون للاعب الكبير في السن الذي لعب مع أحد الأندية، كما يحدث مثلاً في بعض دول الخليج لذلك فإن الاستفادة منه لا يمكن أن تستمر لأكثر من أعوام معدودة لا تتجاوز أصبع اليد الواحدة، إضافة إلى أن اللاعب حينها يكون غير قابل للتطوير، أو الإعداد بالشكل الذي يناسب المنتخب وطريقة لعبه، مما جعل الاستفادة من تجنيس اللاعبين الكبار في العمر فترة وقتية لا يمكن لها أن تكون مجدية .
واللاعب الناشئ يستطيع المدرب صقله ، وتدريبه بالشكل الذي يناسب المنتخب والدوري الذي سيشارك معه، وفيه تدريج في المشاركة مما يعطي الفرصة للاعب بشكل صحيح دون أن يجد ضغوطاً في طريقه نحو إثبات وجوده، مما يجعل المسؤولية كبيرة تجاه الجهاز الفني الذي من المفترض أن يعمل على تجهيز اللاعب بشكل احترافي وفني دقيق، حتى يمكن للنادي والمنتخب الاستفادة منها بشكل كبير للغاية ولأعوام طويلة، وعلى الصعيد المحلي والعربي والعالمي، فإن النجاح لا يلازم كثيراً المجنسين وهم في الفريق الأول، وإنما قصص النجاح تمحورت نحو جيل من صغار السن يتم العمل عليهم سنوات طويلة، لكن يوازي هذه الأعوام، أعوام من العطاء مما يعطي نتائج إيجابية ، تستحق أن يتم العمل عليها، وحجم النجاح في الكرة الخليجية، كان عبر هذه الطريقة بعيداً عن تجنيس اللاعبين الكبار، إضافة إلى التجربة الفرنسية التي تعطي اللاعب الصغير الفرصة بغض النظر عن موطنه وإنما مجرد ولادته في فرنسا يعطيه الحرية بأن يشارك مع المنتخبات الفرنسية، والأساطير في الكرة الفرنسية من جنسيات أخرى لكن ولادتهم وحياتهم بأكملها لم تتجاوز الأراضي الفرنسية».
لاعبون ربما خسرناهم
وفي الوقت الذي خسرت كرتنا المحلية ، عدداً من المواهب التي ذهبت إلى دولٍ أخرى ، وقدمت إضافة كبيرة، هي من جعلت أصحاب القرار في كرتنا المحلية ، يبحثون بشكل كبير لحل هذه المسألة، وبالذات مع محدودية المواهب في الأعوام الأخيرة، وتحديداً فإن بعض المنتخبات الخليجية كسبت مواهب لافتة هي من مواليد سورية ، ولعبت في ملاعبها وساحاتها ويجب أن نعترف في البداية بأننا تأخرنا في اتخاذ الإجراءات النظامية تجاه مسألة مواليد سورية، وهذا جعلنا نفقد العديد من المواهب التي وجدت الفرصة كاملة في دول مجاورة التي سبقتنا بهذه الخطوة ، واستفادت بشكل كبير من تلك المواهب
ووجدت نتائج ذلك على أرض الواقع، وتحديداً مع المنتخبات الوطنية، حتى أضحت تؤثر في نتائج المنتخبات التي شارك فيها هؤلاء اللاعبون .
نتائج متلاحقة
و لا يمكن أن نحكم على التجربة من خلال هذه الفترة البسيطة التي من الصعب ظهور النتائج فيها، وأرى أن النتائج ستظهر مع مرور الأعوام وتحديداً باعتقادي أن مرور أربعة اعوام على القرار في حال تم اتخاذه سيعطي نتائجه، بسبب أن العناصر التي شاركت مع الفريق الأول بشكل مباشر في دوري الدرجة الأولى من الصعب أن تضع بصمتها، الأكيد أن العناصر المشاركة مع الدرجات السنية هي من سيكون لها البصمة الأكبر في الفترة المقبلة، وهناك من يربط مسألة إعطاء الجواز السوري لمواليد سورية  بالتجنيس المباشر وهما أمران مختلفان بشكل كبير للغاية…
والتجنيس هو إعطاء لاعب محترف لم ينجح في أن يجد له مكاناً في منتخب بلاده، يحضر من أجل المال لا لشيء آخر، بل يفتقد في الغالب للولاء للمنتخب الذي سيشارك معه لأنه يعامله معاملة النادي، فيما اللاعب الذي ولد وعاش طفولته في البلد، مما يجعله مخلصاً لأرضها ، وهذا دليل بأن الموضوع لا يتعلق بالمال، وإنما رغبة كبيرة بأخذ شرف الانتماء ، وهو تأكيد على فاعلية وأهمية مشاركاتهم .

المزيد..
آخر الأخبار