بعد حصولها على ذهب بطولة غرب آسيا .. كرتنا الأنثوية في ميزان التقييم … وهل باتت تسير في الإتجاه الصحيح ؟

متابعة – أنور الجرادات  : 
بطولة غرب آسيا للناشئات إنجاز كبير تحققه كرتنا الأنثوية، وهو الأول من نوعه ويتحقق لأول مرة في تاريخ الكرة السورية، رغم أن كرة القدم اقترنت طوال تاريخها بالرجال، إلا أن بعض النساء قمن بتغيير هذه القاعدة واقتحمن عالم الساحرة المستديرة ، بل تعدين لعب كرة القدم ونجحن في الدخول إلى مجال التدريب، وصرن مدربات لفرق رجالية يقدنها بكل اقتدار وتمكن، ليثبتن أن كرة القدم لم تعد حكراً على الرجال.

تاريخ عريق

وفق أغلب المصادر فإن أول من اقترحت لعبة كرة القدم للنساء هي اليزابيث بروجاني في سنة 1899 وكانت هي مدربة فريدة مميزة جدآ، وتشير التقارير إلى أن النساء لعبن كرة القدم منذ وقت طويل حيث أشارت عن أنها لعبت في عام 1790، أما أول مباراة سجلت فقد كانت تحت إشراف الاتحاد الاسكتلندي لكرة القدم عام 1892 في غلاسكو، وفي إنجلترا كانت أول مباراة نسائية موثقة في عام 1895، لكنها قوبلت بالرفض من الاتحاد البريطاني لكرة القدم، رغم أن المباريات استمرت بعد هذا الرفض، وبرر البعض هذا الرفض بحرص الاتحاد على “رجولة” هذه اللعبة الشعبية.
وأصبحت كرة القدم النسائية شعبية للمرة الأولى على نطاق واسع في أثناء الحرب العالمية الأولى عندما ساهمت المصانع في دعم اللعبة كما فعلت للكرة الرجالية قبل 50 سنة، وعلى الرغم من أنها كانت أكثر شعبية من بعض مباريات الكرة الرجالية (بلغ حضور أحد المباريات 53 ألف)، إلا أنها تلقت ضربة موجعة عندما منع الاتحاد إقامة المباريات على ملاعبه عام 1921 ووصفها بالمقززة، وفي سبعينيات القرن الماضي، أصبحت إيطاليا أول دولة تطبق نظام الاحتراف لكرة القدم النسائية وإن كان جزئياً، أما أول دولة تطبقه بشكل كامل فقد كانت الولايات المتحدة الأمريكية، ووضعت اليابان بصمتها في تاريخ هذه الرياضة، حينما أقامت أول دوري للمحترفات سنة 1992.
أما أول كأس عالم للسيدات فأقيم في الصين سنة 1991 وفازت به الولايات المتحدة الأمريكية ، وتعدّ النرويج والسويد والصين أقوى الفرق النسائية، بالإضافة إلى فرق كالبرازيل وكندا، وفي سنة 2002، أقرت الفيفا بطولة العالم للنساء تحت الـ19، التي أقيمت البطولة الأولى لها في كندا وفازت الولايات المتحدة باللقب، أما البطولة الثانية فأقيمت عام 2004 في تايلاند وفازت الألمانيات باللقب.

البداية من حلب ..
لا شك أن علاقة المرأة السوريّة بكرة القدم ليست بحديثة، وكان هناك العديد من الأندية ممن كانت من أوائل المؤسسين للكرة الأنثوية السورية، فأول فريق كرة قدم نسائي في الشرق الأوسط انطلق من حلب، فقد شهدت المدينة انطلاقة أول نادي كرة قدم للسيدات في الشرق الأوسط عام 1950، حيث بدأت سيدات حلب خوض المباريات قبل نظيراتهنَّ في الشرق الأوسط، وبملابس رياضية كاملة بدأت فتيات حلب لعب كرة القدم بعد أن وجدنَّ تشجيعاً من عائلاتهنَّ.
أما فريق الشهباء التي تأسس عام 1971 فإن نشأته بدأت عندما طرحت الفكرة على عددٍ من الأشخاص لتنضمّ بنات النادي إلى اللعب، الفكرة التي أطلقها مجلس إدارة نادي الشهباء لقيت ترحيباً غير متوقّع، ومن ثم اختيرت اللاعبات وبدأنَّ التدريبات استعداداً لموسم المباريات ، وكانت البداية نهاية صيف عام 1971 عندما انطلقت أول مباراة بين المتدرّبات الجُدد وبين فريق أشبال النادي، فلم يكن يوجد فرق نسائية أخرى، والغريب أن اللاعبات وفي أول مباراة لهنَّ فُزنَ بخمسة أهداف مقابل ثلاثة، وشهدت المباراة إقبالاً جماهيرياً كبيراً، حيث حضرها أكثر من 5000 شخص، مع العلم أنّ الجماهير اختارت مباراة النساء، بالرغم من أن مباراة أخرى كانت تجري في ذات الوقت في الملعب البلدي بحلب، ودارت المباراة وفق القواعد المعروفة لكرة القدم، و لم يتم طرح أي استثناءات، سوى أن الوقت المحدّد للمباراة اختُصِر بساعة فقط.

غير مبرر!

بعد ذلك غابت كرة القدم النسائية عن كرتنا لسنوات عديدة، لتعود مع بداية الألفية للظهور من جديد على نطاق محدود عبر تبني بعض الأندية للعبة (مثل المحافظة والسلمية وجرمانا وفيروزة وغيرها من الأندية) واعتبرت من أهم الأندية التي مارست اللعبة، وكانت نبعاً للمواهب التي رفدت الكثير من الفرق والمنتخبات السورية، لكن سرعان ما تم حل اللعبة بتلك الأندية ، إلا أن الخطوات في هذا المجال بقيت حثيثة حتى تم إقامة أول بطولة للدوري في الصالات المغلقة، وسرعان ما تطور الأمر حيث انطلق الدوري ليقام على الملاعب المعشبة، وتم تشكيل منتخبنا الوطني الذي شارك بالكثير من البطولات الخارجية وأفضل إنجاز له كان في عام 2005 عندما احتل المركز الثالث في بطولة اتحاد غرب آسيا للسيدات لكرة القدم.
دوري وملاحظات
في الواقع الراهن تبدو الأمور أفضل، ففي الموسم الماضي  (دوري وكأس) نال نادي فيروزة لقب الدوري ونادي الوحدة لقب الكأس، لكن المسابقة عانت من ضعف الاهتمام بها من قبل الأندية الكبيرة جماهيرياً …

ورغم ذلك فقد حفلت الكثير من المباريات بالمتعة والإثارة.
مديرة قسم الكرة الأنثوية في اتحاد كرة القدم مها القطريب أوضحت أن الدوري الأنثوي كان ناجحا بكل المقاييس، رغم أن الظروف لكافة الأندية وعلى مستوى اتحاد الكرة كانت صعبة.
وأضافت قطريب: حاولنا المحافظة في المواسم الماضية على الفرق والدوري وكان هناك إيجابيات ومن ضمنها المستوى الفني الجيد والدليل المنافسة القوية على اللقب وهو شيء إيجابي، ويعطينا الدافع الأكبر لزيادة عدد الفرق ونشاطاتنا ، وتحسين المستوى الفني بالمواسم المقبلة وهو من ضمن أهدافنا، لكن الظروف والإمكانيات التي تتوفر لنا هي غير مساعدة حتى نوسع النشاط الذي نطمح له ، وقد نجحنا بإقامة بطولة الجمهورية للسيدات، وهي تقام لأول مرة ونجحت نجاحا جيداً على كافة الأصعدة ، سواء على المستوى الفني أو التنظيمي أو الإعلامي، وتواجد الجمهور أضفى رونقا للمباريات وأعطى دافعا وحماسا للاعبات، ونسعى لبذل الكثير من الجهد والعمل لتوسيع هذا النشاط ، كما نتمنى أن تتحسن الظروف ليصب العمل في خانة تطوير المنتخب الوطني.
من جهتها مديرة قسم البراعم باتحاد كرة القدم رهف كروم أكدت أن دوري السيدات كان على مستوى أعلى من التنافس، وظهرت العديد من اللاعبات المتميزات بمختلف الأندية ، وهذا دليل على أن عجلة التقدم بهذه اللعبة تسير ولكن ببطء، وكل هذا العمل والتطور والتكلفة المادية للأندية ، إن لم يكتمل بالمشاركات الخارجية فسيبقى ناقصاً، علما أننا اليوم لدينا لاعبات مؤهلات ليمثلن سورية في المحافل الخارجية التي بدورها تعمل على تطوير اللاعبات بالمستوى الفني ، وزيادة الحافز لتحسين مستوى الأداء.

المزيد..
آخر الأخبار