رابطة دوري المحترفين..  هدفها تطوير كرة القدم أم ترسيخ التراجع؟

متابعة – أنور الجرادات : 
يهدف مشروع تشكيل رابطة دوري المحترفين  لتحويل الأندية إلى شركات استثمارية مستقلة
بالتوازي مع إطلاق مشروع نظام دوري المحترفين بشكل صحيح وواقعي ، واستكمالاً له، والمفترض أن يسير مشروع تأسيس رابطة الأندية المحترفة في ذات الاتجاه كجزء من مشروع كبير وطموح يهدف إلى إحداث تغيير جذري على الواقع الكروي، عبر تحويل الأندية إلى شركات استثمارية مستقلة قانونيا وماليا ،
وترتبط معظم الأندية المحترفة بشكل أو بآخر بمؤسسة الاتحاد الرياضي العام ، ما يفرض خطوات استثنائية قد تستمر لسنوات عديدة ، تمهيدا لوضع التجربة ككل في محاكاة للتجارب العالمية .
نظام الرابطة .. وفق أي نموذج سيشكل؟
تمثل روابط المحترفين في الدوريات العالمية سقفا يضمن استقلالية المسابقات، والفعاليات الكروية عن سياسات الاتحادات الكروية على مستويين: الأول (قانوني) بوصف أعضاء هذه الروابط أندية تعمل كشركات خاصة، والثاني (مالي) متعلق بحقوق الرعاية والتسويق والنقل التفزيوني، ففي الدوري الإنكليزي على سبيل المثال هناك رابطة للأندية ، تم تأسيسها منذ العام 1907، تعمل كمؤسسة ممولة ذاتيا نظرا لاستحواذها على الحقوق المادية للمسابقات، ما يجعلها مستقلة تمامآ عن الاتحاد الانكليزي لكرة القدم.
وظروف وسياقات نشوء وانتشار كرة القدم في الدول المتقدمة ، إضافة إلى النمط الاقتصادي القائم فيها ، فرض سياقا خاصا من الصعب اتباعه في نقل التجربة الاحترافية إلى دول بلدان العالم الثالث، إذ أن معظم أندية هذه الدول ترتبط بشكل أو آخر بمؤسسات الدولة في أحد الجانبين القانوني أو المالي، أو كلاهما أحيانآ كما هو الحال عندنا ، ما يفرض خطوات استثنائية قد تستمر لسنوات عديدة تمهيدا لوضع التجربة ككل في محاكاة للتجارب العالمية.
وفي سياق سعي اتحاد الكرة إلى نقل التجربة الاحترافية المتبعة في بعض دول المنطقة والخليج العربي تحديدا ، ففي كل دولة هناك سياق متبع مختلف ، لتطبيق التجربة الاحترافية ففي قطر مثلآ يكون رئيس الاتحاد القطري لكرة القدم رئيسا لرابطة الأندية المحترفة مع عضوية عضوين منتخبين من قبل الأندية القطرية ، إضافة إلى اختيار مختصين لتسيير الملفات الإدارية والمالية».
يطرح تساؤل حول مدى قدرة الأندية على التحول من كونها أندية مؤسسات تعتمد على التمويل المباشر  إلى أندية تعمل بوصفها شركات استثمارية خاصة تموّل ذاتيا ،
«بينما في دولة الإمارات يكون نظام الرابطة مختلف حيث تنتخب الأندية الإماراتية رئيسا للرابطة يكون بشكل أوتوماتيكي نائبا لرئيس اتحاد الكرة وأن «التجربة الإماراتية في تأسيس رابطة الأندية المحترفة ، بدأت بتشكيل لجنة تدير المسابقات تحت إشراف الاتحاد الإماراتي استمرت في العمل لمدة سبع سنوات ، ثم تحولت تدريجيا إلى رابطة مستقلة عن الاتحاد».
إستراتيجية محددة
أما عن التصور الذي يمكن أن يطرحه اتحاد الكرة ، عن النموذج المفترض لتشكيل رابطة الأندية المحترفة، يقول أحد أعضاء الاتحاد : نحن في الاتحاد لدينا  لجنة لإدارة المسابقات ونطبق كل المعايير التي يطلبها الاتحاد الآسيوي لكرة القدم  لتطبيق التجربة مع طرح مجموعة إجراءات يعمل على دفع هذه اللجنة نحو الاستقلالية التامة بوصفها رابطة للأندية المحترفة».
وربما يسأل سائل عن  كيفية توزيع صلاحيات إدارة المسابقات الكروية، خاصة وأن «رابطة الأندية ستدير دوري المحترفين بشكل كامل إضافة إلى مسابقة مستحدثة ، تحت عنوان كأس رابطة المحترفين، فيما سيتفرغ الاتحاد لإدارة دوري الفئات العمرية ..
وعلى الرغم من إدارة دوري المحترفين ستكون حصرا من صلاحيات رابطة الأندية، إلا أن هناك ترابطا في بعض المفاصل سيبقى مع لجنة مسابقات الاتحاد  «أربعة لجان ستبقى كلجان مشتركة بيننا وبين الرابطة وهي لجنة الحكام ولجنة الإشراف على المباريات ، إضافة إلى اللجنتين الأمنية والإعلامية».
مشروع طموح وعقبات في الطريق
وتواجه فكرة استقلال الرابطة بمسابقاتها عن الاتحاد مجموعة من العقبات الكبيرة التي من الممكن جدآ أن تجهض المشروع في مهده ، فهناك محددان اثنان هما شرطا النجاح من عدمه: أولهما هو مدى قدرة الأندية على التحول من كونها أندية مؤسسات تعتمد على التمويل المباشر من مؤسساتها الراعية إلى أندية تعمل كشركات استثمارية خاصة تعتمد على التمويل الذاتي.
وتشير ترجيحات إلى أن الأندية ستلجأ لإتباع بعض الحيل القانونية والمالية ، لتغيير صيغة تلقي الدعم المالي من مؤسسة الاتحاد الرياضي العام ، وتعديل للتكيف مع لوائح الآسيوي
أما المحدد الآخر، فهو قدرة الرابطة على جلب الرعاة للمسابقات التي تديرها وقدرتها على التسويق، وبيع حقوق النقل التلفزيوني بمبالغ قادرة على سد احتياجات تنظيم المسابقات من جهة، واحتياجات الأندية من جهة أخرى.
وبحسب التجارب السابقة مع الشركات الراعية للدوري، فأغلب الظن أن المسابقات لن تحظى برعاية بمبالغ تسد الحاجة …
كما يقول البعض: إن العوائد المادية المتوقعة من عقود الرعاية والتسويق وحقوق النقل التلفزيوني ، ربما لن تتجاوز مبالغ كبيرة وإن «هذه العوائد لن تسد حاجة الأندية ، حتى مع سعي الإدارات لجلب استثمارات خاصة إلى الأندية وهذا يعني أنها لن تغطي تكاليف التعاقد مع لاعبيها الحاليين .
ووفقا للظروف الحالية ربما لا تبقى المؤسسات الراعية للأندية ستستمر بتمويلها بشكل مباشر، وبدون هذا الدعم لن تستطيع هذه الأندية المواصلة بل أن مشروعي رابطة الأندية ودوري المحترفين سيكونان أمام تحدٍ وجودي كبير .
فجوة ضخمة
ومن المتوقع أن تواجه الأندية المحترفة  ورابطتها في حال تم  تأسيسها في  أزمة مالية كبيرة نظرًا للفجوة الضخمة بين ما هو متوقع من مردودات مالية وبين سقف إنفاقها، فعقود لاعبي الأندية سوف تتراوح إلى مبالغ كبيرة جدآ ، بينما ستضطر بعض الأندية التي لا تملك ملعبا مطابقا للمواصفات الدولية لدفع مبالغ كبيرة أيضآ ، لقاء استئجار أحد ملاعب الأندية الأخرى .
ولعل سعي الأندية لردم الفجوة المالية الحاصلة ، سيصطدم بمعايير اللوائح الآسيوية الصارمة إزاء الجوانب المالية والقانونية والتي تحظر استلام الأندية الرياضية لأي دعم مادي من المؤسسات ..
وعن هذه الإشكالية ، يتوقع الكثيرون أن  الأندية ربما ستلجأ لاتباع بعض الحيل القانونية والمالية، لتغيير صيغة تلقي الدعم المالي من المؤسسات ، وتعديل وضعها القانوني للتكيف مع اللوائح الآسيوية.
هل ستتجه الأندية للحلول الترقيعية؟
للإفلات من كماشة المعايير الصارمة التي تفرضها اللوائح الآسيوية والتي تعتبر المعيار الأساس لقبول عضوية الأندية داخل رابطة المحترفين ، «تسعى بعض إدارات الأندية لتسجيل بعض مرافقها التجارية التابعة لها ، كشركات استثمارية خاصة ومن ثم ربط النادي ككل بهذه الشركة، وهي حيلة قانونية للالتفاف على اللوائح الآسيوية» بحسب مصدر يعمل في إدارة أحد الأندية .
ويمكن للأندية أن تستلم أموالها من المؤسسات بوصفها تبرعات، ومن الممكن تحويل الأموال التي تتلقاها الأندية ضمن موازنات تخصص سنويا من قبل المؤسسات ، إلى نظام دفعات شهرية تعطى بوصفها تبرعات .
وعلى الرغم من أن هذه «الحيل القانونية والمالية» يمكنها الالتفاف على المعايير القارية، ويمكنها أيضآ أن تمكّن الأندية من اكتساب عضوية رابطة المحترفين، لكنها «لن تدفع باتجاه تطوير الواقع الكروي بل سترسخ عوامل تراجع مستوى رياضة كرة القدم بشكل عام .

المزيد..
آخر الأخبار