سوق انتقالات السلة ينطلق بقوة … وفوضى احترافية لم نجد لها الحلول !

الموقف الرياضي – مهند الحسني:
انطلقت قبل أيام قليلة سوق الانتقالات للموسم السلوي الجديد، وبدأت أنديتنا تشهد صفقات كبيرة من العيار الثقيل، وضعت بعض الأندية تحت ضغط أعباء مالية كبيرة من دون رقيب أو حسيب، وكأن مقررات مؤتمر اتحاد السلة فيما يتعلق بوضع ضوابط وأنظمة للحد من فوضى الانتقالات العشوائية باتت ريشة في مهب الريح، فالأندية الكبيرة التي كانت بمنزلة مفرخة للنجوم أصبحت بفضل عشوائية عملها مستهلكة وغير منتجة، لا لشيء سوى أنها باتت تعشق نتائج مسبقة الصنع من دون أن تجتهد وتعمل، وهذا الكلام ينطبق على أغلبية أنديتنا باستثناء نادٍ أو اثنين.
لسنا بوارد انتقاد هذه الصفقات لأن اللعبة تعيش في عصر الاحتراف، غير أننا من أكثر المنتقدين لموضوع التعاقد بتكاليف مالية عالية وضخمة باتت أندية تتجشم عناء تأمين هذه الموارد، ولو أن أنديتنا تمتلك العقلية الرياضية الاحترافية لصرفت هذه الأموال على فرق قواعدها وصبرت عليها لموسمين أو ثلاثة بعيداً عن النتائج الرقمية، فلا بد في النهاية أن يكون حصادها مثمراً وموازياً لحجم العطاء، لكنها فضّلت الاستهلاك والتعاقد مع لاعبين على أبواب الأربعين عاماً تحت حجج ما أنزل اللـه بها من سلطان، لأن إنجازات مسبقة الصنع تأتي على طبق من ذهب حتماً تسجل بأنها تحققت في عهد هذه الإدارات التي بات همها الجلوس على المنصات وتوزيع الابتسامات والبريستيج، وصرف الأموال بطريقة عشوائية على عقود احترافية للاعبين باتوا يشكلون عبئاً تمجه النفوس، ولن يأتوا بشيء جديد لهذه الأندية التي مازال عملها بدائياً وغير منتظم وهذا من شأنه أن يوصلها لنتائج لا تحمد عقباها.
ضرورة ..
لا يمكن على ضوء هذا الواقع أن تتطور سلتنا ما دام عمل أنديتنا غير منتظم وهناك فوضى احترافية من دون ضوابط، ولن ترى النور والإشراقات ما دامت على هذه الدرجة من الاستخفاف بمسابقاتنا المحلية التي لم تشهد أي تطور منذ سنوات يتناسب مع التطور الحاصل بمفاصل اللعبة، حقيقة لابد أن نقر بها بأن المشهد السلوي الأخير على صعيد أداء ومستوى فرق الدوري كان ضبابياً، ولم يلب الطموح على صعيد المستوى الفني، ولن يساهم في تطوير مستوى لاعبينا، ولا حتى منتخباتنا، وهذا جعل أوراق التوت تسقط عن الكثير من الأندية لتكشف عوراتها وأخطاءها المتراكمة على مدار السنين السابقة، فانكشفت الفقاعات التي عاشت بها جميع الأندية، وثبت بما لا يدعو للشك سوء التخطيط وضعف الرؤية الإستراتيجية لدى القائمين على كرة سلة في هذه الأندية.
آذان مصغية
إذا كان تطور كرة السلة سيبدأ من القواعد، فإن المعطيات الموجودة على مستوى المسابقات المحلية غير مطمئن أبداً، وخصوصاً طريقة التعاطي مع فرق القواعد التي أثبتت أن مستواها مازال متفاوتاً، وأكثر ما يحز في النفس أن جميع التحذيرات والتنبهات التي أشار إليها خبراء اللعبة في الفترات السابقة حول الأخطاء التي وقعت فيها أنديتنا في تعاطيها مع فرق القواعد لديها وطريقة البناء الخاطئة، لم تلق آذاناً مصغية، وكأننا ننفخ في قربة مثقوبة، وبات جل اهتمام أنديتنا دعم الفريق الأول، وذلك لما يحققه من نتائج ستسجل في سجل هذه الإدارات الراغبة في تحقيق إنجازات مسبقة الصنع، فكان ما كان وأصبح الكابوس الذي كنا نخاف منه واقعاً.
وإذا كانت محطات التقييم متدرجة، فإن أعلى مراحل عمل هذه الأندية هي قواعدها التي تعد حصيلة إستراتيجية ورؤية فنية بعيدة تصيب العمق الفني المطلوب للارتقاء باللعبة، لذلك فإننا نمنح هذه الأندية علامة الصفر، ليس بسبب سوء الاهتمام بالقواعد وسوء نتائجها، وإنما لضعف المسابقات الخاصة بها، وهذا من شأنه ألا يفرز لاعبين من مستوى جيد لفرق الرجال، وما زاد الطين بلة هو عدم قدرة اتحاد السلة على تطوير نظام مسابقات الفئات العمرية كما كان في السنوات الماضية، بسبب عدم قدرة هذه الأندية على تحمل نفقات سفر فرق القواعد نظراً لارتفاع تكاليف التنقل بين المحافظات، وبالنهاية أقر الاتحاد إقامة أغلبية مسابقات هذه الفئات عبر تجمعات، وهذا من شأنه أن ينعكس سلباً على مستوى لاعبي هذه الفرق، ولمن يعطيها تلك المساحة الكبيرة في اللعب عدد مباريات أكبر خلال الموسم الواحد.
مشاكل متفاقمة!
إذا كانت مشكلة أغلبية فرق الدوري لدينا ضعف الإمكانات المادية، فإن الأندية الكبيرة الوحدة والجيش والاتحاد والجلاء والكرامة، لا تعاني في حقيقة الأمر من هذه المشكلة، وإنما من أزمنة مختلفة، وهي انعدام إستراتيجية الأمد الطويل، والبحث عن الألقاب المسلوقة، وهذه حقيقة يعرفها الجميع، ويبدو أن هذه المشكلة قد وصلت إلى باقي الأندية التي باتت تسير ضمن خطة الأندية الكبيرة، ولم يتوقف الأمر عند هذه الأمور بل وصلت ببعض الأندية إلى الاتكال على ما ستفرزه الأندية الكبيرة من لاعبين لتضمهم لصفوفها على سبيل الإعارة، رغم أنها تمتلك الإمكانات المادية التي تسمح لها بالعمل على قواعدها بشكل سليم وصحيح، ولابد حينها من أن يثمر عملها عن نتائج إيجابية، فتصوروا أن ثلاثة أندية بالعاصمة تسعى بكل قوتها لضم لاعب عملاق عمره يتجاوز الأربعين سنة لحل مشكلة الدفاع لديها، دون أن تفكر هذه الأندية بحلول جدية لمشاكلها باعتمادها على قواعدها والصبر عليها، وتصوروا أن نادياً كبيراً ضم الموسم الفائت سبعة لاعبين تحت اسم الاحتراف فقط دون أن يلتفت لقواعده ويعمل عليها، وتصوروا أن نادياً تعاقد مع لاعبين من فئة الشباب من أجل أن يتناسب مع قرار تحديد الأعمار، فعن أي نوادٍ متطورة ونشطة يتحدثون؟
تجديد الفكرة …
ترك قرار الاتحاد السابق بتحديد أعمار اللاعبين الكثير من الاستياء لدى أغلبية اللاعبين الذين تجاوزوا سن الرابعة والعشرين، ووجدوا فيه انتقاصاً من جهودهم التي بذلوها مع أنديتهم على مدى سنين طويلة، واصفين إياه بالقرار المجحف بحقهم لكونه حسب زعمهم سيحرمهم من المشاركة مع أنديتهم كما في المواسم السابقة، لكن هذا القرار وبعيداً عن مصالح اللاعبين من عدمها، كان له تأثيرات إيجابية على واقع جميع الأندية، لكون الأندية الكبيرة التي كانت تحتكر أفضل اللاعبين تحت اسم الاحتراف وما شابه ذلك، باتت تبحث عن مخرج جديد يتماشى مع قرار الاتحاد الجديد، الأمر الذي أحدث توازناً بين الأندية الكبيرة والصغيرة من حيث توزيع اللاعبين النجوم، وهذا ما سيسهم في ارتفاع حرارة المنافسة بالدوري المقبل، وفي حال تم تطبيقه بشكل جيد الموسم القادم سيكون اللبنة الأولى والأساسية لبناء جيل سلوي مشرق للمستقبل في جميع الأندية التي ستسارع إلى التفاتة حنون تجاه مفاصل اللعبة، وهذا سيزيد من جماهيريتها ومستواها الفني، وسيفتح الباب أمام اللاعبين الشبان لإثبات جدارتهم وإكسابهم الخبرة الفنية، وبالتالي سيكون حضورهم في تمثيل المنتخب قوياً في المراحل القادمة.

المزيد..
آخر الأخبار