متابعة- أنور الجرادات:
أنشد عن الحال هذا هو الحال وأنشد عن الاستقرار.. ولكن من أين يأتي الاستقرار؟ وأنشد عن الاحتراف ولكن متى يستقر الحال ليكون لدينا الاحتراف أو ما يحدث من إقالات واستقالات المدربين؟ أصبح شيئاً طبيعياً ولا نستغرب لأن كل جولة بمدربها، هذا ما يحدث الآن والغريب بدأ مبكراً هذه المرةفي دورينا الكروي المحترف الذي تعصف به، هل نطلق عليها الاستقالات أم الإقالات أم إدارات لا تعرف مبدأ لديها سوى الإقالة والاستغناء عن المدرب؟ أما أنك تجعل فريقنا يفوز في كل جولة ومع أي إخفاق تذهب مباشرة مع الخسارة، دون النظر في وضعية الفريق وسيكيولوجية اللاعبين وقدراتهم واستقرارهم النفسي قبل الفني..
شماعة دائمة
ويأتي السيناريو الجديد والذي حدث حصرياً في هذا الموسم على النحو التالي ( المدرب ) يقول بكل هدوء: أنا قدمت اعتذاري للنادي منذ فترة وأشكر تفهم إدارة النادي ولا توجد أي إشكالية بيني وبين أي شخص وترد عليه ( ادارة النادي ): السبب في استقالة المدرب في الفترة الحالية الظروف الاسرية فأجبرت المدرب على الرحيل.. وأصبحنا لا نعرف من الصح ومن المخطىء.. لأن الوضع يقول غير ذلك لأن المدرب يقال من هنا ويدخل في نفس اليوم باب النادي الآخر! وتستمر الحكاية: بـ ( هجرة المدربين ) الاستقالات لظروف خاصة! البحث عن صفقات كبرى… إلى متى ستظل أنديتنا جسر عبور ومنفذ دخول اللاعبين والمدربين، لماذا الاندية تجتهد وتبحث وبعد كل ذاك التعب تتقبل الاستقالات بكل سهولة ويسر وبتراضي الطرفين، والمضحك في الحكاية تظهر الحقيقة أن المدرب يتعاقد مع نادٍ آخر بسبب عقد أكبر من سابقه.
الغموض
قبل فترة وجيزة استقال مدرب الوحدة أحمد عزام وقبله محمد العقيل مدرب الفتوة، وقبلهموقبلهممن المدربين وأصبحنا مع كل أسبوع وبعد نتيجة أي فريق نتوقع أن يقدم أي من المدربين استقالته، وخاصة بعد شعوره بأنه أصبح غير مرغوب فيه من ( اللاعبين والإدارة والجمهور ) فأين الأسس التي يتم التعاقد على أثرها بين الطرفين وأين الشرط الجزائي؟
والغريب أن إدارات الاندية لا تزال تعلو صرخاتها بشح ميزانيتها، وفي المقابل تتعاقد بالملايين وتترك الارقام وراءها نسياً منسياً، والآن الكل مطلع وعلى مرأى ومسمع مما يحدث في الدوري من (أكشنات) ولا تمر مرور الكرام هكذا في الاستقالات التي قدمها المدربون كانت أعراضها مادية ١٠٠% فلماذا تلك المنهجية التي حدثت؟
موضة الموسم
هذه الموضة العصرية التي ظهرت خلال النصف الأول من الموسم الماضي وفي هذا الموسم بدأت مبكراً،فقد أغلقنا صفحة النصف الاول من دوري الموسم الماضيبـعدد لابأس به من استقالات وكان ( المدرب ) هو الضحية والشماعة التي تضعها الأندية عند الإخفاق، ولو كان المدرب من أفضل المدربين سواء كان المدرب محلياً أو حتى أجنبياً، وبعدها ربما تتطور تلك الموضة بصيحاتها المتنوعة في النصف الثاني من الموسم الحالي، وربما نشهد فيها الكثير من الاستقالات وربما أيضاً يكون رقماً كبيراً مقارنة بالسنوات الماضية وإلى الآن لم ينتقل لها فيروس العدوى القاتلة (إقالة او استقالة المدرب) التي يؤججها الترهل الاداري، إذ انتشر على معظم الأندية وبات ينخر أجسادها، فقد وصلت الاقالات والاستقالات بأنها ثقافة تولدت لدى الوسط الرياضي، وما من نادٍ يخفق في مباراة أو أكثر إلا ويكون المدرب هـو المتسبب الأول بغض النظر عن جميع الأطراف المشاركين في تسيير النادي، وما من مدرب ينجح فريقه في المباريات إلا ويسبق الثناء للمدرب، فالمعروف والمتداول من المدارس الكروية العالمية التي سبقتنا بأميال في هذا المجال ان المدرب يحتاج الى وقت أكبر ليعرف ماذا سيفعل مع النادي الذي تم التعاقد معه، والدليل أن الدوريات الأوروبية يمكث المدرب في ناديه سنوات طويلة دون أن يحقق أي بطولة لفريقه لمدة طويلة فهم يفقهون بأن بعد الزرع والاعتناء بالثمار تبدأ مواسم الحصاد، ومثالاً على ذلك السير اليكس فرجسون المدرب السابق لنادي مانشستر يونايتد الإنجليزي حيث لازم الفريق ٥ سنوات ولم يحقق بطولة، ونتيجة هذا الاستقرار والتخطيط السليم توالت بعدها البطولات الواحدة تلو الأخرى.
قرارات متسرعة!
من الملاحظ أن استفحال ظاهرة إقالة واستقالة المدربين من الأندية تعبر عن الوضعية المتأزمة التي تتخبط فيها كرتنا المحلية، فليس من المعقول إقالة المدربين رهينة قرارات متسرعة على ضوء نتائج وقتية بحيث تكفي هزيمة أو هزيمتان للتخلي عن خدمات المدرب، وليس من المعقول أيضاً تسجيل استقالة المدرب وقبولها من قبل إدارة الاندية هكذا بدون تبرير أو تعليق لتجد اسمه يلعلع في ناد مجاور! للاسف الشديد تبرهن الوقائع، بل انها تؤكد على هشاشة الفكر الرياضي لدى أغلب إدارات الأندية وان ثمة أخطاء موجودة لابد من إيجاد حل لها، لأن الدعم المادي الذي تقف عليه الأندية سيكون
أرقاماً مقلصة كما هو معروف وبذلك ستكون الميزانية غير منحصرة فقط على تعاقدات المدربين بل هناك مشاركات مطالب بها النادي محلياً وخارجياً، والحاصل بين انديتنا أنها لا تزال تتغنى وترقص على ( ضعف الدعم المادي) وهذا ما يمنع دورينا لارتقاء أسرع، بالرغم من المخصصات المالية التي تمنح للأندية سنوياً، ولكن استفحال موضة إقالات واستقالات المدربين كانت السبب وراء هذه المعاناة المالية، حيث تكبد الاندية أموالاً كثيرة وباتت بحاجة إلى أموال إضافية تعينها.
سلبيات بحاجة إلى إيجابيات…
هناك الكثير من الإشكاليات التي تحدث وسببها الرئيسي تغيير المدربين بشكل مستمر خلال موسم واحد، ولذلك ترتبت خلفه الكثير من الآثار السلبية على أنديتنا المحلية وهذا واضح حتى على مستوى الأندية، والنتائج خير برهان على ذلك حيث تدهور حال الفرق التي أجرت اكثر من تغيير في الجهاز الفني من السيىء الى الأسوأ، ولكن ما يحدث بدورينا المحترف شيء عجيب إذ قامت بعض الأندية باستبدال أكثر من ثلاثة مدربين في فترة وجيزة، وهذا ما يدل على انعدام ثقافة التغيير أو بالأصح غياب الفكر الرياضي في إدارات الأندية، ويعد المسؤول الاول عن الأخطاء وتتحمل نتائج فرقها السلبية، فالأمور الفنية لابد من تقييمها عن طريق اشخاص متمرسة ولديها الخبرة الكافية، فأعتقد أن الاندية المحلية في الوقت الحالي بحاجة الى أعضاء لهم المعرفة الكافية باللعبة ولهم الكم الجيد من المشاركات في رياضة كرة القدم مسبقاً، سواء كانوا كلاعبين أو مدربين لان الأندية المستقرة رغم الظروف التي تعاني منها لم تتأرجح وتقدم مستويات رائعة تؤهلها للمنافسة على اللقب، مدركة بأن الاستقرار الفني له أبعاده الاستراتيجية والفعالة على مستوى الفريق وأداء لاعبيه.
السبب إدارات الأندية
وتتلخص المشكلة في إدارات الاندية فتلك الادارات مرشحة من قبل أعضاء في الجمعية العمومية وواجب على أي ادارة أن تتحمل أي قرار تصدره سلباً او ايجاباً، فعندما يتعلق القرار باستقالة مدرب الفريق فهناك متابعون ومتابعتهم ملموسة لأن اتخاذ مثل هذه القرارات وسبقها للاعذار لابد أن تكون صريحة أمام الجماهير، فالمدرب في الدوري الاحترافي وضع الشروط والتي تتألف من الشرط الجزائي والراتب ومقدم العقد، لذلك لا ينبغي أن يعامل المدرب بالعاطفة لان هناك بنوداً وشروطاً كانت تندرج عليه قبل أن يوقع عقده وما حدث من استقالات في الآونة الاخيرة كانت العاطفة هي السبب في قبول استقالة المدربين، فالعقل والمنطق يقول: إن المدرب لم يأت إلى دورينا حباً، أو جذبته عاطفة بل جاء لكي يعمل ويقدم انجازاً للفريق، فهذه الحقيقة يجب أن تعيها إدارات الاندية فالعاطفة ليس لها مكان في مثل هذه المواقف.
والملاحظ أيضاً ان ادارات الاندية دائماً تحب أن تضع الأعذار وتغلفها للاعلام والجمهور، وبعدها تظهر الحقيقة وتنكشف أمام الجميع فلماذا تضعون أنفسكم في موقف محرج وأين الشفافية في هذا الجانب؟ ومن بداية الموسم دائماً يكون اختيار المدربين لا يوازي الفرق، أي أنه إما يكون المدرب أعلى من فكر الفريق أو يكون الفريق أعلى من فكر المدرب، لذلك يجب أن تكون العقود قبل أن توقع مدروسة والأهداف مرسومة وبشكل صحيح من قبل لجنة فنية مختصة لها نظرة خاصة بكل تلك الجوانب.