المدربان الوطني والأجنبي … أيهما الأنسب لكرتنا المحلية؟

متابعة – أنور الجرادات :
إن أنديتنا المحترف منها وبباقي الدرجات ومنذ عهود طويلة تجاوزت نصف القرن من عمر الزمان، خمسون عاما بالتمام والكمال،  تستعين أحيانا بخدمات المدرب الأجنبي في قيادة فرقها في المنافسات المحلية والخارجية، وكان لأندية الجيش وأهلي حلب وأندية أخرى   علي وجه الخصوص السبق في استقطاب المدربين الأجانب للإشراف على أنديتها ، ولو أردنا إحصائية بقائمة المدربين الأجانب الذين تعاقبوا علي قيادة أنديتنا خلال الأعوام  الماضية لاحتجنا إلى مجلدات وصحائف لاحصائها، لأن القائمة تطول وتطول حيث أن بعض الأندية تستجلب في الموسم الواحد أكثر من مدرب فربما اثنين وربما يصل العدد إلى ثلاثة مدربين في موسم واحد مع اختلاف المدارس، والغريب في الأمر هو أن محصلة الأندية من التعاقد مع المدربين الأجانب خلال كل تلك الفترات الطويلة صفر كبير على الشمال دون أن تكون قد حققت أي إنجازات قارية أو إقليمية، الأمر الذي يترك أكثر من علامة استفهام حائرة في نفوس كل المراقبين، على اعتبار أن المدرب الاجنبي الذي يتقاضى راتبه بالعملات الصعبة ينبغي بل يجب أن يكون مغايرا عن مدربنا الوطني الذي يتقاضى ما لا يسمن ولا يغني من جوع كعربون لقيادة أندية الوطن، وسنسعى من خلال هذا التقرير لعقد المقارنة وإلقاء الضوء بين المدربين الأجنبي والوطني، وايهما الأفضل لكرتنا المحلية، وماهي المعوقات التي تعوق مسيرة كليهما وهما يؤديان المهام الفنية في قيادة الأندية التي يتشرفان بقيادتها .

انعدام الثقة !

المدرب الوطني وهو ابن الوطن الذي ترعرع بين احضانه ونهل من ترابه وشرب من مائه  العذب والذي يعتبر الأولى من غيره بقيادة الأندية فيه، فهو وبكل اسف يعاني معاناة أليمة من افتقاده لعامل الثقة المتوفرة بينه وبين إدارة النادي التي يعمل تحت إشرافها والتي اختارته بمحض إرادتها لقيادة النادي الذي يتشرفون بقيادته، وبلاشك فإن انعدام الثقة بين المدرب واعضاء الإدارة عندما يحدث فهو يساهم بصورة أو أخرى في زعزعة ثقة المدرب في نفسه، ويجعله يعيش في حالة انعدام للتوازن لا تساعده على أداء دوره بالصورة التي ترضيه وترضي مرؤسيه الذين يعملون معه بطريقة طابعها عدم الرضى عن ما يقدمه المدرب المكلف بقيادة الفريق، مما يدل على أن الإدارة قد لجأت إلى هذا المدرب مكرهة وليس عن طيب خاطر .

التدخلات الإدارية معول الهدم

من أكثر السلبيات التي يعاني منها المدرب الوطني وتساهم بصورة مباشرة في بعثرة جهوده وضياع مجهوداته الفنية والبدنية، سماحه للاداريين ورؤساء الأندية بالتدخل في عمله ووضع بصماتهم على تشكيلة الفريق والتدخل في الشأن الفني الذي لاينبغي للمدرب الوطني أن يسمح لأي كائن في التدخل في شؤونه، لسبب وجيه ومقنع وهو أن الأمور الفنية تصبح حكرا على المدير الفني للفريق ولا علاقة لأي شخص أن يتدخل فيها حتى لو كان رئيس النادي الذي تنحصر مهمته في النواحي الإدارية، وتهيئة الأجواء والمناخات الإيجابية للمدرب واللاعبين لأداء ادوارهم الفنية ولأن المدرب الوطني عرف وعلى مدى ازمان عديدة بالسماح للاداريين في التدخل في عمله، وهنالك شواهد كثيرة على ذلك منها تدخلات في لقاءات حسم ونهائيات محلية وقارية ساهمت في ضياع عدد من البطولات التي كانت في متناول اليدين، ولكن التدخلات الإدارية للاداريين غير الملمين بالشؤون الفنية ساهمت في ضياع تلك البطولات ، فضاعت كل المكاسب بين غمضة عين ، ويحدث كل ذلك بسبب ضعف المدرب الوطني وهوانه وخوفه علي منصبه كمدرب للفريق، لأنه يدرك بأنه لو حاول فرض شخصيته ورفض التدخلات الإدارية برغم قناعته بأنها ليست في مصلحة الفريق فهو لامحالة سيواجه مقصلة الابعاد وتبعا لذلك فهو يقبل الأمر مكرها وعلى مضض.

الشللية عامل آخر !

أيضآ من الأسباب الجوهرية التي تساهم في اخفاق المدرب الوطني وعدم نجاحه في النجاح في مهمته بالصورة المثلى ، هي اعتماده على الشللية في قيادة الفريق بتكوين مجموعة معينة من اللاعبين يعتمد عليها المدرب الوطني في التدريبات والمباريات، ونقل الأخبار وتعزيز حظوظه لدى مجلس الإدارة بحكم قربهم من صناع القرار في النادي، وهم يمثلون بالنسبة له حماية كبري تحول بينه وبين الإقالة والتسريح، وتبقي هذه النكهة من اللاعبين هي صاحبة الحظوة في المباريات وظائفهم محجوزة في كل المباريات إن كانوا في كامل الجاهزية أو دون ذلك ، فالخانة محفوظة ولا يجرؤ أي نجم على الدخول فيها مهما كانت جاهزيته أو استعداده البدني والفني، وهذه واحدة من أهم العلل التي يشكو منها المدرب الوطني وتقف حجر عثر في طريق تقدمه ،
واستمراريته وتحقيقه للنجاحات المرجوة من قبل الإدارة ومنسوبي النادي وجماهيره الوفية .

عيون خضراء ولسان معوج … تميز الأجنبي على الوطني !

لأننا كما اسلفت ومنذ عشرات السنين قد كنا ومازلنا نعاني من عقدة الخواجة أبو عيون خضراء ولسان معوج، فإننا سنبقى وحتى إشعار آخر اسيرين لعقدة الخواجة ولن نتحرر منها إلى أن يقضي الله أمرا كان مفعولا ، فلو عدنا إلى الوراء لأكثر من 50 عاما والقينا نظرة فاحصة على كل المدربين الأجانب الخواجات من أولاد (جون) الذين لهفوا كل ثرواتنا في مقدمات العقود التي يسيل لها اللعاب والتي تصل في بعض الاحيان إلى مبالغ فلكية تتحدث بذكرها، فإننا نجد أن مشاويرهم معنا ضربا من ضروب العبث واللامبالاة، ولا أظن أنني أتجاوز الحقيقة لو قلت بأن مقدم العقد للمدرب الأجنبي الواحد يمكنه أن يعادل رواتب ثلاثة مدربين وطنيين للموسم الكامل، هذا بصرف النظر عن المزايا والمخصصات الأخرى التي يتقاضاها المدرب الأجنبي (أبو عيون خضراء ولسان اعوج) وهي تتمثل في الرواتب الشهرية العالية والسكن الفاخر والحوافز العالية للمباريات في حالات الفوز، وكلها مزايا مفقودة لدي المدرب الوطني الذي يقبل على العمل الفني في الأندية بروح الوطنية والغيرة على مستقبل الكرة السورية، والتي تمثل عنده القضية الأهم والأكثر أهمية، وبرغم ذلك نجده يلاقي الإهمال والتجاهل من قبل رؤساء الأندية واتحادات الكرة المتعاقبة ، فإلى متى ستستمر هذه الصورة المقلوبة التي تميز بين الأجنبي وابن الوطن ؟

حالات الطوارئ ماركة مسجلة
باسم المدربين  الوطنيين !

من أبرز الأشياء التي يعاني منها المدرب الوطني وظلت مرتبطة به ويبدو أنها ستبقى لازمة ، و هي أن نقول بأنه قد باتت أدوار الطوارئ مفصلة عليه كقميص عامر، فرؤساء الأندية لاينحازون إلى صف المدرب الوطني الا في الحالات القصوى والحالات الضرورية عندما تحتدم الأمور وتستاء النتائج وتثور ثائرة الجماهير وتقلب المواجع في وجه الإدارة، فتكون الإقالة للمدرب الأجنبي هي الشماعة التي تعلق عليها الأخطاء وينال المدرب الأجنبي المقال مالايقل عن 100 ألف دولار كشرط جزائي وراتب شهرين، ليكون المدرب الوطني هو البديل كمدرب فزعة أو مدرب طوارئ ليقود الفريق في ما تبقي من مباريات الدوري، والتي غالبا لاتتعدى الأسابيع الخمسة أو الستة أسابيع مقابل ليرات لايقمن صلبه وراتب شهري لا يمكن الحديث عنه،  وحتى لو حقق المدرب الوطني النجاح المنتظر في فترة التكليف الأخيرة من عمر المسابقة فإنه لن يضمن الديمومة، وعلى الفور سيتم  تسريحه ورفع الإشارة الحمراء في وجهه على نحو ما فعله الكثير من الأندية، وحتى في منتخباتنا الوطنية،  فإلى متى يبقي الوضع على ماهو عليه ومتى يجد المدرب الوطني التقدير والاحترام من إدارات الأندية واتحادات الكرة المتعاقبة؟ ليصلوا إلى قناعة تامة بأن ابن الوطن هو الخيار الأمثل والدليل أن كل الإنجازات التي حققتها منتخباتنا وانديتنا كانت بصناعة وطنية وفي الكثير من المحافل الدولية.

المزيد..
آخر الأخبار