متابعة- الموقف الرياضي :
من المعروف أن العمل في كرة القدم تكاملي بين ثلاثة أضلاع وهي (إدارة – جهاز فني – ولاعبين)، وتكاملها هو سر نجاح أي منظومة رياضية
رغم اختلاف النسب حول أهمية كل منها، إلا أنه يتبقى دور اللاعب الذي هو الأساس لترجمة جميع الجهود إلى نجاح ينسب للجميع، كرتنا المحلية تعيش أزمة حقيقية في قلة المواهب، على عكس الفترات السابقة التي شهدت نجوما ومواهب كثيرة، لاسيَّما نجوم الزمن الجميل لكرتنا أما في الوقت الحالي فقد قلت الموهبة بشكل ملحوظ، وأصبحت إمكانية الاعتماد على الشباب وتمويل المنتخبات بالمواهب من الأمور نادرة الحدوث.
عوامل
هناك عوامل كثيرة وراء هذه الظاهرة مثل عدم ملائمة مواعيد التدريب مع الدراسة نظرا لعدم وجود اوقات راحة كافية للأولاد قبل الذهاب لموعد التدريب بالأندية، وعدم الطموح من قبل اللاعبين في مرحلة الشباب، وأيضا سعي أولياء الأمور إلى تأمين مستقبل أبنائهم من خلال السفر للخارج لاستكمال دراستهم أو العمل لأي مؤسسة حكومية ليحصل منها على مقابل مادي كبير، وضعف المبلغ الذي يتحصل عليه من النادي بالإضافة إلى أسباب أخرى سيتم سردها في السطور القادمة.
ضيق الوقت
ان غياب الموهبة في الفئات السنية يعود لأسباب كثيرة من أهمها طول اليوم الدراسي أو عدم ملائمة مواعيد التدريب نظرا لعدم وجود وقت كاف للأولاد للراحة قبل الذهاب لموعد التدريب بالأندية بالإضافة إلى أن أولياء الأمور يسعون لتأمين مستقبل أبنائهم عقب انتهاء مرحلة الثانوية من خلال إرسالهم للخارج لتكملة دراستهم، في ظل الشعور الذي ترسخ بداخل نفوس أولياء الأمور وقناعاتهم بأن فرصة الأبناء في الوصول إلى الفريق الأول محدودة جدا بسبب الاستثناءات، بالإضافة إلى وجود ظاهرة تكدس اللاعبين بالأندية الكبيرة وعدم وجود فرصة أمام اللاعبين الشباب للعب بالفريق الأول، مما يؤدي لشعور اللاعب بالإحباط، لذلك نطالب بتطوير الرياضة المدرسية التي تعتبر من العوامل الأساسية في تأسيس اللاعبين الصغار قبل الالتحاق بالأندية، ففي السابق كان لدينا برامج وبطولات كثيرة كانت تساعد اللاعبين الصغار على تطوير موهبتهم.
والبرنامج المدرسي الرياضي ( الحصة الرياضية ) التي تم إلغاءها لم يكن لها دور كبير في صقل الموهبة لعدم وجود برنامج أو منهج واضح للتربية الرياضية، على عكس الدول الأخرى مثل كوريا واليابان، حيث تهتم وتعتمد هذه الدول منهجا رياضيا في الدراسة، ومن ثم يتم اختيار لاعبي المنتخبات من خلال المدارس الثانوية لأن لديهم مناهج.
ثقافة
إن ظاهرة قلة اللاعبين الموهوبين أصبحت تهدد مستقبل كرتنا المحلية ولا تتوازى مع الدعم الكبير الذي يوفره الاتحاد من خلال الاهتمام بإقامة مهرجانات لبراعم الكرة ومحاولة زيادة عدد المباريات التي يلعبها لاعبو الفئات السنية، بالإضافة للدعم المادي الذي يتم توفيره للاعبين الصغار، ورغم ذلك تعاني ملاعبنا من عدم وفرة اللاعبين على مستوى الفريق الأول.. ونشير هنا إلى أن الثقافة الراسخة في أذهان بعض أولياء الأمور بأن يستكمل أبناؤهم الدراسة الجامعية عقب الحصول على الثانوية العامة من أهم الأسباب التي أدت إلى قلة المواهب في ملاعبنا، لاسيَّما أن هذا الشعور جاء عن قناعة كبيرة في الوقت الذي أصبح فيه فرصة المشاركة مع الفريق الأول محدودة، ومن ثم فإن إعادة النظر في الكثير من الأمور لاسيَّما الفنية والمادية من شأنها أن تتيح الفرصة للاعبين الشباب للعب مع الفريق الأول.
ومنتخباتنا الوطنية أيضا أصبحت تعاني من هذه الظاهرة لاسيَّما أن العدد أصبح محدودا وضئيلا، مما دفع المسؤولين للاتجاه إلى اللاعب الجاهز والمغترب وهذا الأمر أثر سلبا، فقد خلق شعورا بالإحباط لدى اللاعبين المحليين بأن فرصتهم أصبحت ضئيلة في المشاركة سواء في الأندية التي أصبحت تعتمد بشكل كبير على المحترفين أو في المنتخبات التي اتجهت للمحترف من الخارج…
انعدام الطموح!
إن انعدام الطموح من قبل اللاعبين، من أهم أسباب غياب اللاعب الموهوب، خاصة في مرحلة الشباب، حيث يفضل اللاعبون السفر للخارج لتكملة الدراسة أو الانتساب لأي مؤسسة حكومية ليحصل منها على مقابل مادي كبير وضعف المبلغ الذي يتحصل عليه من النادي، كما أن المؤسسات المختلفة حيث توفر من المزايا المادية الكثير للعمل بها حتى وهو في مرحلة الدراسة الثانوية أو الجامعية، ومن ثم لا يجد اللاعب ما يشجعه على الاستمرار في كرة القدم لاسيَّما إذا كانت فرص المشاركة مع الفريق الأول محدودة، ومن هنا نطالب بإقامة مسابقة جديدة بعد مرحلة الشباب من أجل تأمين مستقبل اللاعب وتوفير مبدأ تكافؤ الفرص بين كل الأندية، ليحدث التطور في كل الأندية بمستوى واحد يساهم في زيادة قاعدة الممارسين للعبة ويساهم في وجود العديد من البدائل من اللاعبين الموهوبين أمام الأجهزة الفنية للمنتخبات الوطنية المختلفة.