د. خياطة نائب رئيس الاتحاد الرياضي العام: الابتعاد عن المحسوبيات واحترام أصحاب الإنجازات.. بداية الطريق!
رجل رياضي اتصف دوماً بالحكمةو الهدوء.. منذ كان لاعباً في منتخب سورية وناديه الاتحاد بكرة السلة، ليتدرج بعدها في المناصب الرياضية
|
في محافظة حلب إلى أن حط به المطاف أخيراً نائباً لرئيس الاتحاد الرياضي العام، هذا بالإضافة إلى عضوية في البرلمان السوري.. إنه باختصار الدكتور ماهر خياطة الذي يوصف عادة بالرياضي صاحب النفس الطويل، والاتزان والحنكة في تصريحاته الخاصة بكافة قضايا الرياضة السورية حالياً ورؤيته الواقعية لها.. وآفاق ومستقبل تطويرها و لماذا لم تتبلور الصورة الحقيقية في بعض الجوانب..
خياطة وضع النقاط على الحروف في أكثر من قضية طرحتها الموقف الرياضي عليه في هذا الحديث الشامل فقال:
بداية.. تكللت جهودكم بالنجاح ، والقصد هنا خطوات مسار النظام الجديد (تعديل المرسوم 7) خاصة فيما يتعلق بعودة الإشراف على المنشآت إلى المنظمة و كيف ستكون انعكاساتها على الوضع المالي سواء للاتحاد الرياضي العام أم الأندية؟
العمل الرياضي يرتكز على الفكر التخطيطي والاداري و التنظيمي وأدواته التنفيذية، وبناه التحتية من ملاعب وصالات التي تتيح للرياضة إمكانية الممارسة و تمكينه من إظهار امكانياته ومقدراته بظروف واشتراطات فنيةو نوعية.. من هذا المنظور ترسم اتحادات الألعاب عبر كوادرها المعنية المتخصصة، الاستراتيجيات الفنية لوضع ألعابها ضمن خرائط الرياضة العربيةو الآسيوية و العالمية، بعد التأكيد على أن يكون لديها خارطة رياضية تراعي فيها عراقة اللعبة و قوتها وتاريخها، للمساعدة في وضع التصور المناسب لإعداد خارطة للمنشآت الرياضية بما يلبي حاجات الرياضة وفقاً لتكامل الرؤى بين مؤسسات الاتحاد الرياضي، ليكون القرار نابعاً من أهمية ما تقتضيه المصلحة الرياضية النوعية، والتي ستساهم عند عودتها إلى سلطة القرار الرياضي في المرسوم الجديد لإقرار بناء أو تجديد منشأة رياضية تلبي الغاية الأساسية لأجل هذا كان التوجه من أجل إعادة صياغة مرسوم يعيد المنشآت الرياضية إلى الاتحاد الرياضي العام، مع الحفاظ على غالبية المواد المتعلقة بالشق الرياضي في المرسوم /7/ وبناء عليه يبقى التحدي الملح بوضع لائحة تنفيذية تكون الضامن لحسن تطبيق المرسوم بمفاهيم مرنة وموضوعية وواقعية، وتتماهى مع الواقع الرياضي الذي يحتاج إلى قرارات نوعية تتلمس احتياجات الحركة الرياضية وخصوصيتهاوتطبيقها ضمن الأصول القانونية المتبعة سيسد الذرائع لدى المشككين والمتشائمين وستساهم عودة المنشآت لمظلة الاتحاد الرياضي العام باستثمار الميزانية المرصودة في مصلحة تطوير المنشآت المركزية، ومنشآت الأندية التي تشكل أساس اهتمام القيادة الرياضية الطامحة، لجعلها مراكز جذب واستقطاب رياضي واجتماعي و ثقافي ترفيهي، بحيث يتم بناء مطارح اسثتمارية ورياضية ضمن منشآت النادي بشكل حضاري تمكنها من الاستفادة من ريوعها وعائداتها للإنفاق على المتطلبات والاحتياجات الرياضية للألعاب الممارسة فيها، للحفاظ عليها والاستمرار فيها و الارتقاء بها ضمن مفهوم الكفاية المادية، التي تؤمن الصرف على الألعاب و منح الرياضيين التعويضات التي تحافظ على كيانهم الرياضي و الاجتماعي المقبول، بالإضافة إلى الكتلة المالية التي تعنى بالنشاط الرياضي و التي هي بالتأكيد ستكون مختلفة كما كانت عليه سابقاً، لقناعة المعنيين بأهمية الرياضة في بناء الجيل وتقوية دوره بتثميل الوطن في الاستحقاقات الخارجية بالشكل الذي يتمناه كل مواطن يسعد بإنجازات أبنائه ويفتخر بانتصارات فرقه، وبالمحصلة فإننا نتطلع أن يسهم هذا المرسوم في إعادة قراءة واقع الرياضة ورسم الدور الحقيقي لها في بناء المجتمع صحياً و بدنياً وفكرياً، حيث الفئة المستهدفة فئة الشباب والتي تشكل عماد المجتمع السوري ولبنته الأساسية للإنطلاق نحو الحداثة والتطوير و التفوق..
في ظل المطالبات المتزايدة لاستقلالية الاتحادات المالية ما هي إمكانية أن يمنح كل اتحاد استقلالية قراره المالي؟
— فيما يخص العلاقة مع الاتحادات فهي ستستمر دائماً وفق أسس مبنية على الثقة و التفهم العميق لصلاحياتها في إدارة شؤون اللعبة عبر لجانها بما يضمن الانتقال المتدرج والمدروس نحو تطوير ألعابها و هذا لب الاستقلالية، وأما فيما يتعلق بالجانب المادي فسيكون هذا الجانب حاضراً مستقبلاً عندمايتمكن الملاك العددي للاتحاد الرياضي العام في المرسوم المنتظر من توفير الكوادر المالية و المحاسبية المتخصصة التي ستساعد الاتحادات في القيام بأعباء الصرف ضمن الأصول المالية المعتمدة والمقرة بالنظام المالي المعمول به لتكامل عملية القرار الفني و المالي وفق رغبة الاتحادات و تنتفي فكرة سلب الصلاحيات التي غالباً ما شكلت مثار جدل واختلاف في ماهية التطبيق..
نأتي إلى المشاركة المرتقبة في دورة المتوسط ما هي الأسس والمعايير التي استندتم عليها في عملية اختيار الألعاب المشاركة؟
— بالتأكيد إن هدفنا بالمكتب التنفيذي إيلاء الأولوية للاعبي المنتخبات الوطنية وإعدادهم للمشاركات الخارجية بشكل مدروس ودورة المتوسط إحدى هذه المشاركات التي قامت اتحادات الألعاب المشاركة بها بالاستعداد المناسب ضمن الظروف الصعبة والتي حالت إلى حد ما دون تنفيذ برنامج الإعداد بشكل مطلق فكان أن استعاضت عن المشاركات الخارجية بالمشاركة في بعض البطولات والاستحقاقات ولخصوصية المشاركة بهذه الدورة وبهذه الظروف خاصة وأن سورية لم تغب عنها منذ انطلاقتها ويشهد لها التاريخ المشرف حين استضافت نسختها العاشرة باللاذقية 1987 فكان القرار بأن تتم المشاركة بعدد محدود وبالألعاب القادرة على المنافسة والحضور الذي يضمن تمثيل مشرف في ظل هذه الظروف الاستثنائية أملين ألا تصادف البعثة أي عراقيل أو صعوبات بالرغم من التطمينات التي أرسلت من الجانب التركي و اللجنة المنظمة..
الناس تنتظر من الرياضة السورية الشيء الكثير في المتوسط وأنتم كقيادة رياضية ماذا تتوخون من هذه المشاركة؟
— هذا يتوقف على التركيز الذهني و الحالة المعنوية و النفسية التي سيدخل بها اللاعب أجواء المنافسة وجميع اللاعبين أنجزوا استعدادهم الفني بشكل مرض وهم جاهرون للمشاركة ونتمنى لهم التوفيق، وبالنهاية فالتنافس الرياضي لا يمكن التكهن بنتائجه، فقبل عام ترأست بعثتان المشاركة بأولمبياد لندن وشاهدت في الساحات العامة صوراً لأشهر لاعبي المنتخبات الإنكليزية المؤهلين للحصول على الذهب وأذكر منهم لاعب دراجات وكان الأوفر حظاً للفوز لسجله الذهبي وبطولاته الكثيرة و كانت الصدمة بحصوله على المركز /17/؟! لذلك فالتفاؤل والتمني حاضران دائماً في مشاركاتنا الخارجية ولكن قد لا يحالف البعض الحظ و التوفيق و نحن نثق بإرادة وعزيمة ورغبة لاعبينا للتفوق والظهور بمظهر لائق ومشرف.
ماذا عن آخر الكلام عن دورة التضامن الاسلامي بأندونيسيا؟
— هذه الدورة تم تأجيلها إلى أجل غير محدد وأظن أنها لن تقام كونها تأجلت للمرة الثانية بعد أن فشلت ولم تقم بإيران في المرة السابقة ولا يوجد مصداقية ورغبة حقيقية لدى المعنيين في لجنة التضامن الإسلامي لإنجاز هذه الدورة..
كيف يقرأ الدكتور خياطة تحضير المنتخبات الوطنية للاستحقاقات القادمة؟
— نحن دائماً نتطلع لأن تضع اتحادتنا أهدافاً استراتيجية ترسم سياستها الفنية لتحقيقها فبعد إنجاز الدورات المقررة لهذا العام و إنجاز روزنامة البطولات المعتمدة للألعاب كل على حدا، فإننا نتطلع للمشاركة بدورتين هامتين في العام القادمك و هما دورة الألعاب الآسيوية بكوريا الجنوبية وأولمبياد الشباب في الصين ونأمل أن تضع اتحادات الألعاب خططها الفنية والتنفيذية للوصول لهاتين القمتين الرياضيتين بعدد وافر من الرياضيين النوعيين المعدين اعداداً مناسباً ضمن رؤى تحاكي الواقع الصعب للوصول إلى الجاهزية المطلوبة، لاسيما على صعيد الفئة الشابة التي كان لها اهتمام خاص و تركيز من خلال إقامة البطولات الخاصة بهذه الأعمار وسبق أن شاركنا بدورة ألعاب ساخا (روسيا) وحالياً نعد العدة لإقامة أولمبياد الأشبال القطري استكمالاً لمسيرة الاهتمام بالفئات العمرية حتى يتماشى الانتشار الأفقي مع الإرتقاء العمودي.
تشكو معظم الاتحادات من ضعف الدعم و الاهتمام فهل أنتم راضون عما قدمته هذه الاتحادات في الفترة السابقة؟
— من غير المنطقي أن يتم تقييم عمل مؤسساتنا الرياضية ضمن هذه الظروف الصعبة و الكل يعايش ما يجري من أحداث ولاشك بأن الجميع يحاول إنجاز روزنامة نشاطاته الداخلية، ولكن يصطدم بمتغيرات الظروف التي تقيد إلى حد كبير من تحقيق المراد، فعلينا أن نقدر ظروف الجميع وأن نتعاون ضمن إطار الثقة المتبادلة ليتم ربط الجميع بهذه المؤسسة الرياضية الوطنية و التي استطاعت بجهود الكل أن تقدم الحد المطلوب من الطموح والذي تكلل بالعديد من الإنجازات الغالية في المشاركات الخارجية في ظروف صعب تتعرض فيه رياضتنا للكثير من الضغوطات والاختناقات، ولكن الإرادة الصلبة التي يتمتع بها الرياضي السوري ساعدت إلي حد كبير في التفوق وهذا يحتم علينا جميعاً كمسؤولين رياضيين الحفاظ على ما تم إتجازه وتعزيز العلاقات القائمة بين المؤسسات عبر أجواء يسودها الاحترام و التفاهم التكامل.
أين وصلنا في مشروع البطل الأولمبي وهل يمكننا القول بأنه ولد ميتاً؟
— كثير الكلام و بكل المناسبات عن مشروع البطل الأولمبي وأنا أظن أن العمل الرياضي بمضامينه ومفاعيله قائم بشكل مستمر و متواصل على فكرة بناء البطلو هو هدف استراتيجي وأساس عمل المؤسسات الرياضية الفنية وليس مجرد أماني أو أفكار لذا فاستدامة التهج الرياضي النوعي سوف يؤدي بالنتيجة إلى إيجاد اللاعبين المؤهلين للدخول في الساحة الأولمبية، ولن ننسى تأهل ثمانية لاعبين لأولمبياد لندن وهذا نتاج عمل منظم ومشروع إعداد كامل من حيث التحضير و الرعاية و الاستمرارية، مع إصرارنا على أن تستمر اتحادتنا بتبني فكرة البطولات للفئات العمرية بمنهجية و قناعة، بأنها اللبنة الأولى والأحساس لإيجاد أبطال واكتشاف مواهب قادة على التفوق وصولاً إلى المستوى الأولمبي.
إلى متى سيبقى قطاع الرياضة خارج الاصلاحات وقد بدأت مسيرة الإصلاح في مختلف المجالات، ألا تستحق الرياضة نظرة خاصة من قبل أصحاب الشأن على هذا القطاع الحيوي الهام؟
— الاصلاح بلا شك هو مطلب وهدف وممارسة وعندما نتلمس مكامن الخلل و الفساد فلا شك بأنك ستبادر مسرعاً و ملبياً للقضاء عليه وبتره ولكن هناك الفساد الأخطر المتمثل بفساد النفوس والذي يستحيل إصلاحه وهو معول هدام في جسم أي مؤسسة لأنه يعمل بالخفاء وبعيداً عن الأعين ويستتر وراء عدة أشكال وهذا لا يعالج إلا بإعادة صيغة قيمية مبنية على إعطاء كل ذي حق حقه ووضع الشخص المناسب في المكان المناسب و الابتعاد عن المحسوبيات واحترام كل ذي رأي أو إنجاز مهما كان مقداره أما الاصلاح بمفهوم التحديث و التطوير فنحن نجتهد بشكل متواصل لتعديل الأنظمة بما يلبي حاجة التطور الرياضي المتسارعة وفق الإمكانيات المتاحة.
بصفتكم نائباً لرئيس المنظمة وممثلاً لقطاع الرياضة في البرلمان هل ستحظى ألعابنا بمزيد من الدعم والاهتمام والمتابعة لتلتحق بركب القاطعات الأخرى التي تنشد الإصلاح؟
— أنا أحب الفصل بين عملي في المنظمة و بين وجودي ممثلاِ عن قطاع الرياضة وهنا أود التذكير أنني عندما أنجح بعضوية مجلس الشعب أصبح ممثلاً لكافة شرائح الشعب و قطاعات المجتمع وواجبي الحرص على متابعة قضاياهم المختلفة، ولكن قد تكون هموم الرياضة حاضرة دائماً في فكري وأمارس مهمتي في دعمها بالمجلس حين تطرح أي قضية تتعلق بالشأن الرياضي ذلك بموضوعية و منطقية و بالنسبة لعملي كنائب لرئيس الاتحاد الرياضي العام فأنا أمارس صلاحياتي بشكل مطلق وفق قناعاتي و لا أنتظر أن تسند إلى أي مهمة أو صلاحية فأنا مع زملائي جميعاً علينا واجب العمل في المؤسسة الرياضية بإخلاص وتفانٍ وأمانة و تكامل وليس وفق مبدأ تقاسم الصلاحيات واجتزاء المسؤوليات فكلنا مسؤولون عن إدارة هذه المرحلة لأنها رؤيتنا مجتمعين وأنا أؤمن بشكل كبير بالعمل المؤسساتي وهذا الأمر نابع عن قناعتي المطلقة بالعاملين في هذا المجال وبإمكانياتهم التي تجتمع لتحسن الواقع و تقدم المطلوب للنهوض بأعباء الرياضة المتشابكة و المربكة غالباً.
في نهاية المطاف حل من كلمة تود قولها؟
— أود القول ختاماً إن الحكم على تقييم أداء الأشخاص ينبع من منظور العلاقة الشخصية وهذا يعتبر إجحافاً لأنه غالباً ما يعتم الصورة على ماينجز وعلينا جميعاً كمهتمين بالشأن الرياضي أن نوحد أهدافنا للمضي برياضتنا نحو الارتقاء بعيداً عن المسميات و الشكليات التي تساهم بجرنا إلى نفق الخلافات والتناقضات بوقت نحن أحوج فيه ما نريده الحفاظ على وحدة هذه المؤسسة الوطنية و تماسكها في ظروف حساسة بأجواء من المحبةوالألفة، هاجسنا الخلود و العزة للوطن و الذي تحدده دوافعنا الأخلاقية والسلوكية الوطنية..
لقاء- محمود المرحرح – خديجة ونوس