غانم محمد-الله على أيام الثمانينات عندما لم تكن هذه الأغنية التي شدا بها مطربنا المحبوب عصمت رشيد متفاعلاً
مع حالة الألق التي امتدت من تصفيات كأس العالم في المكسيك 1986 والتي وقفنا على بعد خطوة واحدة فقط من نهائياتها إلى ذهب المتوسط في اللاذقية 1987 إلى وصافة ذهبية لكأس العرب الأقوى في عمّان 1988 قبل أن يبدأ الانحدار وتبدأ الحسرة بالتضخّم فينا شيئاً فشيئاً إلى أن بلغت ذروتها في النصف الثاني من التسعينات وبداية الألفية الثالثة حتى ظننا أنّ الخروج من هذا القحط الكروي أصبح ضرباً من المحال, ولكن.. ولكن وليحسبها البعض كما يحلو له كان هناك ومنذ بضعة سنين محاولة إعادة إعمار للكرة السورية بدأت بانتخاب الدكتور أحمد جبّان والاتحاد الحالي لقيادة اللعبة, هذه القيادة الكروية التي أصرّت على تنفيذ ما رسمته رغم الانتقادات الكثيرة التي واجهتها وما تزال وخاصة في الجبهة الداخلية ولكن ما يُحسب لهذه القيادة هو صبرها الكبير وإصرارها المتنامي على الذهاب بعيداً في هذه المحاولة مقتنعةً أنه لمن اجتهد ولم يصب أجرٌ ولمن اجتهد وأصاب أجران فكان مشروع المنتخبات الوطنية واضح المعالم رغم بعض الجلطات هنا وهناك…
أمتدح اتحاد الكرة.. نعم, ولا ضير في ذلك لأنه أسس لمرحلة العودة إلى الساحة ومن يعتقد غير ذلك فإنه ينظر بعين واحدة والحمد لله أن الله سبحانه وتعالى حبانا بعينين ونرى الأمور بكلّ أبعادها ولا نبني هذه المقدمة على نتيجة واحدة نعرف أنها كانت تأتي سابقاً ولكن نبني طرحنا على مقدمات كثيرة بدأنا نجني فوقها ثمارنا الكروية, وسواء تأهلنا إلى النهائيات العالمية أم توقّفت بنا المحاولة عند الدور الثاني من هذه التصفيات أو حتى عند مجرّد المنافسة على تجاوز هذه المجموعة فإن الزرع كان طيباً والحصاد بإذن الله سيكون أطيّب..
بهذه (النفسية المرتاحة) وبهذه المعنويات العالية نتجه يوم الأربعاء القادم إلى ملعب العباسيين بدمشق لاعبين ومدربين وإداريين وجمهوراً وإعلاماً يغمرنا الأمل برؤية منتخب يتكئ على هذه المقدمات ويحاول من خلال تفهّم تفاصيلها أن يؤكد أنّ ما حققه المجد والطليعة عربياً, وما يحققه الكرامة والاتحاد آسيوياً, وما بلغته منتخباتنا الناشئة عالمياً لم يكن مجرّد صدفة سعيدة, بل كان امتحاناً ناجحاً لمنهاج طويل الأمد آنَ أن يوقّع الجميع في نهايته على نجاحنا فيه وتجاوزه بتفوّق..
محطّة العباسيين أمام المنتخب الإماراتي صعبة وقوية ولكن ثقتنا بلاعبينا ومن يقودهم كبيرة والعلم الأغلى سيرفرف فوق الجميع كأقوى ما يكون الحافز للاعبينا في هذه المباراة..
المداخل الصحيحة
لأن الوقت مازال ملك أيدينا فإن احتمال أن يطلّع لاعبي المنتخب على هذا التقديم لمباراتنا مع الإمارات قائم, وأتمنى أن يسمح لهم الجهازان الإداري والفني بذلك, فربما يجدون فيه ما يقوّي عزيمتهم أم ما يضعهم أمام حرارة انتظارنا لفوزهم وإن لم يكن ذلك فأتمنى على الجهاز الفني أن يفعل ذلك.
في الملعب كلّ شيء قد يتغيّر, وقد تُنسَف المقدمات النظرية برمّتها ومع هذا فإن العزف على وتر الحالة الوطنية التي نعيشها من جميع النواحي ومن ضمنها الرياضية سيكون جميلاً والإنسان السوري أياً كان موقعه مخلصٌ للغاية, متفانٍ إلى أبعد الحدود, يتوضّأ بحبّ الشام ويتخذ من ترابها سجادة صلاة وينسى في سبيل حبّها كلّ التفاصيل الأخرى أما في حبّه لها فيتمسّك بكلّ تفاصيل هذا الحبّ..
أنتَ تحبّ بلدك, فاعمل إذاً من أجل رفعته, حاول وإن لم يكتب النجاح لمحاولتك فقد سُجّلت هذه المحاولة في أرشيفك الوطني الذي تعتزّ به, العب, واجعل كلّ من في الملعب أو كلّ من يتابع عبر الشاشة أن يهتف: سورية.. سورية..
بإمكانك عزيزي لاعب المنتخب أن تسرق شعاعاً من الشمس وتضيء به قلوب الجميع حبّاً وفرحاً, وبإمكانك أن تكون ذلك السفير الذي يقدّم أوراق اعتماده أمام عشرين مليون سوري, وبإمكانك أيضاً أن تكون أغنية يحفظها أبناؤنا عقوداً طويلة كما حفظنا أغنية أبو صياح لطاطيش والنانو وأواديس والسلطجي منذ السبعينات وحتى الآن وكما حفظنا أغنية عصمت رشيد منذ الثمانينات وحتى الآن.. ألا تحبّ أن تكون أغنية?
عزيزي لاعب منتخبنا الوطني: الأربعاء وأنتَ تقبّل بساط ملعب العباسيين الأخضر متجهاً نحو القبلة راجياً الله التوفيق انظر في عيون من سبقوك إلى مدرجات الملعب وحاول ترجمة اللهفة فيها إلى ما جاءت من أجله وهو الفوز.. لن يكون ذلك صعباً لأنك بالأساس جئت من أجل هذا ولأنك بالأساس تسلّحتَ بعد إيمانك بالله بحبّ الوطن, ونحن الوطن, جئنا ممثلين له في هذه الموقعة وشاهدين على فوزك يا صديقي..
أردنا كرة القدم حبّاً وعشقاً, وأرادتنا كذلك وأنت يا لاعب المنتخب صلة الوصل بيننا وحرام عليك أن تنهي قصة حبّ حقيقية..
اتكلوا على الله والتفتوا إلينا وسيكون كلّ شيء كما نحبّ وتحبّون بإذن الله والفوز على منتخب الإمارات في متناولنا إن شاء الله وسنبيّن لكم أسباب تفاؤلنا فيه.
في التفاصيل
كرة الإمارات نعرفها جيداً ونحفظها عن ظهر قلب على مستوى المنتخب وعلى مستوى الأندية وعلى مستوى اللاعبين هنا وهناك, وبالتالي فإن التعامل مع من تعرفه أسهل بكثير من ذلك الذي تجهله, وهذه المعادلة تقبل العكس أيضاً لأنهم يعرفوننا بالقدر الذي نعرفهم وهنا تبدأ اللعبة التي نتمنى نهايتها لصالحنا..
في ملعب العباسيين سنتفوّق على الإمارات من خلال العوامل الآتية:
< كلّ حبّة تراب في ملعب العباسيين وكلّ عشبة في بساطه الأخضر ستحفّز لاعبينا وتذكرهم أنّ الملعب ملعبهم وأنّ من يهدر على المدرجات إنما يفعل ذلك من أجلهم.
< لن يصفّر أحدٌ لكم وأنتم تدخلون ملعب العباسيين بل الجميع سيهتف لكم وهذا سيعطيكم زخماً معنوياً كبيراً يريح أعصابكم قبل أن تبدأ المنازلة الكروية.
< أينما التفتّم في الملعب ستجدون علم سورية الغالي والطوفان الأحمر سيغطي ملعب العباسيين وستعرفون أن عشرات الآلاف لم تجد مقعداً لها على المدرجات وهذا يذكركم أيضاً بقصة الحبّ التي أشرتُ لها.
< ستجدون على المدرجات أيضاً قيادتنا السياسية والرياضية وهذا سيذكركم بمدى الاهتمام الرسمي بكم وبضخامة المهمة الوطنية الملقاة على عاتقكم.
< وستسمعون الآه من حناجرنا مع كلّ فاصل كروي جميل وعبارات (معليش شو صار سورية متل النار) إن ذلّت قدم أحدكم لوهلة لا قدّر الله.
فنياً
ربما يأخذ البعض على تحضيرات منتخبنا لهذه المباراة تأخّر المعسكر إلى ما قبل يومين بسبب الزحمة محلياً وعربياً وآسيوياً وغياب أي مباراة ودية بعد مباراتنا مع إيران وهذا أمرٌ قد يسبب بعض القلق لنا كمتابعين ولكن من تابع لاعبي المنتخب في مباريات الدوري وفي مشاركات فرقهم العربية والآسيوية يستعيد الطمأنينة لأن لاعبي منتخبنا يقدمون بشكل جيد وهذا معناه أنهم بألف خير ولا خوف عليهم في هذه المباراة والأيام القليلة الباقية ستذكّرهم سريعاً بما هم مقدمون عليه وسيكون كلّ شيء على ما يرام بإذن الله.
ثمة تحولات في منتخبنا كنّا قد أشرنا لها بعد مباراتنا في إيران وأهمها التركيز الدفاعي العالي والتعامل الواثق من قبل لاعبي دفاعنا مع حالات الضغط عليه واعتبار نفسه بداية خطّ الهجوم وهذا الأمر أكسب منتخبنا جرعة فنية كبيرة ساهمت بقدر كبير في العودة من طهران بنقطة التعادل وستكون الأساس الذي يُبنى فوقه الفوز القادم على الإمارات والدور المطلوب من هذا الخطّ أن يضيف لما قدّمه في طهران مساندة أكبر خلف خطّ الوسط والذي عليه بدوره أن يتمسّك بالمهمتين الدفاعية والهجومية كما كان في طهران (وزيادة حبتين) لأن مساهمة هذا الخطّ في الطلعات الهجومية قد تترك مساحات في نصف ملعبنا يجب على الدفاع أن ينتبه لها ويناوش لاعبي هجوم الإمارات إلى حين عودة لاعبي وسطنا وإيجاد الكثافة العددية التي تحبط محاولات الأشقاء, وبالوقت ذاته يستعيد منتخبنا المبادرة في التأسيس لمحاولة جديدة أما هجوماً فأعتقد أن خطّ هجومنا بحال جيدة قياساً لما شاهدنا عليه لاعبي هذا الخطّ مع أنديتهم وبصراحة أيضاً هناك أمان بين الأخشاب نأمل أن يستمر..
على الطرف الآخر ومن خلال متابعتنا لمنتخب الإمارات فهو قويّ جداً في المواقع الأمامية في وسطه وهجومه ويجيد تنويع اللعب وتسريعه والتحكّم بتفاصيله ويُحسب له نجاحه في عكس الكرات عبر الأطراف وفي الاستقبال الجيد للكرة أمام مرمى الفريق المنافس وألعاب الرأس والتسديد من بعيد ولكن كلّ هذه المزايا تُعطّل إذا ما كان منتخبنا على ما يرام ويضيّق المساحات على لاعبي الإمارات وهذا هو المرجو..
التفاصيل كلّها أو النسبة الأكبر منها ستكون في وسط الملعب, وعلى هذا الأساس فإن نجاح المدرب فجر إبراهيم بوضع التشكيلة المناسبة في هذا الخطّ تحديداً سيقدّم بنسبة كبيرة لفوزنا, مع التذكير بأن لاعبي وسط الإمارات يمتازون بالبنية الطويلة والقوية والسرعة الزائدة ويتفوقون على لاعبي وسطنا بدنياً (نسبياً) وهذه هي ثغرة المباراة الوحيدة ومع هذا يمكن سدّها إذا ما كان يونس سليمان بوضع جيد.
مسألة أخرى قد تلغي دور وسط الإمارات وهي نجاح مهاجمينا باستمرار الضغط على دفاع الإمارات (الضعيف بعض الشيء) وهذا خيار قد لا يكون له بديل.
البديل الجاهز
قد تشهد المباراة تقلبات غير متوقعة من حيث النتيجة أو المجريات, وقد يتوتّر لاعب في هذا الخطّ أو ذاك لذلك أرجو أن يكون التركيز على الجميع متساوياً وأن يكون البديل بمستوى الأساسي وأن يكون مهيئاً نفسياً للمشاركة في أي لحظة وأن يتابعوا تفاصيل ما يحدث أمامهم حتى إذا ما نزلوا الميدان اندمجوا مع هذه المجريات فوراً دون أن يضيّعوا أي ثانية من تواجدهم في الملعب.
على بركة الله
كما نقول دائماً: الملعب ملعبنا, والجمهور يصدح بألوان علمنا, هم 11 لاعباً في الملعب ونحن مثلهم, هم الخائفون من هذا الجمهور ونحن الذين يجب أن نقوى به, والحلم عندنا قد يفوق حلمهم لأنهم تذوقوا نهائيات كأس العالم ولم نفعل ذلك.. إذاً على بركة الله جددوا التمسّك بهذا الحلم والتوفيق من ربّ العالمين, ولا تنسوا أننا نحبكم, نقدّركم وسنطير فرحاً بفوزكم فلا تظلمونا