اختيار المدربين بين الاستقرار و القلق

متابعة – أنور الجرادات..تخلو أنديتنا المحترفة وباقي أندية الدرجات الأخرى من وجود لجان استشارية فتية تقوم بدورها في وضع التصورات المدروسة لفرق كرة القدم خاصة فيما يتعلق بتحديد الخيارات التدريبية التي تتناسب مع تطلعات الفرق وتضمن المحافظة على استقرارها.


وتعاني فرق كرة القدم في كل موسم من مغبة غياب الاستقرار الفني بسبب استمرار الأخطاء في اختيار المدربين وطريقة تعيينهم التي تكون قائمة أحياناً على المزاجية أو على العلاقات الطيبة والمصالح المشتركة تجمع المدرب بمجلس الإدارة دون مراعاة لقدراته الفنية وما قد يقدمه للفريق من إضافة.‏


تعاقدات كثيرة‏


في المواسم الماضية وحتى الموسم الحالي سجلت بعض أنديتنا رقماً قياسياً في عدد التعاقد مع المدربين، فمنها من تعاقد مع مدربين اثنين أو ثلاثة في الموسم الواحد وهذا الحال يكشف حالة التخبط والمزاجية في اتخاذ القرارات ومدى تراكم الأخطاء والإصرار على استمرارها دون وجود بوادر للتعلم من دروس الماضي.‏


فالواقع الصعب فرض على كثير من الفرق أن تتذوق مرارة التراجع على صعيد الأداء والنتائج لتصاب الجماهير بالإحباط في الوقت الذي ازدادت فيه الضائقة المالية للأندية فكثرة تغيير المدربين لها ثمن باهظ في عصر الاحتراف.‏


ثلاثة أمور للاستقرار‏


الاستقرار في كرة القدم مقسم إلى ثلاثة أقسام : ( إداري – اقتصادي – فني ) وكل منهم له دوره الحساس في تشكيل أساسيات هرم النجاح، بداية من اختيار إدارة قادرة على وضع خطة تقود النادي لطريق الإنجازات مع وجود سيولة مادية وقوة اقتصادية تلبي حاجات المدير الفني لتتويج أفكاره إلى واقع ملموس نهاية بطاقم فني يكون هو الربان في أرض المعركة .‏


فالاستقرار الإداري يعد الركيزة الأساسية في تحقيق النجاحات، فوجود مجلس إدارة لديه من الوعي الرياضي والاقتصادي ما يؤهله ليكون المفتاح السحري لبلورة احتياجات المدرب من لاعبين وطاقم فني وإداري و طبي، كما أن العلاقات الطيبة مع الصحافة الرياضية تكون عاملاً مهماً في مساعدة هذه النتائج، كما أن وجود الشفافية في إدارة شؤون النادي يعطي كثيراً من الثقة بين أعضائه ناهيك عن تصفية الشؤون الشخصية لبناء قاعدة قوية تستمر سنوات وسنوات، أضف لذلك وجود عين ثاقبة لاختيار مدير رياضي ذي حنكة في تسيير المفاوضات وجلب أبرز اللاعبين المطلوبين واكتشاف أبرز المواهب الصاعدة من أبناء النادي.‏


وإن كان الاستقرار الإداري هو قاعدة الهرم فإن الاستقرار الاقتصادي هو القلب النابض له خاصة مع وجود سيولة كافية لتمويل صفقات من العيار الثقيل لجلب أبرز اللاعبين ورفع جودة الفريق وهنا القصد أن يكون بين أعضاء إدارة النادي رجال أعمال يملكون مشروعاً تسويقياً يخدم النادي من خلال إيجاد مدخول مالي ثابت وشبه دائم وهذا الأمر يعطيك تصوراً عن مدى أهمية هذا الدور، فكيف لنادٍ يرفع جودته ويسد كل احتياجاته دون جلب ما يريد من لاعبين ؟ هنا تظهر عبقرية المسيرين للشؤون التسويقية والفاهمين ببواطن الأمور المالية وكيفية جلبها بشكلها الصحيح والقانوني ولنا في الأمثلة بأنديتنا ما يكفي فأندية الكرامة والوثبة ومعهم الاتحاد دليل واقعي وملموس من خلال رؤساء الأندية الذين تناوبوا على قيادة هذة الأندية ( والعز) الذي عاشته في أيامهم وجميعنا لا ينكر هذا الأمر.‏


أما من ناحية الاستقرار الفني فالطاقم الفني لا يقل قدراً عن أي طاقم موجود في هرمنا، فهو باكورة تتويج المجهودات السابقة في أرض الملعب كوجود مدرب كبير ذي حنكة تدريبية وعلى دراية بأسلحته اللازمة لحصد الألقاب لاستمرار النجاح، كما أن دوره الكبير في تجهيز الفريق نفسياً وإبعاد الضغوطات عن لاعبيه عامل رئيسي للوصول إلى قمة العطاء وجني ثمار عمله طوال الموسم مع سيطرة كاملة على اللاعبين مع حفاظه على صفاء الأجواء مع أبنائه اللاعبين وإبعاد الانقسامات بينهم مع إعطاء طابع تكتيكي فريد وإيجاد الحلول خلال المباريات لقلب الموازين وجلب انتصار وراء آخر.‏


وكل ما ذكر وما ورد وبالكامل ينطبق تماماً وكاملاً على منتخباتنا الوطنية والاستقرار على الكوادر الفنية الذي ننشده ونطالب فيه ويكفي ما حدث ويحدث معنا وربما يحدث إن بقينا على عقلية عملنا الحالية والمتبعة، فعلينا أن نعتبر عسى ولعل .‏

المزيد..